التحول الذي حدث في الموقف الامريكي والغربي تجاه الإرهاب عامة، وتنظيم «داعش» الإرهابي بصفة خاصة، هو من عند الله سبحانه وتعالي. لم أكن أتصور أبدا ان أمريكا وحلفاءها من دول الغرب واسرائيل، سيعيدون النظر في مخططهم المسموم، المسمى بالشرق الاوسط الجديد. هذا المخطط المسموم يقوم علي تقسيم وتفتيت منطقتنا العربية والقضاء علي المسلمين العرب. هذا المخطط تم الاتفاق عليه فيما بين الدول الغربية كلها وأمريكا، وبالتالي لم يكن من السهل أبدا عدول كل هذه الدول عنه او حتي تأجيل تنفيذه، خاصة وان مصالحهم جميعا قد ارتبطت بتنفيذه، وبصفة خاصة مصالح إسرائيل وتركيا وقطر. لم يكن أبدا في الحسبان تراجع امريكا والدول الغربية عن تنفيذ هذا المخطط المسموم أو حتي تأجيله، لولا إرادة الله سبحانه وتعالي التي تجلت فأعمت تنظيم «داعش» حتي ركبه الغرور القاتل، وبدأ بإنشاء دولته الاسلامية الكبرى، هذا بالإضافة الي انه استطاع مؤخرا من وضع يده والاستيلاء علي بعض آبار البترول بالعراق وكذا ليبيا. ومن المعلوم ان بترول العراق وبترول ليبيا وبترول العرب عامة هو شريان الحياة بالنسبة لكافة دول الغرب. ولمن لا يعلم فإن تنظيم «داعش» هو في الأصل من تخطيط وتدبير أمريكا ودول الغرب، هذا التنظيم جزء من تنظيم القاعدة وتمويله وتدريب قواته وأسلحته كلها من دول الغرب وبعض الدول العميلة للغرب كتركيا وقطر. هذا التنظيم كان عميلا لأمريكا ودول الغرب وكان مخططاً له إثارة الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط، ومع ذلك فقد أعماه الغرور والكبر وظن في نفسه شيئا، فأعلن عن إنشاء دولته الاسلامية الكبرى، التي هي امل كل التنظيمات الإسلامية المتشددة، التي تقوم علي فكر وتطبيق الخلافة والشريعة الإسلامية ومبدأ الشوري. من هنا بدأ التحول الامريكي الغربي لمواجهة تنظيم داعش، بعد ان استشعروا انه أصبح يهدد مصالحهم في منطقة الشرق الأوسط. دول الغرب لن تسكت أبدا علي إنشاء دولة إسلامية متشددة في المنطقة، كما انها لن ترضي أيضا بسيطرة المتشددين علي آبار البترول في منطقتنا، والتي هي شريان الحياة بالنسبة لهم. ولكن، مع الأسف الشديد فإن هذا التحول لم يشمل حتي يومنا هذا، التعاون بين دول الغرب وأمريكا بصفة خاصة مع جماعة الإخوان المسلمين، فهم جميعا ما زالوا حتي يومنا هذا لا يرون ان تلك الجماعة هي جماعة إرهابية، مثلها مثل تنظيم القاعدة وكذا بيت المقدس وحماس بالإضافة إلي «داعش». أعود فأقول، التحول الأمريكي الغربي، الذي حدث في نهاية الاسبوع الماضي، بدءا من مطالبة الدول الغربية بإنشاء جبهة دولية لمقاومة تنظيم «داعش»، الذي أصبح يهدد مصالحهم في المنطقة، فضلا عن هرولتهم جميعا إلي جدة بالمملكة السعودية، لعقد مؤتمر - بحضور مصر - لمقاومة الإرهاب بصفة عامة وتنظيم «داعش» بصفة خاصة. كل هذا أوجد نوعاً من التقارب الغربي والعربي وخاصة مع مصر، الذي حضر اليها وزير الخارجية الأمريكي وتقابل مع سيادة الرئيس السيسي، هذا اللقاء - في تقديري - سيعقبه لقاء آخر مع الرئيس أوباما، علي هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، التي ستنعقد في 24 من هذا الشهر. هذا بالإضافة الي الدعوة الرسمية التي وجهات الي سيادة الرئيس السيسي من ألمانيا لعقد لقاء مع المستشارة الألمانية – إنجيلا ميركل. كل هذه الشواهد تنبئ عن وجود شيء من التحول في العلاقات الغربية والأمريكية في المنطقة العربية وخاصة مع مصر. خلاصة القول، إن تنظيم «داعش»، قد أعماه الغرور وجعله يطمع في آبار البترول في العراق وفي ليبيا، ويسعي الي إنشاء الدولة الاسلامية الكبرى، ولولا عناية الله سبحانه، وحرصه علي سلامة مصر والسعودية وباقي دول الخليج، لما حدث هذا التحول في المواقف الامريكي والغربي من هذا التنظيم، لدرجة ان يصبح الأمر بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت. فقد كان مرسوما من الدول الغربية لهذا التنظيم ان يقوم بإثارة الفوضى بين المسلمين في منطقة الشرق الأوسط، حتي ينتهي الأمر إلي تقسيم وتفتيت المنطقة وقتل المسلمين بعضهم بعضا. حفظ الله مصر من شرور الطامعين والمخططين والمخربين.