يعطي القانون الدولي لمصر حق الزيارة والتفتيش البحري لمنع دخول سفن تحمل أسلحة وأي مواد استراتيجية إلي الدول المعادية لها.. وهذا الحق يطبق في المياه الإقليمية والدولية والاقتصادية.. وهو حق يطبق علي السفن الحربية.. والسفن المدنية أيضاً.. وقد استخدمت مصر هذا الحق مراراً سواء في مضيق العقبة- عند جزر تيران وصنافير- أو خلال حرب أكتوبر 1973.. كما استخدمته الكثير من الدول سواء في مضيق ملقا جنوبماليزيا.. أو خلال عمليات القرصنة الصومالية. ولكن بسبب بُعد المدخل الجنوبي لمضيق باب المندب عن أرض وسواحل مصر فإن الأمر يقتضي تعاوناً كاملاً بين مصر والدول المطلة علي منطقة باب المندب.. وإذا نظرنا إلي خريطة موقع هذا المضيق نعرف ان الدول المطلة علي مدخل المضيق، من الغرب، هي اريتريا وجيبوتي والصومال. والأولي وهي اريتريا ليس لها علاقات طيبة مع العرب حتي انها رفضت الانضمام للجامعة العربية رغم ان دولاً جنوبها انضمت لهذه الجامعة مثل الصومال وجيبوتي بل وجزر القمر.. فضلاً عن أن اريتريا لها مطالب، أو مطامع، في بعض الجزر بالمنطقة وتتصارع مع اليمن للسيطرة عليها.. فضلاً عن علاقاتها المتميزة مع إسرائيل.. أما جيبوتي فكل ما يهمها هو دعم علاقاتها الاقتصادية مع إثيوبيا، التي تعتبر جيبوتي هي المنفذ الوحيد لها إلي البحر الأحمر وخليج عدن، منذ استقلت اريتريا عن إثيوبيا.. ثم نحن نعرف الوضع في الصومال ومنذ الانقلاب علي محمد سياد بري.. وبالتالي فإن التعاون مع هذه الدول لا يفيد الآن! أما دول الساحل الشرقي للبحر الأحمر فهي اليمن وشمالها السعودية التي تصل سيادتها إلي منطقة جيزان، جنوب ساحل تهامة.. والخطر الآن يأتي من اليمن، وقد سمعنا- أمس فقط- ان الحوثيين الشيعة يطالبون لهم، بعد سيطرتهم علي صنعاء العاصمة، بمنحهم منفذاً بحرياً علي البحر الأحمر.. وهنا يكمن الخطر.. الذي يعطي لإيران الشيعية فرصة الوصول إلي هذا البحر.. وتمتلك اليمن العديد من الجزر الحيوية في المدخل الجنوبي لهذا البحر. ربما أخطرها جزيرة بريم..ثم مدينة المخا، وهي أقرب مدينة يمنية لمدخل باب المندب.. ثم مجموعة جزر حنيش المتصارع عليها مع اريتريا.. وربما أيضاً مجموعة جزر دهلك أمام مصوع وزيلع.. وحول جزر حنيش يتركز الخطر.. وفي ظل الصراع الجاري الآن تصبح السعودية هي الأقرب لوضع منظومة للدفاع عن المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، خصوصاً وأن السعودية تمتلك ساحلاً علي هذا البحر يمتد لمسافة 1700 كيلو من شمال خليج العقبة إلي حدودها مع اليمن عند جيزان. ولما كان الخطر الشيعي يهدد السعودية: شمالاً من الهلال الخصيب في العراق وسوريا وجنوباً من اليمن فإن التعاون المصري- السعودي يصبح هو محور التحرك الحالي قبل أن تتقدم إليه أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها.. بحجة تأمين طرق نقل البترول سواء من الخليج العربي أو من اليمن ذاته.. أو بحجة أكبر هي حماية طرق التجارة العالمية عبر قناة السويس التي تتحكم فيها أي قوة تسيطر علي مضيق باب المندب.. وأن من يهرب ببتروله من مضيق هرمز عند الخليج العربي يمكن اصطياده وتقييد حركته عند محاولة الدخول إلي باب المندب وأقصد الدول التي مدت خطوطاً لنقل بترولها من الخليج إلي بحر عمان! فهل تخطط إيران لخنق طرق نقل البترول سواء عند هرمز.. أو عند باب المندب لتجبر أمريكا- والغرب كله- علي اللعب مع إيران نفسها.. نقول ذلك لأن هذا الطريق ينقل أكثر من ثلث البترول العالمي.. ولا يفلت منه إلا ما هو متجه إلي اليابان، وإلي الصين.. التي تعتبر الآن ثاني أكبر مستورد للبترول في العالم، بعد أمريكا! ان إيران تتجه الآن غرباً.. ليس فقط في العراق وسوريا.. ولكن الآن إلي السعودية والخليج.. ثم إلي مصر. وما كان مخطط إيران- من أيام الشاه محمد رضا بهلوي عام 1971- بمحاولة السيطرة علي البحرين إلا محاولة للتقدم غرباً- أي في الأراضي العربية.. أي لم تتغير استراتيجية إيران الفارسية سواء وهي تحت حكم أسرة «بهلوي»، أو وهي تحت حكم ملالي إيران منذ ثورتهم عام 1979! ثم إلي اليمن ورغم ان مذهب شعبها الأساسي هو الزيدية.. إلا أن الشيعة يلعبون الآن ويثيرون المشاكل ويتطلعون إلي البحر الأحمر.. وهذا هو الخطر الذي يجب أن نتنبه له الآن، كما تنبه له محمد علي ثم حفيده «إسماعيل».. وهو ما تنبه له الرئيس الشهيد أنور السادات عندما أغلق مضيق باب المندب أمام إسرائيل خلال حرب 1973. هل نتعلم؟!