استكمالاً للحديث السابق وما أوردناه من أن النصوص الحاكمة لمنظومة المحاكمة الجنائية سواء ما تعلق منها بنصوص وردت في قانون الاجراءات الجنائية أو بنصوص وردت في قانون حالات واجراءات الطعن بالنقض فإن هذه النصوص وكما أوردنا علي نحو تفصيلي ومن واقع عملي أن الواقع العملي أثبت أن تفعيل هذه النصوص يجافي الضوابط المستقر عليها في كل بلدان العالم من أن اجراءات المحاكمة لابد أن تكون ميسرة وسريعة بما يحقق العدالة الناجزة التي يتحقق بها ومعها فلسفة العقاب وهو الزجر والردع. ونعرض اليوم للحديث عما سبق أن عرضنا له من رأي واضح وصريح منذ شهر مارس سنة 2011 عندما أعلنت عن رأي في انه لابد أن نكون أمام اجراءات سريعة ومنصفة لمواجهة الذين نهبوا وسلبوا أموال الشعب المصري وكان رأيى في ذلك الوقت أن المصلحة العامة بمعني مصلحة مصر والمصريين تقتضي استرداد هذه الأموال خاصة وأن معظم الذين وجه إليهم الاتهام يحتفظون بأموالهم في بلدان إما انها ملتزمة باتفاقية مكافحة الإرهاب الدولية والتي وقعت عليها مصر أيضاً أو بلدان غير موقعة عليها. ولما كان مقتضي ذلك انه يلزم لاسترداد هذه الأموال أن نكون أمام أحكام باتة وصادرة من محاكم عادية وهو كما أسلفنا من طول الاجراءات سواء ما تعلق منها بإجراءات المحاكمة أمام محاكم الجنايات ثم نقض الحكم ثم إعادة المحاكمة مرة أخري أمام دائرة غير التي أصدرت الحكم ثم نقض الحكم مرة أخري وفي حالة قبول النقض تحدد محكمة النقض جلسة لنظرها موضوعاً أمامها. وكل ذلك يستغرق وقتاً كما قلت في حينه قد يصل إلي سبع سنوات واقتصاد مصر في حاجة إلي استرداد هذه المبالغ خاصة أن بعض البلدان الموقعة علي اتفاقية مكافحة الفساد الدولية تستلزم بعد كل ذلك رفع دعوي مبتدئة أمامها بهذا الحكم أما البلدان غير الموقعة علي هذه الاتفاقية فلا يوجد نص قانوني يلزمها بالرد. واقترحت في حينه أن نكون أمام نصوص قانونية منظمة لاسترداد هذه الأموال علي وجه السرعة لحاجة الاقتصاد المصري الملحة إليها. وقد اقترحت إصدار تشريع بالتصالح في قضايا المال العام الواردة في المواد من 112 وحتي 119 من قانون العقوبات وذلك برد الأموال التي تم الحصول عليها وكذلك الحال بالنسبة لقضايا الكسب غير المشروع الواردة بالقانون رقم 162 لسنة 1975. ووجه الأسي والتأسي علي المال العام فإن هذا الرأي لم يحظ بأي قبول رغم ما في عدم قبوله من ضياع للمال العام الذي كان من الممكن استرداده بسهولة في تلك الآونة إذ إنه من المستقر أن فلسفة العقوبة تقتضي في المقام الأول جبر الضرر ومنعه عن المجني عليه ولما كان المجني عليه الحقيقي في هذه الجرائم هو الاقتصاد المصري وبالتالي المواطن المصري صاحب المصلحة الأول في استرداد هذه الأموال. وإزاء ما أفرزه وأثبته الواقع العملي فإننا نري ضرورة سرعة إصدار قانون للتصالح في هذه القضايا وهو ما سنعرض له في الحديث القادم إن شاء الله. سكرتير عام حزب الوفد