غضب شديد أجتاح الأوساط الصحفية عقب صدور قانون مكافحة الإرهاب الجديد، الذى نصت المادة ال33 منه بالمعاقبة بالحبس الذى لا تقل مدته سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أى عملية إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقرره فى هذا الشأن. واعتبر البعض أن هذه المادة جاءت مخالفة للمادة 71 من الدستور المصري الذى استفتى عليه الشعب فى 2014، ونصت المادة على حظر أي رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها فى وقت الحرب أو التعبئة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية. وللوقوف على دستورية تلك المادة ومدى تأثيرها على حرية الصحافة أو تقيدها للعمل الصحفى وما الذى يجب أن يسلكه الصحفيون كمسلك قانونى لضمان المحافظة على حقوقهم وحرية مهنتهم، رصد الوفد أراء خبراء أساتذة القانون الدستورى فى عدد من الجامعات المصرية لتوضيح القانون وكشف الستار عن ماهية تطبيقة. فى البداية قال الدكتور ثروت بدوى، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، أن جميع القوانين التى تصدر الآن فى مصر أصابته بالإعياء نظرًا لأن جميعها مخالف للدستور وللقانون والمبادئ الدينية والأخلاقية والمواثيق العاليمة التى وقعتها مصر. واوضح بدوى، أن العوار الدستور ليس فقط فى المادة 33 من قانون مكافحة الإرهاب والذى يخص الصحفيين، وإنما فى جميع مواد القانون، معتبرًا أنه لا يوجد فى المواثيق والقوانين ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب، مكملًا بقوله" أومال قانون الأحوال الجنائية دا بيعمل ايه" . وبدوره اعتبر الدكتور فؤاد عبدالنبى، أستاذ القانون الدستورى بجامعة المنوفية، أن المادة 33 من قانون مكافحة الإرهاب جاءت خارقة ومنتهكة للمادة 71 من الدستور الذى تم الاستفتاء عليه عام 2014، والتى أوصت بحظر فرض الرقابة على الصحف أو توقيع عقوبة سالبة للحرية. وأوضح عبدالنبى، أن قانون مكافحة الإرهاب أعاق حرية الصحافة أيضًا من خلال انتهاكه ل45 قانون من باب الحقوق والحريات، بالإضافة إلى انتهاكه للمواد التى تنظم حرية الصحافة ومنها المادة 211 و212 و213 و71 و72. وأشار أستاذ القانون الدستورى، إلى أن نقابة الصحفيين إذا اعترضت على هذا القانون لا يمكنها أن تتقدم إلى المحكمة الدستورية لأن ذلك يخالف المادة 192 من الدستور والذى ينص أن رقابة المحكمة الدستورية لاحقة، موضحًا أن النقابة عليها إما مخاطبة مجلس الوزراء أو التقدم بمذكرة إلتماس للمشرع بمجلس الدولة، وذلك وفقًا لقسم الفتوى بالمادة 190 والتى تنص على أن مجلس الدولة الجهة الوحيدة التى لها مراجعة القوانين. واعتقد عبدالنبى أن فرض حالة الطوارئ فى ظل ظروف عدم الاستقرار الأمنى التى تعيشها مصر أرحم كثيرًا من تطبيق مثل هذا القانون، مفسرًا ذلك بأن قانون الطوارئ يطبق على فئة محددة ولمدة محددة وإنما اعتبر أن قانون مكافحة الإرهاب يطبق على الدولة المصرية واشبه بفرض حالة طوارئ مستمرة على الدولة. وكشف عبدالنبى الستار عن تشابه المادة 55 من قانون مكافحة الإرهاب مع المادة 74 من دستور عام 1971، والتى اعتبرها بمثابة وصمة العار على دستور 71، ويقول أن المادة نصت على أنه فى حالة تهديد خطر الوحدة أو إعاقة مؤسسة من مؤسسات الدولة أن يتخذ الإجراءات اللازمة، مشيرًا إلى أن المادتين متشابهتان ولا ترجعان لقانون محدد يقر عقوبة وفقًا للجريمة وإنما وفق المؤسسة المعنية وهو ما يخالف الدساتير الدولية وليس الدستور المصري فقط.