إحدي المقولات البليغة التي تصدرت لسان الثوار في ميدان التحرير في جمعة «الثورة أولاً» 8/7/2011 وهي تنطبق تماما علي حال «مصر» منذ 25 يناير الماضي حينما قام الثوار بثورتهم الرائعة.. التي لم يكن أشد المتفائلين من المصريين.. يتخيل أو يتوقع أن تنجح الثورة البيضاء الرائدة بهذا القدر من النجاح غير المسبوق.. والذي وقف أمامها دول العالم مبهورين حتي الدول التي استقرت علي الحرية والديمقراطية منذ زمن بعيد.. جعل بعض رؤسائهم يشيدون (بثورة 25 يناير) وأعربوا عن تمنياتهم لو أن شبابهم كان له عزيمة وهمة شباب مصر، والذين حماهم بكل نبل القوات المسلحة وتضافر أبناء الشعب من كافة فئات المجتمع معهم وبذلك فإنها تشكل نسيجا رائعا.. سقط أمامه رموز النظام الفاسد وفشلوا ان يخترقوا تجمع القائمين علي الثورة.. رغم المحاولات المستمرة .. وحتي هذه اللحظة التي تعاون فيها فلول الحزب الوطني والكثيرون من العاملين في وزارة الداخلية الذين هيأهم وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي لتنفيذ أوامره وخططه في الاعتداء علي كرامة المواطنين بشتي الطرق والوسائل.. واستخدام العنف بصورة غير إنسانية وتقترب من منهج الوحوش في الاعتداء علي المواطنين وتعذيبهم حتي ولو وصل ذلك إلي ما رأينا عليه «خالد سعيد». من أجل أن يكون عبرة لغيره!!! ان الدعوة إلي (الثورة أولاً) جاءت بعد أن رصد القائمون علي الثورة.. وكأن الزخم الذي صاحب (ثورة 25 يناير) أخذ يتضاءل.. رويدا.. رويدا.. حتي أصبح هناك تخوف من أن ينساب من بين الأيادي في حين (الثورة المضادة) بكل من يقف وراءها من فلول النظام السابق والمنتفعين منه والمنافقين له الذين لن يجدوا لهم مكانا في ظل طهارة وقيم مقاصد الثورة المجيدة.. والتي ما جاءت إلا لتخلص الوطن وأبناءه من أسوأ نظام حكم ديكتاتوري مستبد مر علي مصر ومنعدم الثقافة والعلم محدود الذكاء.. وليت الأمر توقف عند ذلك بل لما يقرب من (7 سنوات) والنظام كله مُجند ومتفرغ لإعداد الوطن لاستقبال الوريث.. متجاهلين الرفض الشعبي العارم لمبدأ التوريث وأيضا للشخصية المطروحة لتكون في قمة حكم البلاد. والصادم في الأمر انه جاء علي لسانهم ان منذ (3 سنوات) والرئيس بعيدا عن الحكم.. ومن كان يتولي تسيير حكم البلاد.. هو (الوريث) .. شيء أقرب إلي الخيال.. وكأن مصر العظيمة ذات التاريخ المجيد وصاحبة النهضة الحديثة منذ ولاية (محمد علي) علي البلاد تحولت إلي ضيعة .. تملكها الرئيس المخلوع حسني مبارك يفعل ما يشاء ولم يتوقف الأمر علي ذلك بل أراد توريثها للأبناء والأحفاد من بعده.. ولا عزاء لإرادة الشعب وكرامته وحقه في اختيار من يتولي حكم البلاد.. فلقد تحول شعب مصر العظيم في أعين عصابة الجهلاء التي حكمتنا طوال الثلاثين عاما الماضية.. إلي رعايا لا مواطنين. إن شعار (الثورة أولاً) الذي رُفع في الجمعة (8/7/2011) .. يشكل مرحلة جديدة في مسار (ثورة 25 يناير).. بسبب ان المطالب التي رفعتها الثورة منذ ما يقرب من 6 أشهر.. لم يتحقق منها إلا القليل.. وهو إزاحة رأس النظام.. وتغير مقر إقامته من قصر العروبة إلي شرم الشيخ. أما النظام الفاسد بهياكله وأشخاصه.. الذي قامت الثورة من أجل القضاء عليه.. فباقٍ في مكانه وكأن الثورة لم تقم.. وكأنه لا وجود لما يزيد علي (1000) شهيد و(8000) مصاب وجريح قدموا حياتهم ودماءهم من أجل ان يستعيد الوطن مكانته والمصريون كرامتهم. ولم يرصد أي تقدم علي كل الأصعدة التي طالبت بها الثورة.. بل لوحظ تباطئ شديد وتسويف مستمر لا يتناسب مع روح الثورة ومطالب الثوار. لذلك علينا ان نأخذ في الاعتبار أننا علي أبواب المرحلة الثانية من (ثورة 25 يناير).. يمكنك فيها تصحيح المسار.. وهذا ليس بالشاق أو المستحيل إذا وضعت قائمة أولويات مطالب الثورة موضع التنفيذ.. حيث إنها مطالب لأكثر الثورات السلمية رقيا ونقاءًً!! الكلمة الأخيرة همة أبناء (ثورة 25 يناير) التي أحيتنا كأمة.. أعادت الكرامة والعزة لشعب مصر.. وأضاءت الشموع في نهاية النفق المظلم الذي أدخلنا فيه نظام حكم ديكتاتوري مستبد لفترة طالت لثلاثين عاما.