اتسعت رقعة مستنقعات الصرف الجوفية التى تعوم فوقها قرى محافظة المنوفية البالغ عددها 315 قرية، باستثناء 40 قرية حظيت بنعمة الصرف الصحي فى ظل غياب الاعتماد المادي، بينما يجرى تنفيذ مشاريع الصرف فى 147 قرية، وهى من بين القرى التى تم إدراجها ضمن 220 قرية فى خطة مشاريع الصرف التى توقفت كلياً بعد ثورة يناير، وحتى الآن نجد أن تلك القرى قد حظيت بشبكات صرف متكاملة ولكن مع إيقاف التنفيذ. ومن بين قرى حظيت بمشاريع صرف مجمدة وأخرى محرومة بلغ عددها 128 قرية خصصت لها المحافظة 994 مليون جنيه لإقامة 102 مشروع للصرف، نجد طوفانا من الأمراض والأوبئة يجتاح أهالي تلك القرى بسبب الجهل والأمية أو بسبب الفقر وضيق الحال. فقد عمد الكثيرون على دق الطلمبات اليدوية إلى باطن الأرض المشبعة بمياه الصرف بحجة أن تلك المياه "مياه معين" نقية على حد قول الكثير منهم، وفى ظل انتشار "طلمبات الموت" التى تجلب السرطان وتحطم مناعة السكان نجد مياه الصرف التى تلتهم أساسات المنازل وتضعفها على مدار السنين كما تلتهم مياه الطلمبات صحة قاطنيها. وعلى الرغم من نداءات المسئولين بحث الأهالي على التبرع بالجهود الذاتية للمشاركة فى مشاريع الصرف الصحى، حرم الكثير من المواطنين من هذه النعمة حتى الذين شاركوا فى تلك التبرعات، فنجد قرية كفر الشيخ إبراهيم التابعة لمركز قويسنا التى حظيت هى الأخرى بمشروع صرف صحى مع إيقاف التنفيذ مع حرمان الكثيرين من أبناء القرية من المشاركة فى خدمة الصرف الصحى بحجة أن منازلهم واقعة على أطراف القرية على الطريق المجاور لأنابيب ضخ وقود الطائرات للقاعدة العسكرية الملاصقة للقرية، ذلك على الرغم من تبرعهم بالأموال كباقي المقيمين فى القرية، فيما قام بعضهم بالتوجه إلى الجيش لإعطائهم التصريح اللازم، إلا أن مساعيهم قوبلت برفض قاطع لعدم السماح للبلدية بالحفر بالقرب من أنابيب الوقود، فانحصر الأهالي المعذبون بين شقي الرحا ومبدأ "أنا مالى". وفى زيارة ميدانية قامت بها "الوفد" إلى هذه القرية البائسة التي تجسد مأساة تتكرر فصولها فى جميع القرى التى حرمت من أهم مشاريع البنى التحتية على الإطلاق وهو مشروع الصرف الصحي الذى يرتبط فى جوهره ببنى تحتية هامة وخطيرة وهى الوحدات الصحية والمستشفيات ومشاريع مياه الشرب، وجدنا أن مياه الصرف يتم سحبها من خزانات عميقة أسفل المنازل بعضها يتصل مباشرة بالمياه الجوفية نظراً للبنية الجيولوجية لتربة هذه البقة الرملية التى تساهم فى تسريب عشرات الأطنان من مياه الصرف يومياً إلى مستنقعات سفلية فى باطن الأرض. وفى استطلاع للرأى قال الكثير من قاطنى قرية كفر الشيخ إبراهيم، لقد بنيت منازلنا فوق بقعة رملية حتى أننا لم نضطر إلى شراء الرمال لتشييد منازلنا، وقمنا بتشييد خزانات للصرف أسفل تلك المنازل حتى أن بعضها يصل عمره إلى أكثر من 30 عاماً ولم نضطر حتى الآن إلى فتحه لنزح ما به من مياه، وهذا يعنى أن تلك المياه تتوجه بشكل أثيري إلى خزانات متصلة بمستنقعات وبرك جوفية تعوم عليها القرية بأكملها، ويتضح ذلك جلياً فى جدران المنازل التى بدأت تتساقط بفعل مياه الصرف الجوفية. وأضاف الأهالي: نقوم بتأجير عربات الشفط مقابل 25 جنيها للحمولة الواحدة فيما نحتاج إليها 4 مرات على الأقل شهرياً بتكلفة مائة جنيه لكل منزل، وجميعها مشاريع أهلية قابلة للمزايدة والاحتكار تقوم بتدمير البيئة بالتخلص من صرف المنازل فى الترع مما يضر بالزراعة والثروة والسمكية، وهذا حال المئات من قرى المحافظة. ومن جانبه قال اللواء أحمد شرين فوزى محافظ المنوفية لقد تمكنا من تغطية معظم قرى المحافظة بالكهرباء، لكننا الآن نعانى مشكلة حقيقية بالصرف الصحى، مشيراً إلى أن خطط الصرف تقع على كاهل الدولة، فمحافظة المنوفية وحدها تحتاج 4.3 مليار جنيه لتغطية مشاريع الصرف بالمحافظة، فتكلفة مشروع الصرف فى القرية الواحدة لا يقل عن 120 مليون جنية علاوة على محطات الصرف التى تقدر تكلفتها وحدها من 150 إلى 300 مليون جنيه. كما لفت فوزى إلى حاجة الدولة إلى خطط استثمارية يتم تقسيمها على كافة المحافظات وبناء محطة مركزية فى كل محافظة على حدة، مشيراً إلى الجهود والمساعي التى بذلتها المحافظة لمخاطبة وزارة التخطيط وحثها على التركيز على مشاريع الصرف الصحى بالمحافظة. ومن جانبه أكد المهندس محمد نجيب رئيس شركة المياه والصرف الصحى على سعى الشركة على تغطية كافة قرى ومراكز المحافظة بالكامل، مشيرا إلى الخطة السنوية التى تقوم يتنفيذها الهيئة القومية للمشروعات ابتداء من 1 يوليو من كل عام، والتى تشمل استكمال مشاريع الصرف إلى صيانة المشاريع القائمة علاوة على الطرق المتهالكة فى الكثير من مراكز وقرى المحافظة كقويسنا وعرب الرمل وأجهور. وقال نجيب رداً على إمكانية تشغيل مشاريع الصرف المعلقة: "حتى نتمكن من الوصول إلى مستوى التشغيل لابد من الانتهاء أولاً من خطوط الطرد ومحطات الرفع، مشيراً إلى تعثر استكمال تلك المشروعات بعد ثورة 25 يناير إلا أن المحافظة بتوجيهات اللواء أحمد شرين فوزى تعمل بكامل طاقتها لاستكمال تلك المشروعات وإعادتها إلى حيز التنفيذ، وعن احتمالية خلط مياه الصرف الصحى بمياه الشرب أشار نجيب إلى أنه لا توجد احتمالية الخلط بين مياه الصرف الصحى ومياه الشرب فمواسير الشرب أعلى من مواسير الصرف مع وجود العوازل اللازمة بين كل منهما.