يتوجه، غدًا الأحد، 52 مليونًا و695 ألف ناخب تركى، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس للجمهورية التركية، وذلك للمرة الأولى فى تاريخها، ويعتقد أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، مرشح حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، هو الأكثر والأوفر حظًا للفوز بالانتخابات برغم كل التحديات الداخلية والخارجية التى واجهها على مدار الأشهر الخمسة عشر الأخيرة والتى أدت لاهتزاز صورته ومكانته لدى الرأى العام التركى. ولكن يبقى السؤال الأول والأخير المطروح بين الجميع وهو: "هل سيتمكن أردوغان من الفوز من الجولة الأولى؟ ففى حال عدم فوز أردوغان من الجولة الأولى سيضطر لخوض الجولة الثانية المقرر لها 24 أغسطس الجارى أمام منافسه أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام السابق لمنظمة المؤتمر الإسلامى ومرشح حزبى المعارضة الرئيسيين "الشعب الجمهورى" بزعامة كمال كليجدار أوغلو، و"الحركة القومية" بزعامة دولت بهتشلى، إلى جانب دعم 13 حزبًا سياسيًا صغيرًا لا تجتاز نسبتهم 2٪ لإحسان أوغلو الذى يؤكد فى جميع تصريحاته أنه سيحقق مفاجأة لا يتوقعها أحد على عكس استطلاعات الرأى والصحافة الموالية للمرشح أردوغان. صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطية الكردى، هو المرشح الثالث للانتخابات الرئاسية الذى يؤيده الأكراد، فضلاً عن تأييد منظمة حزب العمال الكردستانى، إضافة إلى تأييد التيار الديمقراطى اليسارى، وهو تيار ضعيف. تعقد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية صباح غد الأحد، الموافق العاشر من أغسطس 2014، وفى حال عدم حصول أى من المرشحين، بحسب ما ينص عليه الدستور التركى، على نسبة 50٪ + صوت واحد، ستتوجه تركيا إلى الجولة الثانية التى ستجرى فى الرابع والعشرين من نفس الشهر، ليتسلم المنصب الرئاسى من الرئيس الحالى عبد الله جول الذى تنتهى ولايته فى الثامن والعشرين من أغسطس الجارى. أغلبية نتائج مراكز البحوث السياسية والاجتماعية التى أعدت استطلاعات رأى مختلفة بين صفوف المجتمع التركى فى عدة محافظات تركية أكدت أن أردوغان سيفوز بالجولة الأولى وبنسبة 51 : 53٪، بينما سيحصل إحسان أوغلو على نسبة لا تتجاوز 40٪، ويعود ذلك إلى قضاء المواطنين الأتراك للإجازات الصيفية، وهو ما سيمثل عاملاً سلبيًا على نجاح إحسان أوغلو أمام منافسه أردوغان، أما المرشح دميرطاش فبلا جدل هو النجم الصاعد بأدائه المتوازن وبكاريزما لا يمكن تجاهلها، ولكن لا يمكن أن تجتاز نسبته فى الانتخابات الرئاسية 9٪، وهى نسبة جيدة للأكراد فى عموم المدن التركية. واستغل أردوغان ورقة الحرب فى غزة فى معركته الانتخابية من أجل إقناع الناخبين به رغم انتقادات السياسيين المعارضين والصحف العلمانية لسياسته وعدم تقديمه أى خطوة ملموسة فى أزمة غزة، حيث تساءلت الصحف العلمانية عما إذا قامت حكومة أردوغان بتهديد إسرائيل بتدمير خطوط الغاز الإسرائيلى التى تمر عبر الأراضى التركية؟ أو لوحت الحكومة بقطع العلاقات التجارية والعسكرية مع تل أبيب. وأشارت الصحف العلمانية إلى أن أردوغان معروف بمهارته ومحاولة استغلاله الأحداث الإقليمية والدولية لصالحه حتى يظل بطلاً أمام الرأى العام. وتصاعدت حدة المنافسة بين المرشحين الثلاثة: أردوغان وإحسان أوغلو ودميرطاش، مع هجوم عنيف وانتقادات حادة بين حزب "العدالة والتنمية" من جانب و"الشعب الجمهورى" و"الحركة القومية" من جانب آخر، فضلاً عن حزب "الشعوب الديمقراطية" الكردى، على الرغم من أن أردوغان سخَّر جميع إمكانات الدولة لصالحه، وهو ما أثار استياء المرشحين الآخرين واتهامه بعدم توخى العدل فى الانتخابات الرئاسية. من جانبها، استخدمت أحزاب المعارضة السياسة الخارجية سلاحًا لها ضد أردوغان، حيث اتهمته بأنه دفع تركيا إلى عزلة فى منطقة الشرق الأوسط بسبب سياسات الحكومة التركية تجاه العديد من القضايا فى العراقوسوريا ومصر وليبيا، فضلاً عن اتهامهم بأن أردوغان دفع المسلم ليقتل أخيه المسلم فى سوريا بعد تزويده بالسلاح والدعم اللوجستى للمعارضين والجيش السورى الحر، مما تسبب فى عدم قيام أى دولة بالمنطقة بطرق أبواب تركيا. كما أكدت أحزاب المعارضة أن تنظيم ما يسمى ب"الدولة الإسلامية بالعراق والشام" (داعش) "أَسَرَ" أردوغان الذى يخشى التطرق إلى هذا التنظيم ووصفه ب"الإرهابى" رغم إنزال أعضائه العلم التركى من فوق مبنى القنصلية التركية فى الموصل واستمرار احتجاز 49 دبلوماسيًا تركيًا فى العراق، مطالبين الشعب التركى بعدم التصويت لأردوغان حتى يمكن التخلص من عزلة تركيا فى منطقة الشرق الأوسط.