منذ بدء الخليقة والإنسان يسعي ليصبح عضواً في جماعة ينتمي إليها، ويتبادل معها مشاعر التعاون لإشباع حاجته إلي الأمن والأمان، ولأن الله سبحانه وتعالي خلق الإنسان اجتماعي بالفطرة نجده يرغب دائما في أن تكون لديه هوية تميزه عن غيره، سواء كان ذلك بالانتماء إلي قبيلة أو جماعة أو شعب، كما إنه ينفر من فكرة بقائه وحيداً ،لذلك أعطي علم النفس هذه المسألة أهمية خاصة واعتبر أن مشاعر الانتماء تشكل حاضنة نفسية تساهم في تزويد الشخص بالطاقة المعنوية الدافعة للعمل والانجاز. الانتماء نوع من أنواع الارتباط الوجداني يدعم إحساس المواطن بالمواطنة، ويؤسس لولائه اتجاه الثوابت الوطنية ومبادئ أمته التي ينتمي إليها، ف لكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية عبر التطور التاريخي سمات خاصة ومجموعة من الأساليب التي تتيح لأعضائه ممارسة إنسانيتهم وتنظيم أمورهم الحياتية، حيث تشمل هذه الأساليب القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد والمعتقدات والأعراف والتراث واللغة والموروثات الفكرية والإبداعات الأدبية والفنية وغيرها من المكونات التي تشكل الذات الثقافية وتعتبر بمثابة المحفز للإنتماء لدي أفراد المجتمع ولأننا نواجه حرباً مستمرة للسيطرة علي عقول الشباب من خلال تدمير منظومة القيم الأخلاقية واستبدالها بمفاهيم جديدة تتعارض مع نسق المعايير المجتمعية، بقصد إحداث تغير جذري في سلوكياتهم، أصبح المحافظة علي الذات والتمسك بالانتماء والقيم الأصيلة أمراً حتمياً لمواجهة الغزو الثقافي الذي يهدف إلي طمس هويتنا، وأن كان هذا لا يعني رفضنا للتغير والتجديد بمفهومة الشامل بل يمكننا قبول التغير والسعي إليه في إطار عملية تطور وتقدم مستمر، دون أن نفقد هويتنا أو تنصهر ذواتنا في ثقافات الغير، فالتطور والإبداع والتطلع نحو الأفضل لا يتعارض مطلقاً مع الحفاظ علي ثقافتنا وهويتنا وتراثنا بل يجب أن يكون منطلقاً للثقافة الحية ومنبعا للتجديد ما تشهد الساحة من تغيرات وثورات وظهور حركات مسلحة وجماعات عنف تسعي لتغير ملامح المنطقة ينبغي أن يجعلنا أكثر حرصا علي الدفاع عن الهوية الوطنية والحفاظ عليها من الانهيار، حتى وأن نجحت الأحداث المتلاحقة في التأثير نسبياً علي بعض الشباب الذي أصبح لديه عقيدة فكرية ومصطلحات ومفردات وسلوكيات متطرفة يؤمن بها في مقابل الكفر بقيمة الانتماء والولاء والاعتزاز بالوطن ،نحن بحاجة إلي تضافر الجهود وان تتحمل جميع المؤسسات الثقافية والتربوية والإعلامية مسؤولياتها، لاستعادة التوازن المفقود والدفاع عن هويتنا وثقافتنا.