يواجه مشروع قانون الاستثمار الجديد انتقادات حادة داخل المجتمع الضريبي، ورفض خبراء الضرائب تمرير القانون دون إعادة النظر في نصوصه الخاصة بالإعفاءات الضريبية. وأكد الخبراء أن المشروع المقترح يشوبه عوار دستوري، حيث يمنح صلاحيات لمجلس الوزراء تتعارض مع نص الدستور الذي يؤكد أنه لا ضريبة ولا إعفاء منها إلا بنص قانوني، وذلك من خلال ما يكفله مشروع القانون الجديد من حق لمجلس الوزراء في تقرير حوافز وإعفاءات ضريبية لصالح 9 أنواع من الأنشطة بناء على مذكرة يرفعها رئيس الهيئة العامة للاستثمار. وانتقد خبراء الضرائب فلسفة القانون المقترح بالعودة من جديد إلى فكرة الإعفاء المطلق، نظراً لاعتراض وزارة المالية والمجتمع الضريبي عليه، لأنه يفتح الباب أمام التحايل على القانون ويؤثر سلبياً على الخزانة العامة وعلى إيرادات الموازنة العامة، وطالبوا بضرورة تطبيق استبدال هذا الإعفاء بمنح سعر ضريبي مميز للأنشطة والقطاعات والمناطق التي تحقق الأهداف الاقتصادية للدولة وتساهم في تحقيق التنمية الشاملة. وتتمثل اعتراضات المجتمع الضريبي في المادة 23 من مشروع قانون الاستثمار الجديد، والتي تنص على أنه «لمجلس الوزراء بناء على عرض رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة الاستثمار تقرير حوافز وإعفاءات ضريبية إضافية للشركات والمنشآت ذات الشهرة العالمية التي تهدف إلى جعل توطنها الرئيسي في مصر للإنتاج وتغطية الأسواق المجاورة، والشركات والمنشآت العاملة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركات والمنشآت العاملة في أحد مجالات التقنية الحديثة المتطورة، والشركات والمنشآت العاملة في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والشركات العالمية المتخصصة في مجال تنمية التجارة الدولية وزيادة التصدير، والشركات والمنشآت التي تستثمر في مشروعات تعمل على تعميق نسبة المكون المحلي في المنتج النهائي، والشركات والمنشآت التي تعمل على الاستثمار في المشاريع ذات التشغيل كثيف العمالة، والشركات والمنشآت التي تعمل على الاستثمار في المناطق النائية أو المناطق التي ترى الدولة ضرورة تشجيع الاستثمار أو التوطن فيها، والشركات والمنشآت التي تعمل على الاستثمار في مجال تحديث إحدى شركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو الشركات المملوكة للدولة أو التي تؤول إلى البنوك. وكذلك المادة 25 من مشروع القانون والتي تنص أيضا على أنه يتم إلغاء الإعفاء الضريبي بقرار من الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار بناء على عرض الجهة الادارية المختصة. ومن جانبه أكد المحاسب القانوني أشرف عبد الغني رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية، أن فكرة الإعفاءات المطلقة ثبت عدم صحتها، لأن الشركات العالمية تدفع الضريبة في بلد المنشأ مع خصم ما تدفعه في الدولة المضيفة، وبالتالي فإن منح هذه الشركات إعفاء مطلقا يعني التنازل عن كامل مبلغ الضريبة للبلد الأصلي للشركة، ولذلك فإن المزايا الضريبية المفروض منحها للشركات الاستثمارية الجديدة يجب أن تعتمد على منح خصم ضريبي أو سعر ضريبة مميز للأنشطة المراد تشجيعها. وكشف أن مشروع القانون بشكله الحالي سيسهل الطعن عليه بعدم الدستورية، لأنه يعطي صلاحيات لرئيس هيئة الاستثمار ورئيس الوزراء بالمخالفة للدستور، وأضاف أن الضريبة ليست فقط أداة للجباية، لكنها أداة اقتصادية يمكن استخدامها لتشجيع أنشطة معينة وتحقيق أهداف اقتصادية تسعى الدولة لتحقيقها، بشرط الاستخدام الأمثل لهذه الأداة . وشدد رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية على أن العالم كله انتقل من فكرة الإعفاء الضريبي المطلق إلى مبدأ الخصم الضريبي، بمعنى منح أنشطة معينة أو مناطق اقتصادية معينة سعرا ضريبيا مميزا، إذا التزم صاحبها بالاهداف والشروط المراد تحقيقها، وطالب بضرورة منح الأنواع التسعة من الشركات التي جاءت في مشروع القانون سعراً ضريبياً مميزاً وواضحاً لكل نوع ولكل منطقة يراد تنميتها. وأشار إلى ضرورة أن يتم إصدار هذا القانون الجديد وتحديد نسب الخصم الضريبي لكل نوع من الشركات المعلن عنها قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي المزمع إقامته في شرم الشيخ منتصف مارس القادم، حتى يمكن للمستثمرين المشاركين فيه إعداد دراسات الجدوى لمشروعاتهم على أسس سليمة. وأكد المحاسب القانوني محمد الغمراوي أنه يجب أن يحدد القانون موقف الشركات الاستثمارية الحالية من الحوافز الضريبية التي ستمنح للشركات الجديدة، وأن يتم التعامل بالمثل تحقيقا للعدالة، لأنه من الظلم وانعدام العدالة التنافسية أن تمنح الشركات الجديدة إعفاءات ومزايا ضريبية وتحرم منها الشركات القائمة بالفعل. وأكد الخبير الضريبي علاء السيد أن مشروع القانون الجديد لم يأت بجديد بشأن إعفاء الآلات والمعدات والأجهزة وقطع الغيار ومدخلات الإنتاج اللازمة لإقامة المنشآت الجديدة، موضحاً أن هذا النص موجود بالفعل في قانون الضريبة على المبيعات لجميع الشركات، سواء المقامة تحت مظلة قانون الاستثمار أو أي قانون آخر، حيث يتم تحصيل الضريبة على هذه الآلات والمدخلات ثم ردها مرة أخرى عند حساب الضريبة على المنتج، مشيراً إلى أن النص الجديد في مشروع القانون سيحرم مصلحة الضرائب من حصيلة ضريبية محققة حالياً. وطالب المحاسب القانوني محسن عبد الله بضرورة أن تحدد الدولة موقف الشركات التي ستقام تحت مظلة قانون الاستثمار الجديد، من الضريبة العقارية وأيضا للمشروعات التي ستقام في المناطق الحرة، وأشار إلى أن منح المشروعات الاستثمارية سعرا ضريبيا مميزا ليس اختراعا جديدا ولكنه يتم تطبيقه في المشروعات المقامة في المناطق الاقتصادية الخاصة التي تمنح المشروعات المقامة بها سعرا ضريبيا مميزا بنسبة 10%. ومن جانبه دعا المحاسب القانوني محسن سعدي إلى ضرورة أن يشمل مشروع القانون الجديد سعراً ضريبياً مميزاً للعمالة التي تشارك في المشروعات الاستثمارية التي تحقق اهداف الدولة الاقتصادية، مثل المشروعات التي تقام في المناطق الجديدة أو المناطق النائية مثل سيناء والصعيد والوادي الجديد، وإعفاء بدل الاغتراب وبدل الانتقال لهذه العمالة.