«الطلبة إللى بتأيد السيسى تخرج من المحاضرة» هكذا صاح أستاذ جامعى فى طلابه فى العام الجامعى المنصرم، مقررا وحده بعيدا عن كل التقاليد الجامعية، أن يكون معلما لنوع واحد فقط من الطلاب، هم من يعارضون السيسى. الواقعة رواها الدكتور «جابر جاد نصار» رئيس جامعة القاهرة فى الحوار المهم الذى أجراه معه الإعلامى «يوسف الحسينى» فى برنامجه «السادة المحترمون» على فضائية «أون تى فى» لايف الثلاثاء الماضى، وكشف فيه عن الاجراءات ألأمنية التى اتخذتها جامعة القاهرة لتأمين العام الدراسى الجديد ،الذى يبدأ منتصف الشهر القادم، من احتمالات عودة طلاب جماعة الإخوان وأنصارهم لممارسة العمليات التخريبية والإجرامية لعرقلة العام الدراسى ،كما جرى فى معظم الجامعات المصرية العام الماضى، بعد أن اعترض وزير التعليم العالى آنذاك الدكتور «حسام عيسى» والدكتور «جابر نصار» نفسه على إعادة الحرس الجامعى، اكتفاء بمنظومة الأمن الإدارى التى يشرف عليها رئيس الجامعة. وفى الحوار أكد الدكتور «نصار» أن المنظومة الأمنية لجامعة القاهرة قد تعززت هذا العام مقارنة بالعام الماضى بزيادة أعداد قوات الانتشار السريع الى نحو مائتى فرد، ومضاعفة قوات الأمن النسائى، والمعدات الأمنية وأعداد الكلاب البوليسية، وتحديث أجهزة كشف المتفجرات، فضلا عن ترميم أسوار الجامعة، وسد فتحاتها بألواح ضخمة من الصاج، لمنع إدخال الأسلحة وزجاجات المولوتوف عبرها . وفرق الدكتور «نصار» بين الانتماء السياسى والعمل الحزبى داخل الجامعة، حين أوضح أن الجامعة لا تصادر على انتماءات الطلاب السياسية، لكنها تطلب من الطلاب والأساتذة والموظفين والعاملين بها أن يخلعوا أرديتهم الحزبية على أبواب الجامعة، وفى هذا الإطار سوف يتم الغاء الأسر الجامعية التى تبين أنها ظهير لجماعات دينية متطرفة أو لغيرها، كى لا تتحول الجامعة إلى ساحة للنزاع الحزبى. مايلفت النظر فى الحوار قول الدكتور» نصار» إن جامعة القاهرة هى الجامعة الوحيدة التى طبقت القانون وفصلت 94 طالبا فصلا نهائيا ممن ثبت ممارستهم عمليات إرهابية، وإن أحكام القضاء أيدت قرارها بالفصل. والسؤال المنطقى ولماذا صمتت بقية الجامعات المصرية على الطلبة والأساتذة المخالفين للوئحها؟ لقد تابع ملايين المشاهدين عبر الفضائيات بالصوت والصورة عمليات التخريب والتدمير للمنشآت والمبانى داخل جامعة الأزهر، وتحطيم المعدات الدراسية، والاعتداء على الأستاذة الجامعيين وعلى منازلهم وممتلكاتهم، وتجريد النساء منهن من ملابسهن، وسبهن بأقبح الألفاظ والشتائم، واستخدام بعض أساتذة الإخوان سيارتهم الخاصة لإدخال متفجرات وشماريخ ومنشورت تحريضية مسيئة، بالإضافة إلى المشاهد الهزلية التى تم اصطناعها عن تسمم الغذاء فى المدينة الجامعية التابعة للأزهر، ثم المظاهرات التى تلتها للمطالبة بإقالة شىيخ الأزهر؟! وفى عدد من المنابر الفضائية، اشتكى أكثر من مسئول فى جامعة الأزهر من أشكال متعمدة لعرقلة العملية التعليمية، وتخريبها من قبل أساتذة وموظفين فى مواقع تنفيذية ينتمون لجماعة الإخوان، ويمدون العناصر التخريبية بكافة أشكال المساعدة، كما يضفون عليهم، بحكم وظائفهم، الحماية التى قد تنجيهم من المساءلة القانونية. وبرغم أن العام الدراسى بات على الأبواب، فمازال مجلس جامعة الأزهر، يدرس فصل أساتذة الإخوان الذين حرضوا الطلاب على العنف والتخريب، ويبحث فى منع القيادات الإخوانية من تقلد أى منصب فى الجامعة! ولم يعد سرا أن المدن الجامعية، كانت قد تحولت إلى مأوى للمتطرفين الدينيين، ومخزن لتكديس الأسلحة والشماريخ والأسلحة البيضاء والنارية، وهو ما بدا جليا بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، وفى المظاهرات التخريبية داخل الجامعات العام الماضى، ويجب ألا يلتفت المجلس الأعلى للجامعات للضجة المثارة حول الضوابط التى وضعها مؤخراً للسكن فى المدن الجامعية، ومن بينها حرمان الطالب الذى وقع عليه جزاء لمشاركته فى أعمال العنف العام الماضى من السكن بها، أو يكون رهن التحقيق فى قضايا متعلقة بهذه الأعمال، أو يكون راسبا أو محولا من جامعة لأخرى أو يكون طالب انتساب، وأن يوقع هو وولى أمره على تعهد مكتوب للالتزام بالضوابط والنظم التى تحددها اللائحة التنفيذية لتنظيم الجامعات، والتى تلزم الطلاب بالحفاظ على منشآت الجامعة، وعدم استخدام مرافقها فى غير ما خصص لها، وعدم كتابة كلمات أو شعارات مسيئة على جدرانها، وقبول الإجراءات التى تتخذها إدارة الجامعة لمواجهة عدم الالتزام بتلك الضوابط، وسداد الرسوم المالية الشهرية المقررة للسكن بها، والتى، لا تتجاوز خمسة وستين جنيها للإقامة ومائة جنيه للتغذية، برغم أن الطالب الواحد –وفقا لما قاله جابر جاد نصار - يكلف الجامعة 1300 جنيه بشكل غير مباشر و650 جنيها بشكل مباشر. الضجة المثارة حول هذه الضوابط تتحلى برداء ثورى و تزعم أنها إعادة الوضع إلى ما قبل ثورة 25 يناير، واستدعاء الأمن للتدخل فى شئون الطلاب، مع أن القانون الذى يلزم الطلبة الوافدين الراغبين فى الدراسة أو السكن فى المدن الجامعية، بملء استمارة بيانات، وتسليمها لإدارة الوافدين بوزارة التعليم العالى للحصول على الموافقة الأمنية معمول به منذ عقود، ولم يعترض عليه أحد، سوى الآن، لكى يتثنى للمعترضين على الضوابط التى تحول بينهم وبين التخريب وتعطيل الدراسة ،أن يصفوها بأنها حجر لحريات الرأى والتعبير والتظاهر! جاء الرد واضحا وصريحا من وزير التعليم العالى على حملة التلويش التى يقودها أعضاء جماعة الإخوان وأنصارهم فى وسائل الإعلام على تلك الضوابط غير المستجدة، والتى يجرى التأكيد الآن على تفعيلها، مع ترك الحرية لكل جامعة أن تطبقها وفقا لظروفها الخاصة بها، حين أعلن الوزير الدكتور «السيد عبد الخالق» قائلا: «لن يدخل المدينة الجامعية إلا الطالب الذى يحترم قواعدها. أما الطالب الذى يخرق هذه النظم والقواعد، فلن يمكث دقيقة واحدة داخل المدينة». وتحتاج هذه الضوابط أن يضاف إليها، منع المنتقبات من دخول الحرم الجامعى، بعد أن أثبتت تجارب السماح به استخدامه فى الأعوام الماضية كوسيلة من وسائل الغش فى الامتحانات، وارتدائه داخل الحرم الجامعى وخارجه لارتكاب جرائم جنائية تهدد أمن المجتمع، كما كان هو الوسيلة التى سهلت لقادة اعتصام رابعة المسلح الهروب من الملاحقة الأمنية. بعد الضربات الموجعة التى وجهها الأمن الوطنى لأوكار جماعة الإخوان ولمخازن أسلحتها، وملاحقة عناصرها الإرهابية، وسرعة الكشف عنهم والقبض عليهم، وبعد الوهن والفشل اللذين حلا بها داخل المجتمع، فليس مستبعدا أن تنتقل منه إلى داخل الجامعة وأن تعد العدة لتكرار مآسى العام الماضى، بحثا عن انتصار خائب فى أى موقع، لكن حرمانهم من تحقيق ذلك لم يعد مسئولية الجامعة بمفردها، ولكن هو مسئولية مشتركة بينها وبين أولياء الأمور ،كما قال الدكتور جابر نصار فى حواره،حين حث أولياء الأمور على الاهتمام بأولادهم، مؤكدا بشكل حازم على أن «مجلس الجامعة وضع ضوابط صارمة للسكن واللى هايخالفها، هيلم هدومه ويمشى».