أكدت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية أن مطالب العمال المصريين لم تتحقق حتى الآن منذ اندلاع ثورة 25 يناير، رغم دورهم المهم في نجاح الثورة في الأيام الأخيرة منها؛ موضحة أنه حتى وعد الحكومة المؤقتة بزيادة المرتبات إلى 700 جنيه شهرياً، اعتباراً من الأول من يوليو لم يتحقق لأن ميزانية الدولة للسنة المالية الجديدة خفضت المبلغ إلى 685 جنيها، ولايزال العمال ومؤيدوهم يواصلون الضغط لرفع المبلغ إلى 1200 جنيه شهرياً. وأكدت أنه مع هذا فإن الحد الأدنى للأجور ينطبق فقط على العاملين بعقود دائمة في القطاع العام. أما القطاع الخاص فيعتمد فى المقام الأول على العقود المؤقتة، وهو غير خاضع للرقابة الحكومية. وقالت المجلة إن حركة شباب 6 أبريل والجماعات "الثورية" الأخرى التي انبثقت من ثورة يناير قد أحجمت في البداية عن تبني مطالب اقتصادية محددة، على الرغم من الهتافات الشعبية التى تطالب بالعدالة الاجتماعية. ولكن، منذ المظاهرات الحاشدة في الأول والثامن من يوليو بميدان التحرير، ونزول المواطنين مرة أخرى إلى الساحات الرئيسية في الإسكندريةوالسويس، فقد رفعت حركة 6 أبريل شعار "أسر الشهداء والفقراء أولاً". وأضافت المجلة أن المطالب الاقتصادية صارت أكثر وضوحاً منذ الاشتباكات التي دارت بين أسر الشهداء وبلطجية وزارة الداخلية في القاهرة في أواخر يونيو. وكذلك المطالب بوضع برنامج توظيف للشباب ووضع حد أدنى وأقصى للأجور. وأكدت المجلة أن خلع الرئيس السابق حسني مبارك وأعوانه أعطى القوة للمصريين لرفع أصواتهم والمطالبة بالكرامة والديمقراطية والعدالة الاقتصادية، وهي الشعارات التى نادى بها المتظاهرون فى ميدان التحرير في يناير وفبراير ومنذ ذلك الحين. وأوضحت أن هذه التجربة لم تكن جديدة تماماً بالنسبة للملايين من العمال وأصحاب الياقات البيضاء (أصحاب المهن التخصصية). فالعديد منهم حصل على مكاسب اقتصادية كبيرة، مثل تلك التي طالب بها عمال الشركة التابعة لهيئة قناة السويس. وأكدت المجلة أنه خلال الأيام الثلاثة التي سبقت مغادرة الرئيس مبارك يوم 11 فبراير، ساهم العمال بشكل واضح فى الثورة من خلال الانخراط في حوالي ستين إضراباً، واستمرت الإضرابات والاعتصامات بانتظام منذ ذلك الحين عدة مرات في الأسبوع. مما جعل مجموع الإجراءات الجماعية التى قام بها العمال خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2011 نحو 200 إضراب، وهو نفس وتيرة الاحتجاجات العمالية منذ عام 2004. وأكدت المجلة أن أكثر من نصف العمال الذين يعملون فى هيئة قناة السويس والبالغ عددهم 18 ألفاً دخلوا في إضراب منذ 12 يونيو الماضى؛ موضحة أنهم يعملون فى مجال الخدمات البحرية فى الشركات الفرعية السبع التابعة لهيئة القناة في مند: السويس والإسماعيلية وبورسعيد. وأشارت إلى أن هؤلاء العاملين كانوا دائما يحصلون على أعلى الأجور وأفضل المزايا. وأنه قبل ثورة 25 يناير، طالب عمال إحدى الشركات التابعة للهيئة بتحقيق مبدأ التكافؤ وزيادة الأجور بنسبة 40%. وقد وافقت إدارة الشركة على هذا الطلب فى أبريل تعبيراً عن الإمكانات الجديدة لحقبة ما بعد 25 يناير. ولكن الحكومة المؤقتة أكدت أن ظروف العاملين فى الخدمات العامة وأجورهم تأسست من خلال التشريع البرلماني، وبالتالي لا يمكن إجراء أي تغييرات في ظل حل البرلمان. وأكدت أن الإضراب يعبر عن رفض العمال هذا المنطق. وأشارت المجلة إلى أن العمال المصريين حصلوا على الثقة بالنفس من ثورة يناير وهذا ما يعبر عنه قدرتهم على مواصلة الإضراب لمدة خمسة أسابيع، وهي فترة طويلة بالنسبة للقطاع الصناعي المرتبط بقناة السويس الحيوية اقتصادياً واستراتيجياً، والإصرار على ضرورة الاستجابة للمطالب الاقتصادية، على الرغم من غياب الإطار القانوني الذي أنشأه النظام القديم. وأضافت المجلة أن النقابات العمالية لا تزال ترفض اتهامات لا تعد ولا تحصى في الصحافة أو من بعض "الشباب الثوري"، بأن المطالب الاقتصادية للعمال تعبر عن "مصالح خاصة ضيقة" بالمقارنة بالمصالح "الوطنية العامة". وقالت المجلة إن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر كان منذ إنشائه في عام 1957 ذراعاً للدولة المصرية ومؤسسة رئيسية في جهازها القمعي. وكانت انتخاباته دائماً مزورة وآخرهاً الذى تم فى 2006. وكانت مباحث أمن الدولة تستبعد بشكل تعسفي العناصر السياسية المعارضة من أي نوع من الشيوعيين إلى الإخوان المسلمين من الترشح للمناصب النقابية. وأشارت المجلة إلى أن اتحاد نقابات عمال مصر ومعظم مسئوليها وقفوا بمعزل عن نشاط الحركة العمالية في العقد الماضي أو حتى عارضوها.