رمضان هذا العام يختلف عن سابقه، فقد أثرت الثورة علي أوضاع المصريين الاقتصادية، وجعلتهم يفكرون ألف مرة قبل أن يقدموا علي التجول في الأسواق لشراء احتياجاتهم التي تعودوا عليها. ومن تجرأ واشتري فقد خفض الكمية التي كان يشتريها إلي النصف أو الثلث. في إمبابة وبولاق الدكرور والمهندسين رصدنا حالة الركود التي أصابت المحلات، وتعرفنا علي كيفية قضاء المصريين الشهر الكريم.. من سوق إمبابة أكد أحمد عبدالله صاحب أحد محلات الياميش أن القوة الشرائية انخفضت انخفاضاً شديداً، والبيع لم يتجاوز ثلث ما كان يتم العام الماضي، في الوقت الذي زادت فيه أسعار المشمشية وعين الجمل وجوز الهند بنسبة 100٪، فالمستوردون رفعوا الأسعار بدعوي استئجار مجموعات مسلحة لتأمين البضاعة وتوصيلها للمخازن. أمام المحل قالت لنا أم عمرو «أنا زعلانة علي حال البلد.. لم أستطع شراء أبسط الاحتياجات بسبب الحالة المادية، وفي حالة توفر أموال معي سأكتفي بثلث كمية البلح التي كنت أشتريها. بينما وقف عبدالعزيز محمود حائراً أمام الياميش وقال: لن أشتري شيئاً هذا العام، فوالدي الذي كان يعمل بالأوقاف توفي، وأنا تعبت من التردد بين الأوقاف والمعاشات لإنهاء إجراءات صرف المعاش، لكنهم يتعاملون معي بمنطق «فوت علينا بكرة». هاني رفعت أحد أصحاب محلات الفوانيس أكد لنا أن مصر لم تستورد فوانيس جديدة، كلها من العام الماضي، فالمستوردون تخوفوا من الشراء، والثورة أثرت بالسلب، فالمواطن له أولوياته. ما أبيعه يعادل 50٪ فقط من حجم المبيعات في العام الماضي. أسعار الفوانيس منخفضة هذا العام، الشعبية منها تتراوح ما بين 15 إلي 20 جنيهاً، بينما كان يباع العام الماضي ب 75 جنيهاً. مازلنا في إمبابة لم نجد أي مظاهر لرمضان في الشوارع حتي الزينة البسيطة المصنوعة من الورق اختفت. لم يختلف الحال كثيراً في بولاق الدكرور.. فمحمود محمد وجه حديثه لنا قائلاً: «الثورة لم تغير شيئاً.. وقفت حالنا.. مش قادر أشتري حاجة لأن مصر بتتسرق من أيام الفراعنة، وربنا ساترها علشان الأولياء اللي فيها». وبسبب ارتفاع الأسعار وعدم توافر أموال لديه لم يستطع عبدالمرضي أبو كرم شراء ما يحتاج إليه. ذهبنا إلي المهندسين بأبراجها العالية، وشوارعها النظيفة، وناسها «الهاي» أوضح لنا محمد سعد مدير أحد المحلات أن الزبائن يشترون نصف الكمية التي تعودوا عليها، وأغلبيتهم لم يأتوا حتي الآن، فالأسعار زادت بنسبة 10٪ وبعض الأصناف السورية غير متوافرة بسبب الأحداث الجارية فيها. سامح جادو (مقاول) وصف رمضان هذا العام بأنه مختلف، وقال: سأقضيه في مارينا لانعدام البهجة وحال البلد اللي يسد النفس، اشتريت احتياجاتي الضرورية فقط بسبب قلة الدخل. أما مدام شيرين فأكدت أنها اشترت نصف الكمية بسبب الحالة المادية الصعبة.