يبدو أن قطاع الاتصالات أصبح مليئاً بمراكز القوى التى تهدد الحكومة نفسها وتملى شروطها على أى وزير بعد أن نجحت فى الإطاحة بالمهندس عاطف حلمى وزير الاتصالات السابق بمنتهى القسوة، حيث تمت إقالته بدون علمه وهو فى برشلونة يحضر ملفات القطاع للمؤتمر الاقتصادي ولم يعلم الرجل بإقالته إلا من خلال الصحفيين المرافقين له. وجاء المهندس خالد نجم وهو يضع نصب عينيه أسباب الإطاحة بالوزير السابق وبالطبع أخطرها ملف الرخصة الموحدة وما يتضمنه من منح المصرية للاتصالات رخصة محمول رابعة لتعمل الشركة مشغلاً متكاملاً جنباً إلى جنب مع شركات المحمول العالمية العاملة فى مصر وهى بالفعل شركات عملاقة فى العالم كله ولديها نفوذ كبير، ففودافون العالمية بإدارتها القوية من العاصمة الإنجليزية لندن لديها قوة وهيمنة لا يستهان بها وأيضا موبينيل الفرنسية ثم اتصالات الإماراتية وهذه الشركات العملاقة لا تقبل بسهولة وجود منافس رابع فى السوق وترى أن مصر لا تستوعب ولا تحتمل مشغلاً رابعاً للمحمول خاصة مع الخسائر المتلاحقة وتراجع سعر المكالمات إلى أدنى مستوى عالمى، بل ودخول خدمات الاتصال المجانية عبر الواتس آب وفايبر وغيرهما أدى كل ذلك إلى خسائر كبيرة أثرت بالفعل على جودة الخدمة وأصبح الرهان على الإنترنت وليس على الفويس والتنافس على أشده بين الشركات الأربعة فى النت أو نقل البيانات وإن كانت المصرية للاتصالات تصر على حقها فى الإنترنت المحمول وتري أنه المستقبل وأن حجم السوق المصرية يتحمل منافسة وتقديم أسعار إنترنت رخيصة جداً على الرغم من أن تى إى داتا أحد أسباب ثورة شباب الإنترنت التى أطاحت أيضا بالوزير السابق كل هذا يعلمه نجم ويضعه نصب عينيه فماذا يفعل الرجل إزاء مراكز القوى ونفوذها وضغوطها ولديه ضغوط أخري أعنف من المواطنين وخاصة الشباب الذين يرون أن الحكومة تتواطأ مع الشركات لتقديم خدمة سيئة بأسعار مبالغ فيها. الرجل قام بزيارات جس نبض لجميع الشركات وتحدث عن جودة الخدمة والأسعار وحذر من استمرار ظاهرة بيع الخطوط مجهولة النسب وبالطبع أهال المسئولون فى شركات المحمول التراب على الشركة المصرية وحملوها مسئولية تردى مستوى الخدمة لأن البنية الأساسية ليست على المستوى اللائق وهنا ظهر بعبع الكيان الموحد وقال الوزير إنه لن يتنازل عنه ولابد من تفعيله وهو ما ثار غضب المصرية للاتصالات مرة أخرى خاصة أن الوزير لم يتحدث عن الرخصة الرابعة أو المشغل المتكامل فى زيارته للشركات وبات واضحاً أن الأزمات كما هى بل ازدادت تعقيداً، فلا شركات المحمول تقبل وجود مشغل جديد ولا الشركة المصرية راضية بقيام كيان جديد للبنية الأساسية يقوم بعملها خاصة أن هناك استبدالاً لكابلات النحاس وإحلال الفايبر مكانها وهو ما يمثل طفرة فى البنية الأساسية، إلا أنه أدى إلى ارتباك كبير جداً فى خطوط الأرضي وتغيير الأرقام ووقف الخدمة الصوتية والنت فى مناطق كثيرة. ورغم أن الشركة المصرية للاتصالات تقنع العاملين بها بقرب تفعيل الرخصة وتشغيل المحمول وبدأت بالفعل فى إجراءات إخلاء مبنى تى إى داتا ليكون مقراً للمحمول، إلا أنه لا أحد يصدق وهو يعلم نفوذ وقوة الشركات الأجنبية ومخاطر الاقتراب منها. يأتى كل ذلك فى وقت يأمل شباب ثورة الإنترنت والتى اختصمت الوزير السابق وجهاز تنظيم الاتصالات وشركات الإنترنت بسبب الاستخدام العادل والغلو فى الأسعار إلى جانب رداءة الخدمة يأمل هذا الشباب خيراً فى الوزير الجديد الذى أتى رافعاً شعار النت حق للمواطن كالماء والهواء نفس الشعار الذى رفعه الوزير المرموق الدكتور طه حسين منذ عام 1951 بأن التعليم حق لكل مواطن كالماء والهواء والأغرب من كل ذلك أن الوزير فكر وتحدث عن إمكانية دعم الحكومة للنت يعنى أصلا الحكومة تفكر فى إلغاء الدعم للمحروقات والكهرباء والتموين وهو يتحدث عن دعم الإنترنت يعنى الحكومة تشترى النت من الشركات بسعر وتبيعه أرخص للمواطن وتتحمل فارق السعر طبعاً كلام خيالى فى ظل وجود شركات لخدمات الإنترنت ترجو موافقة الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات لبدء تفعيل خدمة الإنترنت «المجانى». وفى ظل إلحاح المصرية للاتصالات على موافقة الجهاز على أسعار مخفضة وفى ظل مخاطبة شباب ثورة الإنترنت على وضع السعر الذى يرونه مناسباً بأنفسهم فهل تتحمل شركات المحمول خسائر جديدة أو بالاحرى تراجعاً جديداً فى أرباحها من السوق المصرية وهل ينجح الوزير فى اقتحام عش الدبابير دون أن يصاب بأذى؟ كل هذه الأسئلة سوف تجيب عنها الأيام القليلة القادمة خاصة أن الوزير وعد بتحسن الخدمة فوراً وقياس مدى الجودة يوميا وإعلان تقرير الجهاز أسبوعياً يعنى متابعة لصيقة للشركات مع تحذير بوقف كل الخطوط المجهولة والتى مازالت تمثل ظاهرة فى منتهى الخطورة حيث يباع على كل بطاقة رقم قومى 10 خطوط ويستغل البعض ذلك فى تسجيل بيانات غير صحيحة يعنى يمكن خط باسمك مع حد تانى وتستمر الفوضي.