تنطلق بعد غد أكبر انتفاضة من موظفي الدولة اعتراضاً على تطبيق قانون الخدمة المدنية، يقودها موظفو الضرائب والجمارك من العاملين بوزارة المالية، حيث ينظم الموظفون إضراباً موسعاً عن العمل يوم 10 أغسطس الجاري لإعلان مطالبهم ضد القانون الجديد، وضرورة إيقاف العمل به فوراً وتعديله. يأتي إضراب العاملين بعد يأسهم في التوصل إلى اتفاق بشأن إرجاء تطبيق قانون الخدمة المدنية، رغم كل محاولتهم البائسة مع مسئولي الحكومة بدءاً من وزير المالية هاني قدري دميان مروراً برئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب، ووصل بهم الأمر إلى حد مراسلة رئيس الجمهورية !!.. ولم يستجب وزير المالية أو رئيس الوزراء لمطالب العاملين، بل حاول كل منهما وأد ثورتهم ضد القانون الجديد بمنعهم من الاستمرار في الحشد لتنفيذ إضرابهم. جاءت محاولة وزير المالية من خلال عقد اجتماع الأسبوع الماضي بمقر الوزارة مع عبدالمنعم مطر رئيس مصلحة الضرائب والدكتور مجدي عبدالعزيز رئيس مصلحة الجمارك، في حضور رئيس النقابة العامة للعاملين بوزارة المالية والضرائب والجمارك مجدي شعبان، وحاول الوزير خلال الاجتماع احتواء غضب العاملين، وذلك من خلال التوصل إلى صيغة بشأن اعتراضات العاملين على الهيكل الجديد للأجور، واقترح الوزير خلال هذا اللقاء عمل حافز إضافي عند تحقيق 115% بواقع 100% من راتب 30 يونية 2015، إلا أن هذا الاقتراح لم يجد استحسان العاملين، حيث إنه من الصعب في ظل الظروف الحالية تحقيق معدلات تفوق 100% من المستهدف تحصيله. أما رئيس الوزراء فقام بزيارة مفاجئة لاجتماع وزير المالية مع كوادر وقيادات المصالح الإيرادية العامة التابعة لوزارة المالية وهي الجمارك والضرائب العامة والمبيعات والضرائب العقارية من كل المناطق المركزية على مستوى الجمهورية، ووجه رئيس الوزراء خلال هذا الاجتماع رسائل غير مباشرة للعاملين مفادها تقدير جهدهم ولكن في نفس الوقت مطالبتهم ببذل المزيد من هذا الجهد قائلاً: «إن رجال الجمارك والضرائب يؤدون دوراً متميزاً ووطنياً، ومهما تكون أمامهم الإغراءات فلن تقل عزيمتهم أو يتهاونوا في أداء الواجب، مشيراً إلى أنهم حماة المال العام ومن يكسب ويحقق أرباحاً لابد أن يدفع حق المجتمع في هذا الربح والمكسب، مشدداً على ضرورة توخي العدل وعدم الظلم في تحصيل حقوق الخزانة العامة». وما بين شائعات اتهامات الأخونة لمنفذي الإضراب ونفي وزارة المالية إطلاق تلك الاتهامات، اعترف هاني قدري وزير المالية بأن العاملين بالضرائب والجمارك أكثر من تضرر في زيادات أجورها من تطبيق قانون الخدمة المدنية الجديد، رغم مدى الجهد الذي يبذلونه في تحقيق إيرادات الدولة، قائلاً إن تعظيم الحصيلة سيقابل بعائد مجز للمجتهد فقط دون غيره. وتحدى وزير المالية مطالب العاملين مؤكداً أن قانون الخدمة المدنية له أهمية قصوى في استقرار الاقتصاد من خلال ضبط الأجور، لافتاً إلى أن جملة الإيرادات العامة التي تحصلها المصالح الإيرادية للدولة لا تتجاوز مستوى 422 مليار جنيه وهذه الحصيلة لا تغطي الأجور وفوائد الدين العام، حيث تحتاج الموازنة 40 مليار جنيه أخرى لتغطية هذين البندين، مما يؤكد أهمية قانون الخدمة المدنية -على حد قوله-. ويؤكد العاملون الداعون للإضراب أن قانون الخدمة المدنية يجمد حوافز الموظفين عند 30 يونية 2015، مما يعرض زياداتهم السنوية إلى انخفاض كبير يتراوح ما بين 75 و80%، لتنحصر الزيادات في معدل 5% أي ما يعادل 50 جنيهاً فقط !!. مما أصابهم بصدمة نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة والأسعار، رغم مسئوليتهم في تحقيق 422 مليار جنيه في الموازنة العامة للدولة، في حين لا يحصلون على ما يتناسب مع معدلات إنتاجيتهم. وحدد العاملون مطالبهم في إرجاء العمل بقانون الخدمة المدنية لمدة عام، لحين وضع آلية جديدة لتنفيذه، وفتح باب الحوار حوله، حيث إن هذا القانون سيتم تنفيذه على الإدارات المحلية والوزارات غير الإيرادية ولا يتفق مع طبيعة عمل موظفي الضرائب والجمارك من الناحية المالية، ويركز على تصفية العمالة من الناحية الإدارية. كما يطالب العاملون بالعمل فوراً على إنشاء هيئة اقتصادية تتولى تحصيل الموارد السيادية للدولة، تكون بعيدة عن قانون الخدمة المدنية، وعلى نهج الهيئات القضائية وغيرها من الهيئات العامة التي تخرج عن نطاق قانون الوظيفة المدنية، مع ضرورة وضع نظام أو أكثر لتحفيز العاملين بتلك المصالح تعويضاً لهم عما أصابهم من خفض في دخولهم خلال شهر يوليو 2015 على أثر تطبيق القانون.