سعدت جدا بوفاء رجل الأعمال الشاب أحمد أبوهشيمة لوعده بتطوير بعض القرى الأكثر فقرا، فقد نشرت وسائل الإعلام أمس الأول خبرا عن انتهاء مجموعة حديد المصريين من تطوير قريتى أبوصالح والغرقد بمحافظة بنى سويف، اتصلت بأبوهشيمة وشكرته على مساعدته للفقراء، وحكي لى عن القريتين، وحالة الفقر المعدم التى يعانى منها معظم سكان القرية، قال بالحرف: أنت لو شفت حالة الناس مش هتعرف تنام طبعا معدمين كلمة معدمين دى شوية المؤلم فيما حكاه أبو هشيمة أن الناس تتوجع ولا تتألم، لا تجد قوت أولادها وتتعفف عن السؤال، البيوت آيلة للسقوط بدون سقف ولا مياه ولا مجارى، الناس ينامون على الحصر، لقد فورنا هذه البيوت وأعدنا بناءها مرة أخرى، وقمنا بتركيب أبواب وشبابيك وسيراميك وأدخلنا المياه والكهرباء والمجارى ودهنا الحوائط. شاهدت فيلماً صورته مجموعته عن حالة البيوت قبل عملية التطوير وبعدها، المشهد مؤسف ومؤلم وموجع. أبوهشيمة أخبرنى عبر الهاتف أنه قام بتوزيع مائة رأس ماشية على الأسر المعدمة، ومبلغ شهرى 400 جنيه لكى يساعدهم على العمل والمعيشة. قصص توزيع المواشى أعادتنى بالسنوات 40 سنة، تذكرت والدى رحمة الله عليه، عرفت فى احد الأيام انه يشترى جاموساً لبعض الأسر فى قرى مجاورة لمدينة طنطا، سألته عن السبب ونحن لا نعمل بالزراعة، قال لى: هذه الأسر معدمة ولا تجد قوت يومها، والجاموسة سوف تعينها على المعيشة، والدى رحمه الله كان يختار الأرملة والمرأة المعيلة. أبو هشيمة أكد لى أنهم يعملون فى تطوير قرى أخرى، وأن تطوير القرية الواحدة تصل تكلفته نحو 2 مليون جنيه، وما بين بناء وترميم منازل وبين توزيع مواشى، إضافة إلى المبلغ الشهرى. أظن أن الحكومة ممثلة فى المحافظة كان يجب عليها أن تمد يدها إلى هذه القرى بجانب رجال الأعمال، وذلك ببناء وحدة صحية أو مدرسة أو تشق طريقا يربط القرية بالمركز الذى تتبعه. السؤال الذى يجب أن نطرحه فى هذا السياق: هل ما تم فى القريتين وسيتم فى قرى مماثلة يخرج هذه القرى من قائمة القرى الأكثر فقرا؟، بطبيعة الحال ما قام به أبوهشيمة ويقدمه غيره من رجال الأعمال من الأمور التى يجب أن نشكرهم ونحييهم عليها، من الأمور التى قد تساعد وتضعنا على طريق تنمية هذه القرى وانتشالها من حالة الفقر ، لكن ما يقدمونه يأتى فى إطار تحسين معيشة بعض الأسر، أما انتشال سكان هذه القرى من خانة المعدمين أو الأكثر فقرا، فهذا يحتاج فكر وجهد الدولة، وذلك بتوفير فرص عمل تساعد سكان القرى على المعيشة، وكذلك بناء المدارس التى ترفع من مستواهم الاجتماعى، الجهل والبطالة والمرض أخطر ما يواجه أولادنا وأخواتنا فى القرى الأشد فقرا وجوعا ومرضا. نسب للإمام على رضى الله عنه مقولة مازلنا نرددها حتى اليوم: «لو كان الفقر رجالاًس لقتلته»، الفقر ليس فى عدم توفر قوت الإنسان اليومى، بل الفقر فى عدم قدرة الإنسان علي أن يعيش حياة آدمية كريمة، والحياة الآدمية أن تأكل وتسكن وتتعلم وتعالج وتعمل وألا تعيش مقهورا أو مكمم الأفواه.