وماذا بعد إلغاء معهدي أمناء الشرطة ومندوبي الشرطة.. الأمناء والمندوبون ينتمون إلي فئة الأعمال المعاونة في الجهاز الشرطي.. والقانون كان يتيح لهم الترقي إلي مرتبة الضباط في حالة حصولهم علي ليسانس الحقوق واجتياز فترة اختبار مدتها 6 أشهر في أكاديمية الشرطة.. ليصبح الخريج منهم ضابطاً برتبة ملازم أول.. رغم ان قانون هيئة الشرطة كان يتيح لهم الترقي إلي ضباط إلا انه ظل مجمداً لمدة أكثر من 40 عاما منذ إنشاء معهد أمناء الشرطة في سبعينيات القرن الماضي حتي جاءت ثورة 25 يناير واستطاع الأمناء والمندوبون الضغط علي قيادات وزارة الداخلية وانتزعوا حقهم في الترقي.. حتي أصبحنا نشاهد الكثير منهم كبارا في السن في الأربعينيات والخمسينيات من العمر ويحملون رتبة ملازم أول .. تأخر أمناء الشرطة في الحصول علي هذا الحق عشرات السنين وحصلوا عليه بمجهودهم وتجاوب قيادات الداخلية معهم بتطبيق القانون لصالحهم.. ولكن يبدو ان قيادات الداخلية ساءهم ان يتحول أمين الشرطة إلي ضابط ويتجاوز موقعه مهما جد واجتهد وذاكر والتحق بأكاديمية الشرطة من أجل الترقي.. لذلك كان القرار السري بإلغاء معهد أمناء الشرطة وكذلك المندوبين.. في مقابل خلق وظيفة شرطية جديدة تحت مسمي معاوني الشرطة. الوظيفة الجديدة المسماة معاوني الشرطة تم تفصيلها علي مقاس طلاب حصلوا علي الإعدادية في سن 15 سنة ولم يكملوا تعليمهم في الثانوية العامة أو الدبلومات .. ولكنهم تركوا التعليم تماما ومكثوا في بيوتهم أو في البحث عن وظيفة أو الصياعة والجلوس علي المقاهي لمدة 4 سنوات حتي سن 19 سنة لكي تفتح لهم وزارة الداخلية أبواب الأمل من جديد ليلتحقوا بمعهد معاوني الشرطة البديل العصري الجديد لمعهد أمناء الشرطة ومعهد المندوبين.. ليدرسوا 18 شهراً متواصلة.. يتخرج بعدها الطالب وهو يحمل الضبطية القضائية يستطيع أن يُثبِّت أجدعها شنب فيكِ يا مصر وكله بالقانون.. السادة في جهاز الشرطة استكثروا علي الأمناء والمندوبين ان يصبحوا ضباطاً ويتساوون معهم في المزايا والمسئوليات.. فكانت النتيجة المحتومة هي الإلغاء التام.. فكيف يتساوي أبناء البطة السوداء الغلابة مع الكبار؟.. بالنسبة لهم لا يجب ان يترقي الأمين والمندوب إلي ضابط ويقترب من السادة الضباط المتأصلين.. ولكن ما أتت به وزارة الداخلية ليكون بديلا لهم هو بديل قاس واستدعاء للدولة البوليسية فحين يكون أهم شروط الالتحاق بمعهد المعاونين الجديد هو القوة البدنية والطول والعرض والجسم.. فهذا معناه «يا وقعة أمك السودة» يا من تقع في طريق هؤلاء الأفذاذ ممن حصلوا علي تعليم أقل وقوة بدنية عالية وضبطية قضائية! منذ زمن طويل وهناك مطالبات بتطوير جهاز الشرطة والتخلص من العناصر الفاسدة والمعوقة.. فهل إلغاء الأمناء والمندوبين هو التطوير المطلوب؟.. وهل المجيء بشباب قليل التعليم وكل ما تعلمه مبادئ القراءة والكتابة في مرحلة التعليم الأساسي وربما حصل بعضهم علي الاعدادية وهم أميون كفيل بتطوير جهاز الشرطة والحصول علي شرطي عصري يتعامل مع الكمبيوتر ويحافظ علي حقوق الإنسان؟ .. ان الهدف من إنشاء معهد جديد لمعاوني الشرطة غير واضح فتحول أمناء ومندوبي الشرطة إلي ضباط أخل بمنظومة العمل الميداني.. ولكن هل كل الأمناء والمندوبين تحولوا إلي ضباط؟.. طبعاً من لديه الطموح فقط هو الذي سيواصل دراسته في كليات الحقوق وهو الذي سيلتحق بأكاديمية الشرطة وهذا لا يمثل أكثر من 10٪ من قوة الأمناء والمندوبين.. يعني ليس هناك أية خطورة علي السادة الضباط من مزاحمة الأمناء لهم في نواديهم وامتيازاتهم.. والدلالة ان ضباط الصف في القوات المسلحة رغم أهميتهم ومهما حصلوا علي ترقيات لا يمثلون نسبة مؤثرة من قوة الضباط في الجيش رغم أهميتهم الكبيرة للعمل.. أهمية ضباط الصف في القوات المسلحة في مجال التدريب وفي مجال العمل الإداري والفني .. لذلك فلا غني عنهم.. أما في المجال الشرطي فهم عصب وزارة الداخلية كقوة في المباحث الجنائية والأمن الوطني والعمل الإداري في الأقسام ونقاط الشرطة. نعلم ان أمناء الشرطة كانوا يلتحقون بالمعهد بعد حصولهم علي ثانوية عامة أو دبلومات فنية وكذلك المندوبين.. بما يعني انهم حصلوا علي قدر مناسب من التعليم علي الأقل لديهم مبادئ للتعليم والإدراك لما سيحصلون عليه من مواد قانونية ولغات.. أما الشباب الحاصل علي الاعدادية بأثر رجعي منذ 4 سنوات فماذا تنتظر منهم وهم شبه أميين وخاصة في اللغة الأجنبية؟.. فهل المطلوب هو الحصول علي خريج ما هو إلا أداة طبيعية في يد قياداته.. وقد تصل معاملته مع الجمهور إلي التعامل تلقائيا بالضرب والأذي في حالة صدور الأوامر لهم كما يحدث مع مجندي الأمن المركزي.. الشرطة قدمت مئات الشهداء والمصابين فداءاً للوطن وهذه حقيقة لا خلاف عليها .. ولكن هل هؤلاء المعاونون والقدر الضئيل من العلم الذي سيحصلون عليه كفيل بمنحهم الضبطية القضائية والتعامل مع المواطنين وخاصة بعد ثورتين أذهلتا العالم؟.. هل التربية والتعليم خرجت حاصلا علي الاعدادية تستطيع الداخلية تعليمه مبادئ الكمبيوتر والقانون وتكون لديه ثقافة حقوق الإنسان ليحفظ للمواطن أمنه وكرامته؟ نعم بعض حملة الاعدادية ممن لم يستكملوا تعليمهم.. ليس شرطا أن يكون فاشلاً أو أمياً.. ولكن قد تكون ظروف اقتصادية أو اجتماعية منعته من استكمال تعليمه.. ولكن هل من المعقول ان هذا الشاب جلس في منزله حتي بلغ 19 عاما لتفتح له طاقة القدر ويلتحق بمعهد معاوني الشرطة ويحصل علي ضبطية قضائية.. يا أهل الخير ويا قيادات الشرطة ويا سيادة الرئيس إياكم ان تقدموا للوطن أدوات طيعة ومطيعة في يد قياداتهم.. لان هؤلاء سيعملون بلا عقل وقد يكونون أشد ضرراً علي الوطن.. من أمناء ومندوبي شرطة فاسدين يلفقون القضايا ويحصلون علي رشاوي ويقلبون الباطل إلي حق والعكس صحيح أيضاً.. لانكم جئتم بأشخاص أقل من أنصاف متعلمين ولديهم سلطة، فهل ينقلب السحر علي الساحر ويكون الخاسر هو الوطن والمواطن؟ يا سيادة الرئيس أرجوك لا توافق علي قانون إنشاء معهد معاوني الشرطة فمصر في حاجة إلي متعلمين ومثقفين في كل المجالات وأولها جهاز الشرطة الذي يحترم حقوق الإنسان مواطنا أو شرطيا.. أمامكم عشرات الآلاف من خريجي كليات الحقوق كل عام يمكن الاستعانة بهم.. سيقولون إنهم سيطالبون بحقهم في الترقي إلي رتبة ضابط.. وهذا يمكن التغلب عليه من خلال قانون إنشاء المعهد بحيث يظل من التحق بهذه الوظيفة في مجال تخصصه حتي سن المعاش.. إذا كنتم اخطأتم في قانون الشرطة الخاص بالأمناء والمندوبين وسمحتم بترقياته بالشروط القانونية.. فيمكن معالجة الأمر بالنسبة لخريجي كليات الحقوق لانه سيكون هناك إقبال كبير منهم لأن المرتب يبدأ من 1800 جنيه شهرياً لوظيفة المعاون.. المرتب سيغري الكثير من شباب الجامعات للالتحاق بهذه الوظيفة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها.. وبالتالي نضرب عصفورين بحجر واحد نحصل علي خريجين ذوي تعليم مناسب ويتعاملون باحترام مع المواطنين.. وفي نفس الوقت يحافظ خريجو الشرطة وضباطها علي أوضاعهم وكله بالقانون.. فمعاونو الشرطة ليسوا لغة العصر.