اختار محمد هنيدي أن يعود للدراما التليفزيونية في رمضان هذا العام مراهناً علي نجاح شخصية «المدرس» التي قدمها من قبل في فيلم «رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة» أمام نسرين الإمام وتأليف يوسف معاطي وإخراج سامح عبدالعزيز، أراد هنيدي أن يراهن علي حصان سبق اختياره من قبل في سباق السينما وحقق نجاحاً كبيراً وأراد من المؤلف يوسف معاطي أن يصنعا خطاً جديداً لتطوير الشخصية بعد أن قام بالانفصال عن زوجته المطربة اللبنانية وقرر الزواج من فتاة تحبه من بلدته، ثم تقوده الأحداث للسفر خارج مصر وبالتحديد في باريس لتتكرر المفارقات التي حدثت في الفيلم عند انتقاله من الريف للمدينة ولكن هذه المرة علي نطاق أوسع وأكبر، أما مسلسل «مسيو رمضان» الذي يعد أول بطولة تليفزيونية مطلقة لهنيدي، رغم قيامه بالبطولة السينمائية طوال الأعوام العشرة الماضية، حيث قدم أفلام «جاءنا البيان التالي» و«بلية ودماغه العالية» و«فول الصين العظيم» و«عسكر في المعسكر» و«وش إجرام» و«يا أنا يا خالتي» و«عندليب الدقي» و«رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة» الذي قدمه قبل عامين وحقق نجاحاً كبيراً، دفع هنيدي ومؤلفه يوسف معاطي ومنتجه للتفكير في تقديم جزء ثان له يحمل عنوان «رمضان في الشانزليزيه» قبل أن تلقي هنيدي عرضاً من إحدي الجهات الإنتاجية للقيام ببطولة مسلسل تليفزيوني، بعد فترة طويلة من الرفض بسبب خوفه من جمهور التليفزيون، واتفق مع معاطي علي تقديم المسلسل الذي يعد امتداداً للفيلم، لأن أحداث الفيلم لم تتناول كل تفاصيل حياة «رمضان» حيث عرض حياته مع الطلبة في المدرسة فقط، في حين يتعرض المسلسل بشكل أقرب إلي حياته الشخصية وأسرته وزوجته وعلاقته بأهل قريته ثم رحلته إلي فرنسا، وراهن هنيدي علي المسلسل الذي أعاده للتليفزيون بعد غياب 15 عاماً منذ أن شارك الراحل علاء ولي الدين في «أنت عامل إيه» ومن قبله «ع الأصل دور» أمام أحمد السقا وأحمد آدم، و«البخيل وأنا» أمام فريد شوقي. ويري أن الجمهور يحتاج إلي الكوميديا حالياً أكثر من أي وقت مضي لتسهم في تغيير حالته النفسية بعد الأحداث المتلاحقة التي تمر بها مصر ولكن المسلسل يمثل دخولاً باهتاً لمحمد هنيدي للدراما فرغم تقديمه ل «كاركتر» ناجح في السينما وحقق نجاحاً وجمع إيرادات لكن من الصعب تحمل الجمهور الشخصية في 30 حلقة وحاول هنيدي استغلال بعض القضايا المجتمعية أبرزها التعليم ولكن نقابة المعلمين تقدمت بدعوي قضائية ضد القائمين علي المسلسل اتهمتهم فيها بالإساءة البالغة للمدرسين وتعمد إظهارهم بصورة غير لائقة أيضاً في نفس هذه الصورة يقدمها عن المصريين المهاجرين إلي أوروبا، خاصة باريس التي يسيطر فيها النماذج الناجحة أبرزهم أبناء قرية ميت بدر حلاوة، إحدي قري محافظة الغربية في دلتا مصر، واختير منها صالح فرهود رئيس الجالية المصرية في باريس، وعددها حوالي 20 ألف نسمة، ثلثهم سافر إلي فرنسا للعمل هناك، وأصبح بعضهم رجال أعمال مميزين، منحوا فرص عمل لأصدقائهم وأقاربهم للعمل في مشروعاتهم التجارية وفي تقرير بعنوان «سفراء ميت بدر حلاوة المصرية في باريس» ذكرت مجلة «لوبون» الفرنسية أن 6 آلاف شاب مصري من سكان هذه القرية المصرية سافروا إلي باريس خلال 29 عاماً. وقد انعكس سفر هذه النسبة الكبيرة من أبناء تلك القرية إلي فرنسا علي ظروفهم المعيشية وأسرهم حيث ارتفع مستوي المعيشة للأفراد داخل القرية، وزادت معها حركة العمران واتسعت رقعة المباني داخل القرية.. وانتشرت الفيلات والقصور والمحلات التجارية التي حملت الأسماء الباريسية مثل «ستوديو باريس» و«سوبر ماركت باريس» وقد تأثرت محلات الخضار والفاكهة في القرية بطريقة العرض الفرنسي للسلع وهو ما ينفي ما يحاول المتاجرة به هنيدي من هجرة غير شرعية مصرية بباريس حيث إن أفراد هذه الجالية يحاولون دائماً دعوة أقاربهم بصورة شرعية سواء للإقامة أو الزيارة، ورغم هذا فإن الأداء التمثيلي لفريق العمل يعتبر ملمحا رئيسيا في تتبع المشاهد لأحداثه، خاصة ليلي طاهر التي برعت في أداء دور الأم، ولفتت «نورا السباعي» الأنظار إليها في شخصية حزينة وهي بداية لانطلاقة فنية، وحاولت كريمة مختار أن تدق ناقوس الخطر في نسيان الأبناء الذين يهجرون الأهل. ويأخذ علي يوسف معاطي المط والتطويل في الحوار مما أفسد نكهة العمل، فعلي مدار ثلاث حلقات يأخذنا المخرج عبر كاميراته لرؤية مسيو رمضان يتجول في شوارع باريس ليبهرنا بجمال شوارعها وتصميماتها المعمارية الشيقة ولكنه لم يستطع السيطرة علي طول المشاهد مما جعلنا نحول لقنوات أخري، في حين أن رمضان يناقش مشكلة اللغة العربية عند الجاليات العربية، ونقص مدرسيها، خاصة أن الجيل الثاني والثالث لا يعرف شيئاً عنها، في حين أنها مرتبطة بين المهاجر ووطنه.