الخبر الذى كتبه أول أمس فى «الوفد» الزميل العزيز محمود شاكر، أتمنى ألا يكون صحيحاً.. لأنه يعنى نهاية حلم عاش عليه جيلنا.. وأجيال قبلنا.. وربما بعدنا. الخبر يقول إن وزارة النقل تدرس مع الأجهزة الأمنية وهيئة السكك الحديدية إلغاء خط سكة حديد الفردان بئر العبد فى شمال سيناء، والسبب تعارض مسار القطار مع مشروع قناة السويس الجديدة.. ولو كان هذا صحيحاً فإن معناه أيضاً إلغاء، أو إغلاق، نفق الشهيد أحمد حمدى تحت القناة. وكما جاء فى الخبر، أن المهندس هانى ضاحى وزير النقل كلف هيئة السكك الحديدية برفع قضبان هذا الخط ومنع أى تجديدات أو صيانة أو إعادة تأهيله مرة أخرى، وكان قضبان هذا الخط قد تمت سرقتها بعد ثورة 25يناير وخلال السنوات الثلاث الماضية وأن وراء هذه السرقة جماعات من «حماس» لإنشاء الأنفاق. وقال الخبر إن وزير النقل يدرس إنشاء خط برى بديل لخط السكة الحديد هذا!!. ما هذا التخبط، بل الخطأ، الذى تقع فيه وزارة النقل.. إذ سبق أن طلب وزير النقل السابق د. جلال سعيد إعادة تأهيل وإصلاح هذا الخط وإجراء أعمال الصيانة، والانتهاء من إعادة تشغيله بعد توقفه عام 2006 وقرر استبدال الأجزاء المفقودة من القضبان، التى تمت سرقة 70٪ منها فى سنوات الفوضى الثلاث الماضية. واعتراضى على اتجاه الوزارة الحالية نحو إلغاء هذا الخط يقوم على عدة محاور أولها أننا أنفقنا الملايين على إعادة مد هذا الخط ضمن المشروع القومى لتنمية سيناء.. ومددنا القضبان، وأنشأنا المحطات بل وتحملنا ملايين الجنيهات لإعادة إنشاء كوبرى الفردان «الجديد» بعد أن تم تدمير الكوبرى القديم فى حرب 67.. وهو الكوبرى الذى كنا قد أعدنا إقامته بعد أن تم تدمير الكوبرى الذى سبقه خلال العدوان الثلاثى عام 1956.. فهل نخسر كل هذه الملايين؟! أقول ذلك وأنا أهيب بالمهندس سليمان متولى وهو من أشهر وزراء النقل المصرى، أن يتكلم.. ويدافع عن مشروعه الحيوى هذا لإعادة تشغيل هذا الخط ليدعم حركة النقل الى فلسطين ثم إلى سوريا ولبنان.. بل وإلى تركيا.. فهل يتكلم الرجل الذى أحترمه كثيراً؟! ثم إن إلغاء هذا الخط يوقف الحلم القديم الذى طالما طالبت به بإنشاء خط سكة حديد، آخر، ينزل من الشاطئ الشرقى لخليج السويس الى رأس سدر ثم الى الطور بمحاذاة شاطئ الخليج، حتى يصل الى الموضع المقترح لإنشاء الكوبرى المعلق الذى نحلم به من شرم الشيخ عبر مضيق تيران إلى البر السعودى، على الشاطئ الشرقى للبحر الأحمر لينطلق الخط الحديدى إلى السعودية وكل دول الخليج العربى لينعش حركة التجارة والنقل بين مصر، وكل هؤلاء الأصدقاء. أقول وأنا أدافع عن النقل بالسكك الحديدية «للركاب والبضائع» لأن العمر الافتراضى للسكك الحديدية أضعاف عمر النقل البرى بالسيارات.. وأكرر أن السكك الحديدية هى التى عمرت وبنت منطقة وسط غرب وكل غرب أمريكا.. وكذلك نفس الحال مع خط سكة حديد سيبيريا الروسى فنجئ نحن الآن ونلغى ذلك كله.. وهل ذلك يتم من أجل عيون مستوردى سيارات النقل وأصحابها.. ومن أجل عيون شركات رصف الطرق!! بل إننى سبق أن اقترحت مد خط للسكك الحديدية يخترق وسط سيناء من الفردان الى طابا على رأس خليج العقبة، لتنمية منطقة هذا الوسط، الذى نفكر فى تحويله إلى محافظة ثالثة فى سيناء لنقضى بذلك على كارثة إهمالنا لهذا الوسط الحيوى المهمل حتى الآن. وللأسف تأتى الدراسة المقترحة بما يدمر كل هذه الأحلام ويزيد من عزلة شبه جزيرة سيناء البالغ مساحتها «61» ألف كم مربع.. وهذا يأتى فى وقت نطالب فيه بالتوسع فى تنمية سيناء.. فأن يأتى وزير ليدمر كل ذلك.. فهذه هى الجريمة بعينها.. وإن كنت أتوقع أن رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب لن يوافق على إلغاء هذا الخط، ليس فقط حتى لا تضيع الملايين التى أنفقناها على إنشائه.. ولكن حتى لا يتوقف الحلم الأكبر فى تنمية سيناء.. والسكك الحديدية هى الطريق الأفضل لذلك. وأقول للمهندس هانى ضاحى إن ما ينقله قطار للسكك الحديدية من بضائع يحتاج الى عشرات السيارات العملاقة للنقل.. فهل هناك من يفكر فى تقديم هذه الخدمة لسيارات النقل وشركات رصف الطرق، على المصلحة العليا للوطن. إن مثل هذه القرارات الكبرى يجب ألا يقررها شخص بمفرده، أى وزير النقل وحده.. بل لابد فى هذه المشروعات الكبرى من قرارات مدروسة وتتخذ وحدها هذه القرارات بمعرفة العلماء.. ورجال الاستراتيجيات والجغرافيا السياسية..لأنها قرارات تمس أخطر مصالح الوطن.. وللأسف كنت أتوقع من وزير النقل أن يأمر بإعادة تأهيل هذا الخط.. وليس بالحكم عليه بالإعدام. والمنقذ هنا هو الرئيس السيسى نفسه والمهندس إبراهيم محلب رئيس الحكومة فالوزراء زائلون.. أما مصلحة الوطن فهى الباقية.