في الوقت الذي تتجه فيه مصر الي الصين باستراتيجية جديدة تهدف الي تحقيق شراكة اقتصادية ضخمة مع هذه الدولة التي أصبح اقتصادها أكبر اقتصاد في العالم والتي بلغت فيها التنمية الاقتصادية معدلات تفوق ال10٪ سنويا علي مدي العشرين عاما الماضية وهو ما لم يتحقق لبلد آخر في تاريخ الاقتصاد العالمي، فإننا يجب أن ندرك أن السياحة لابد وأن تكون من أهم أو ربما أهم صادراتنا المصرية الي الصين. فكلنا نعلم تماما أن الميزان التجاري بين مصر والصين دائما يميل لمصلحة الصين كما نعلم جميعا أنه من الصعب جدا أن نقوم بتصدير أي منتجات صناعية لهذه الدولة حيث إن التقدم الصناعي فيها يفوقنا بكثير، وبالتالي فإن المنتجات التي يمكن تصديرها لدولة الصين تقتصر علي السياحة وبعض المواد الخام التي تستوردها من مصر مثل الرخام والسيراميك وبعض المنتجات الزراعية القليلة، وفي نفس الوقت يبلغ تعداد دولة الصين 1400 مليون نسمة ويتحسن اقتصادهم وأحوالهم المالية بسرعة كبيرة وبالتالي يمثلون سوقا خصبة للسياحة المصرية. ولذلك فإن صفحة «دنيا السياحة» لا يمكنها أن تفوت هذه الفرصة الذهبية والتي تتمثل في زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الأولي للصين كرئيس للجمهورية والتي لابد أن تؤتي بثمار اقتصادية كبيرة لمصر. ولما كانت هناك حركة سياحية تأتي الي مصر من الصين منذ حوالي عشر سنوات ولما كانت هيئة تنشيط السياحة المصرية لها مكتب في بكين العاصمة وتشارك في الكثير من المعارض السياحية في الصين ولما كان هناك العديد من الشركات السياحية المصرية اتجهت الي السوق الصيني بل ان بعضهم تخصص فيه فكان لابد أن نستطلع وجهة نظرهم ومقترحاتهم حول كيفية تطوير الحركة السياحية من الصين الي مصر أسوة بما حدث مع السياحة الروسية التي كانت بضعة آلاف سائح فقط في التسعينات ثم أصبحت الآن السياحة الأولي في مصر بأرقام تجاوزت 2 مليون سائح سنويا. أخذنا رأي الخبير السياحي أحمد الخادم الرئيس السابق لهيئة تنشيط السياحة والمستشار السابق لوزير السياحة ووزير السياحة والطيران في حكومة الوفد الموازية فقال: في سنة 2004 تم اتخاذ قرار بفتح مكتب لهيئة تنشيط السياحة في بكين عاصمة الصين نظرا لأن تقارير منظمة السياحة العالمية كانت تشير الي أنه بحلول عام 2020 ستكون الصين أكبر دولة سياحية في العالم سواء من ناحية عدد السائحين الذين سيزورونها أو من ناحية عدد السائحين الصينيين، الذين يخرجون للسياحة في جميع أنحاء العالم وكانت تقارير منظمة السياحة العالمية أنه بحلول عام 2020 سيخرج من الصين 28 مليون سائح سنويا ينفقون 20 مليار دولار تقريبا من هذا المنطلق تم بالفعل فتح مكتب للسياحة المصرية بالصين وبدأ عمله بمنتهي النشاط وكانت خطة الترويج السياحي في الصين تقوم علي عدة محاور وتستخدم مجموعة من الأدوات كان أولها الاتصال الرسمي مع وزارة التجارة الصينية التي يقع في دائرة اختصاصها ملف السياحة الخارجية من الصين ونجحنا في هيئة تنشيط السياحة المصرية أن نضع مصر ضمن قائمة العشر دول المسموح للصينيين بزيارتها للسياحة وكان هذا إنجازا صعبا وكبيرا وثم يتدخل شخصي من الرئيس الأسبق حسني مبارك آنذاك وتم إبرام وثيقة تآخي بين أهرامات الجيزة وسور الصين العظيم باعتبارهما من أهم معالم التراث الحضاري العالمي وكان لهذا التآخي أثر كبير جدا عند الشعب الصيني. ويضيف «الخادم»: وكان المحور الثاني للخطة الترويجية هو المشاركة في المعارضة السياحية التي تقام بالمدن الرئيسية بالصين حيث إن الحكومة الصينية شديدة الحساسية في هذا الموضوع وتثمن كثيرا مشاركة الدول في المعارض التي تنظمها وبالتالي كانت هذه المشاركة المصرية ذات أثر كبير في تحقيق تغطية إعلامية ضخمة لمصر ووسائل الإعلام الصينية، وكان العنصر الثالث من الخطة الاستراتيجية هو إقامة أسابيع مصرية في الصين وقد قامت هيئة تنشيط السياحة بإقامة أسابيع مصرية في أعوام 2004 و2005 و2006 علي التوالي وكانت ناجحة جدا فقد تم استخدام محطات مترو الأنفاق الرئيسية والميادين العامة الرئيسية والمتاحف كأماكن لإقامة هذه الاحتفالات التي كانت تشمل المطبوعات والوثائق الرئيسية بالإضافة الي العروض الفنية المحترمة ومعارض المشغولات التقليدية المصرية التي كانت تقدم للمواطنين الصينيين بالمجان. أما العنصر الرابع كما يقول «الخادم» فهو لحظة الترويج من خلال القوافل السياحية المصرية الي الصين والتي تم تنظيمها بالمشاركة مع اتحاد الغرف السياحية المصرية ومصر للطيران أيضا من 2004 وحتي 2006 وشارك فيها أعداد كبيرة من أصحاب شركات السياحية المصرية ومجموعات الفنادق حيث تمت زيارة المدن الرئيسية مثل: بكين وشنجهاي وجوانزو وشنجن وهونج كونج وقد بلغت مشاركات رجال الأعمال من السياحة المصرية في تلك القوافل 40 مشاركا في بعض الأحيان وكانت من فعالياتها اللقاءات الرسمية مع المسئولين الحكوميين في تلك المقاطعات وأصحاب ومديري شركات السياحة الحكومية والخاصة العاملة بها بالإضافة الي الإعلام السياحي المتخصص والإعلام العام. أما المحور الخامس من خطة الترويج فكان يقوم علي التعاون مع شركات الطيران الصينية بهدف مضاعفة عدد المقاعد المتاحة بين البلدين حيث إن مصر للطيران كانت تطير الي بكين وشنجهاي فقط بينما كان المطلوب إضافة طاقة طيران من جوانزو وهونج كونج وقد نجحت هيئة تنشيط السياحة آنذاك في إقناع شركة طيران جنوبالصين وشركة النقل الجوي الصيني «الحكومية» في فتح مكاتب لها وتشغيل خطوط لها الي مصر، وهو الذي تم بالفعل في 2005 ثم توقف في عام 2008، كذلك قامت هيئة تنشيط السياحة المصرية بعمل ترويج سياحي رباعي في الصين مع اليونان وقبرص وتركيا حيث إن الكثير من السائحين الصينيين يفضلون أن يزوروا دولة أو دولتين بالإضافة الي مصر ممن يزور الشرق الأوسط. وقد قامت هيئة تنشيط السياحة المصرية بعمل بروتوكول تعاون مع الدول الثلاث للترويج السياحي في الصين وشاركت فيه مصر للطيران والخطوط الجوية اليونانية والقبرصية والتركية. وفي النهاية أكد «الخادم» أنه يجب ألا ننسي التعاون الكبير الذي قدمته لنا في هيئة تنشيط السياحة السفارة المصرية في بكين وأتذكر جيدا المشاركة الشخصية للسفير علي الحفني والسفير محمود علام بعرضه في الترويج للسياحة المصرية في الصين حيث كان لمجهودهما أثر كبير جدا في انطلاق الحركة السياحية الي مصر. وأعرب «الخادم» عن أمنياته في أن تعود هذه الجهود من جديد بجدية وتفانٍ وإخلاص لنقل أعداد السائحين الصينيين الوافدين الي مصر من عداد الآلاف الي عداد الملايين. بينما قال الخبير السياحي إلهامي الزيات رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية: المشكلة الكبري أن الطيران الصيني لا يأتي الي مصر وشركة مصر للطيران لديها 8 رحلات أسبوعية وهذا بالطبع عدد غير كافٍ فيضطرون الي استخدام الخطوط القطرية والإماراتية، لذا مطلوب شغل أكثر من هذا السوق المهم، ولكن المشكلة أن الجميع ينتظر الاستقرار الأمني في مصر فمن الضروري تحسين صورة مصر لدي الصين، ومن المؤكد أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي بداية جيدة ولكنها ليست نهاية المطاف، فمطلوب من العاملين بالسياحة الاهتمام بهذا السوق المهم. وطالبت الخبيرة السياحية أماني الترجمان وهي إحدي العاملات في السوق الصيني بضرورة زيادة خطوط الطيران الصيني لمصر وتنويعها من مدن مختلفة بالصين مثل بكين وشنجهاي وجوانزو التي تعد أهم مدينة صناعية هناك خاصة أن الطيران لمصر يتم من خلال الخطوط القطرية والتركية والإماراتية، وبالتالي فمن الضروري تكثيف الرحلات الي منطقة الشرق الأقصي «الفار ايست»، وأكدت «الترجمان» ضرورة أن تكون هناك حرية في التعامل بفتح التعاملات المباشرة مع الشركات الصينية ومنظمي الرحلات خاصة أن التحويلات المادية تتم من خلال طرف آخر وهذا الطرف يحصل علي عمولات كبيرة وكما هو معروف أن السياحة الصينية رغم انها سياحة ثقافية إلا إنها تعد سياحة رخيصة فلا يصلح أن يكون هناك طرف آخر في التعامل معهم لذا من الضروري أن تكون هناك تعاملات مباشرة مع الشركات ومنظمي الرحلات الصينية. ويؤكد الخبير السياحي هاني الشاعر أحد العاملين في السوق الصيني أهمية هذه السوق للسياحة المصرية مطالبا بضرورة حل المشاكل التي تواجه هذه السوق منها مشكلة الطيران والتأشيرة، فمطلوب توفير العدد اللازم من الطيران لاستيعاب زيادة الطلب علي مصر من هذه السوق والمشكلة الأكثر هي كيفية حصول السائح الصيني القادم لمصر علي التأشيرة ومطلوب حل سريع بأن يحصل علي التأشيرة من السفارة المصرية الموجودة بالصين لتساعد علي زيادة الأعداد الوافدة من هذه السوق الواعدة المهمة. وأكد «الشاعر» ضرورة ضخ استثمارات سياحية من الصين سواء في الفنادق العائمة أو مراكز الغوص خاصة أن الصين لديها ورش لتصنيع المراكب وهذا عامل مهم ليساعد علي النقل البحري من الإسكندرية الي أسوان ومن السويس الي جدة ومن ضبا الي جدة. وعلينا الاهتمام بهذه السوق خاصة أن الصينيين كما أعرف لديهم استعداد كبير للقدوم لمصر من الغد ولدينا أمل في زيارة الرئيس السيسي الي الصين ننفتح بشكل أكبر مع هذه السوق مع ضرورة حل أزمة التأشيرة.