كان يسير مع والدته ممسكاً يدها بكفه الصغيرة.. وفي لحظات، انتزع أحد شياطين الإنس الطفل من يد أمه ليحطم قلب الأسرة وتتحول حياتهم إلي جحيم.. انتشرت ظاهرة اختطاف الأطفال في مصر الآن طلباً للفدية من ذويهم، خاصة أن من يقومون بمثل هذه الجرائم البشعة متأكدون من أن الآباء علي استعداد أن يفعلوا أي شيء في سبيل عدم تعرض أبنائهم لأى أذى.. ومن هنا انتشرت تلك الجرائم في ظل حالة الفوضى والانفلات الأمنى الذي يعقب التغييرات السياسية المفاجئة. كل هذا كان كفيلاً بأن يلقي بالرعب في نفوس الآباء والأمهات. انتشرت مؤخراً علي صفحات الفيس بوك صور لمتغيبين في الشارع المصرى، غالبيتهم من الأطفال، الذين يتم اختطافهم غالباً بغرض تسريحهم في ميادين التسول بعد تشويههم وتغيير ملامحهم وطمس براءة أعمارهم حتي يتحولوا إلي غرباء بلا أهل داخل وطن يلفظهم. وقد يكون اختطافهم بهدف بيعهم في سوق الأعضاء البشرية أو طلباً للفدية. والد الطفل «مؤمن» البالغ من العمر 3 سنوات و3 أشهر والذي تم اختطافه من أمام منزل عائلته بقرية المصيلحة بمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية من يوم 14 يونيه الماضى، وقد قام والده بعرض مكافأة 100 ألف جنيه لمن يدلى بمعلومات عنه. والمثير هو أن أهالى القرية منذ اختطاف الطفل يعتمدون علي أنفسهم في البحث عنه، وأكد شهود عيان أن عصابات الاتجار في الأعضاء البشرية انتشرت قبل سنوات بالمحافظة وعادت لممارسة جرائم خطف الأطفال والاتجار بهم عبر مجموعات المتسولين التي تغرق قرى ومراكز المنوفية دون رادع أمنى. والطفل «مؤمن» ليس الأول في الأطفال ولن يكون الأخير، فالطفل «يوسف صلاح» البالغ من العمر 6 سنوات تم اختطافه أيضاً يوم 14 من يونية 2014 من أمام منزل والدته بقرية النعناعية بمحافظة المنوفية وبعد البحث وجدت ملابسه مطوية وملقاة بجوار الترعة وحتي الآن لم يتم العثور علي الطفل. أيضاً هناك الطفلة «سلمي» والتي تم اختطافها منذ أكثر من عام ونصف العام من الحديقة الخلفية لمنزلها وحتي الآن لم يتم التوصل لمكانها، ولم يتم الاتصال من قبل الخاطفين لطلب فدية. ومما يلفت النظر هو انتشار حالات الخطف في الفترة الأخيرة في محافظات الصعيد وقد احتلت محافظتا سوهاج والمنيا النصيب الأكبر من عدد جرائم اختطاف الأطفال وذلك نظراً لما تشهده محافظات الصعيد من انفلات أمنى شديد ولكن امتدت الظاهرة لتصل إلي القاهرة وتحديداً في منطقة بولاق الدكرور حيث شهد الحي عدة أحداث في الفترة الأخيرة. وهذا وقد ثبت أن هناك 90٪ ارتفاعاً في نسبة حالات الخطف بعد الثورة والتي أصبحت وسيلة لجلب الرزق لبعض العصابات، و30٪ فقط من حالات الخطف يتم الإبلاغ عنها، و70٪ تتأخر مما يعطل الإجراءات الأمنية خشية علي أرواح المختطفين. والخطير هو ما صرحت به «عزة العشماوى» الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، أن حوادث الاختطاف تشير لوجود شبهة اتجار بهؤلاء الأطفال أو بأعضائهم وأوضحت أن خط نجدة الطفل 16000، قد تلقي خلال الفترة من 2003 حتى 2011 عدد 194 بلاغاً، 22 بلاغاً لأطفال تم قتلهم بعد خطفهم، و63 بلاغاً لأطفال تم خطفهم وتمكنت الجهات الرسمية من استعادتهم، وعدد 109 بلاغات لأطفال تاهوا عن ذويهم، كما تم رصد 30 حالة خلال 2014 منها عدد 5 حالات لأطفال تم قتلهم بعد خطفهم وعدد 15 طفلاً تعرضوا للخطف وتمت استعادتهم، بينما تم رصد عدد 10 حالات لأطفال كانوا تائهين من أسرهم. هذا وقد تمكنت أجهزة الأمن بالقليوبية منذ فترة قصيرة من القبض علي تشكيل عصابى للاتجار في الأعضاء البشرية، حيث قاموا باستدراج العاطلين والمتسولين من الشوارع داخل شقة بمدينة 6 أكتوبر وإيهامهم بالتوظيف ثم يكتشف المجني عليه أنه فقد إحدى كليتيه ويحصل علي 12 ألف جنيه. وقد عثرت الأجهزة الأمنية بعد مداهمة الشقة علي 13 طفلاً بداخلها تم استدراجهم لاستئصال أعضائهم البشرية. والمثير هو ما أكده مسئول بخط نجدة الطفل قائلاً: إنه يتم استهداف الأطفال الصغار الذين يسهل السيطرة عليهم في سن سنتين أو ثلاث مثلاً، مؤكداً أنها أصبحت ظاهرة ويكون الهدف من الخطف إما التسول بهم، أو بيعهم لأسرة ليس لديها أطفال، خاصة أن أطفال دار الأيتام للكفالة فقط وليس للتبنى، ويمكن أن يكون الخطف أيضاً للاتجار بالأعضاء. ويقول مصدر أمني بقسم الهرم إن أغلب بلاغات الخطف التي تأتينا، 90٪ منها تحدث بسبب خلافات شخصية وتكون بدافع الانتقام، ففي منطقة الطالبية تم خطف طفل منذ حوالى شهرين، وقد قام بذلك زوج خادمة، حيث تم طرد زوجته من المنزل الذي كانت تعمل به وقام الزوج بخطف الطفل مطالباً أسرته بدفع الفدية. ولا شك أن الخاطفين يقومون بدراسة حالة الأسرة جيداً لمعرفة مقدرتهم المادية، ومطالبتهم بعد ذلك بدفع الفدية، وغالباً ما تكون هناك معرفة مسبقة بالأسرة. ويضيف المصدر المسئول أننا نمر بفترة انتقالية ومن المتوقع حدوث حالة من الخلل الأمني الذي أسفر عن ظهور مثل هذه الجرائم بعد الثورة، وقد يكون أيضاً هناك جانب من إهمال الأسرة، التي تترك أطفالاً يقضون وقتاً كبيراً في الشارع دون رقابة، مع عدم توجيه الطفل بعدم الذهاب مع شخص غريب لأي مكان.. ومما يلفت النظر هو أن المظهر الخارجى للمجرمين قد اختلف كما أصبح المجرم أكثر ذكاء، والمطلوب هو التواجد الأمني بشكل فعال لمواجهة تلك المسألة ثم نطالب بعد ذلك بتشديد العقوبة.