بقلم -مدحت بشاي السبت , 03 سيبتمبر 2011 06:03 «الحزن يطرد بهجة العيد من بيوت شهداء الحدود» كان المانشيت الرئيسي لجريدتنا «الوفد» لعددها الصادر ثاني أيام عيد الفطر المبارك.. نعم وأضيف إليهم حزانى بيوت شهداء كنيسة القديسين ومن قبلها شهداء نجع حمادي وبيت الشهيد خالد سعيد والشهيد سيد بلال، وكل بيوت شهداء ومصابي ثورة اللوتس البديعة، فجميعهم ضحايا نظام عنيد غبي.. والحزن مصدره بحث أهل كل تلك البيوتات عن موعد قريب لتحقيق القصاص العادل السريع.. نعم البحث بهمة عن الجاني المجرم القاتل استجابة لثورة شعب قدم قرابين الفداء على مذابح الحرية. احتفالاً بعيد الفطر المبارك تجاوز الناس مؤقتاً أحزانهم على شبكة التواصل الاجتماعي Facebook، ويواصل شبابنا إبداعاتهم الساخرة عبر مشوار كانت بدايته ميدان التحرير.. أستأذن القارئ لعرض بعض طرائف تعليقات أصدقائي دون الإشارة للأسماء، وأستأذنهم أيضاً في نقل أهمها. لأول مرة من 30 سنة العيد مبارك من غير مبارك.. عيد جنان من غير سوزان.. عيد حلال من غير جمال.. ونعيش سعداء بدون علاء.. نأكل بط ووز من غير أحمد عز.. نأكل خفيف من غير نظيف.. نشرب اللي نحبه من المشاريب من غير غالي ولا حبيب.. كل سنة وأنتم طيبين التليفزيون المصري لمدة 30 سنة بيقول عيد مبارك والآن يقول عيد سعيد يبقي اكيد سعيد حايبقي رئيس الجمهورية.. وده تمهيد له علشان يبقي في اذهان الشعب! سعيد وبس.. سعيد علي طول.. وحياتنا كلها هتبقي سعادة في سعادة.. ودي بس شروط ترشحة للرئاسة! النشيد الوطنى أكيد هيبقى اضحك اضحك ليه تتضايق وتزعل وتغضب اضحك دايما وافرح والعب.... احنا اتباركنا 30 سنة نسعد بقي 4 سنين ويمكن 8 وكله بالتساهيل. كما صرح أحد الأساقفة أن تاييد مبارك من الإنجيل لأنه مبارك شعب مصر!!! سيصرح مرة اخري ويقول علي راي المثل «من جاور السعيد يسعد». نا فداك يا سعيد... الله معاك ومعاك قلوبنا.. علشان كده احنا اخترناه.. عجيب كان شأن ميادين التحرير على أرض المحروسة، وعبقري كان شعبنا في أيام الثورة الأولى، لم يكن من الغريب أن يثور ويرفض ويُسقط رموز نظام فاسد.. لقد قالوا أنه شعب به نسبة عالية من بشر جهلوا رسم حروف الكتابة، وعجزوا عن فك طلاسم معاني الكلام على ورقه، فكيف لهم أن يفكروا في القيام بثورة.. رددوا أن النظام الأخير الذي امتد حكمه بهذه التباتة الرذيلة أكثرمن 30 سنة قد خلف في النفوس والعقول ببجاحة ووقاحة متسلطة غبية الكثيرمن قناعات الرضا بالمهانة، وعند اليأس والقنوط يدفعون من أعوازهم 10 ملايين جنيه سنوياً إلى الدجالين والمشعوزين والذين يتاجرون بأدياننا المقدسة، فكرسوا لديهم حلولاً متخلفة كثيرة ليس من بينها أن يثوروا.. ولكن فعلها شعبنا العظيم، بل وقدموا في 18 يوماً نموذجاً عبقرياً مبهراً لثورة وثوارا شملتهم روح البهجة والسخرية والانتماء فواجهوا بصدور مكشوفة جحافل نظام بغيض بشجاعة وبتلاحم وطني هائل بين كل الأطياف، وباستخدام آليات معاصرة باقتدار وحرفية.. وتابعنا في ميادين المحروسة ما يمكن أن يُطلق عليه مسرح الشارع، وأتيليه الميدان والحضور الفولكلوري من أجل رحيل الرئيس المصري حسني مبارك رافعين شعار «لو كان عفريت كان انصرف».. في إصدار جديد لشاب مبدع من ميدان التحرير الكاتب الصحفي الساخر روبير الفارس يجسد بحروف لها من النزوع العبثي ما يؤهلهلها للتعبير عن حالة التوهان التي كانت عليها أحوال البلاد والعباد ما قبل ثورة يناير فيما يخص علاقات الناس فيما بينهم، وعلاقتهم بالحكومة وكل مؤسسات الدولة الاجتماعية وأيضاً الدينية والإعلامية.. فقط أختلف مع الكاتب أن يذكر على الغلاف أنه عمل من الأدب الساخر، وكنت أفضل ترك شأن التصنيف من قبل النقاد والقراء.. الكتاب من القطع الصغير بعنوان «سنة أولى ديمقراطية.. مستوى غليظ»، ولعل تصميم الغلاف بسذاجة طرحه ومباشرة فكرته وافتقاد حرفية الرسم والتلوين ماقد يقلل للأسف من فرص الانتباه لذلك الإصدار البديع، الذي قدم بقراءة واعية تشخيصاً ساخراً بحروف عبثية التركيب، غريبة التكوين، ومتفردة الصياغة بجرأة عودنا عليها القاص والروائي الشاب.. كتب المؤلف على غلاف الكتاب الأخير ساخراً «هذا كتاب فريد وضعه نخبة من رجال التاريخ والنميمة والعمل الثوري وقد استعانوا بخبرة كل من عم دسوقي أبو إحسان الضايعة البواب الذي استطاع أن يتبادل الأدوارمع ساكني برج الحامل، ولا يمكن أن ننسى الإضافات القيمة التي وضعتها زينب وجدي الراقصة المشهورة عند مراجعة المسودة الأخيرة من هذا الكتالوج بما لها من باع طويل في كتابة المذكرات الشخصية والتي كشفت فيها عن المواصفات الجسمانية والشخصية والفحولية لعدد من المسئولين الكبار فلها التحية والشكر والنقطة، أيضاً لأننا لا نقبل عرق النساء المعطر... إنني أتفق مع غسان كنفاني وهو ممن كتبوا المقالات الساخرة التي كانت تصدر في ملحق الأنوار لمجلة الصياد يقول في تعريفه للكتابة الساخرة «إن السخرية ليست تنكيتاً ساذجاً على مظاهر الأشياء، ولكنها تشبه نوعا من التحليل العميق». إن الفارق كبير بين حريف إطلاق النكات والكاتب الساخر،، فللكاتب الساخررؤية ومنهج فكري موضوعي لتطوير وتحديث وطنه، عبرفضح وتعرية مناطق القبح، وهو ما نجده في أدب الفارس الممتع للقارئ.. الأدب الساخر في النهاية ثورة يعلنها الأديب على كل صنوف التخلف الفكري والثقافي والعلمي، وصولاً في النهاية لتقديم كتالوج بديع للوطن يتشارك الجميع في وضع مواصفاته.. ولأن الشاعر الحقيقي يستشرف بعيون الولاء مستقبل بلاده فقد أنشد نزار قباني قبل الزمان بزمان، وكأنه يعايش رياح ربيع الثورات العربية.. ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة / ويفقأون أعين الأطفال بالوراثة ويكرهون الورق الابيض، والمداد، والاقلام بالوراثة. واول البنود في دستورها: يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الإنسان. [email protected]