سلط مقطع فيديو يظهر عملية الاعتداء الجنسى على فتاة فى وسط القاهرة خلال الاحتفال بأداء الرئيس المصرى الجديد عبد الفتاح السيسى اليمين الدستورية الضوء على وباء مجتمعى يشكل القضاء عليه تحديا صعبا، كما يقول ناشطون فى مجال حماية المرأة. وأظهرت لقطات فيديو صادمة، صورت على الأغلب يوم الأحد عبر هاتف محمول، مجموعة من الرجال يحيطون بفتاة، جردت من ملابسها ومتورمة الجسد فى اعتداء فى ميدان التحرير أيقونة الثورة التى أسقطت الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى العام 2011. وأثار الفيديو، الذى انتشر بشكل واسع على مواقع الانترنت ومنها يوتيوب وفيسبوك وتويتر، غضبا عارما وسط دعوات من نشطاء للتظاهر دفاعا عن قضية النساء. موجة الغضب وصلت إلى الصفحة الأولى لصحيفة "الوطن" المستقلة التى كتبت بخط أحمر كبير "اعدموهم" فى إشارة لمرتكبى حادث الاعتداء الجسني. وتقول زينب ثابت الناشطة البارزة فى مجموعة "كرامة بلا حدود" المعنية بمواجهة العنف الجنسى "الاعتداءات الجنسية والاغتصابات الجماعية الآن جزء من الواقع. هذا إرهاب جنسي". وأضافت لوكالة فرانس برس "هذا يحدث منذ عام 2012.. حقيقة أنها حدثت مجددا يوم الأحد تظهر أن السلطات غير معنية بشأننا". ويقول نشطاء أن تسعة حالات تحرش جنسى على الأقل وقعت الأسبوع الماضى أثناء الاحتفالات بالفوز الساحق لقائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسى بانتخابات الرئاسة. وأفاد بيان لمكتب النائب العام المصرى أن سيدة تعرضت للحرق بمياه تغلى بعد قيام ثلاثة رجال بتعريتها فى ميدان التحرير، قبل أن يعتدوا لاحقا على ابنتها، وأضاف البيان أنه تم القبض على الرجال الثلاثة. وقال مسئولون أمنيون الاثنين إن الشرطة ألقت القبض على سبعة رجال آخرين مشتبه فى تورطهم بالاعتداء الجنسى أثناء الاحتفالات بفوز السيسي. وتأتى تلك الاعتداءات بعد أقل من أسبوع على إصدار الرئيس المصرى المؤقت عدلى منصور قانونا يعد الأول من نوعه لمعاقبة التحرش الجنسى، يتضمن غرامات كبيرة وعقوبات بالسجن للمعتدين. لكن تلك التعديلات القانونية لم "تكن كافية" حيث أن "الدولة استمرت فى عدم قدرتها على التصدى لتلك الجرائم نتيجة لغياب منظومة إستراتيجية كاملة"، حسب ما قال بيان غاضب ل25 منظمة حقوقية مصرية. وقال بيان لرئاسة الجمهورية اليوم الثلاثاء أن السيسى أمر وزير داخليته محمد إبراهيم بضرورة "إنفاذ القانون بكل حزم" للتصدى للتحرش الجنسي. وذكرت دراسة للأمم المتحدة صدرت العام الماضى أن 99% من المصريات تعرضن لشكل من أشكال التحرش. وتقول النساء فى مصر إنهن يتعرضن للتحرش بغض النظر عن ملابسهن، وسواء كن محجبات أو غير محجبات. ومنذ عزل مبارك فى فبراير 2011، فإن أزمة التحرش أصبحت أكثر تفجرا وخطورة مع تعرض عشرات الفتيات والسيدات لاعتداءات جنسية أثناء المشاركة فى فعاليات سياسية خاصة فى ميدان التحرير تحديدا. لكن معظم تلك الحوادث والاعتداءات تمر بلا عقاب أو محاسبة قانونية، بحسب منظمات حقوقية. وبين نوفمبر 2012 ويونيو 2013 وقعت 250 حالة اعتداء جنسى أو تحرش من حشود أو حوادث اغتصاب باستخدام آلات حادة خلال تظاهرات فى ميادين القاهرة، حسب ما يقول نشطاء معنيون بالظاهرة الأكثر خطورة فى مصر حاليا. ويقول خبراء إن البطالة المتزايدة والتكاليف المرتفعة للزواج وتحريم الجنس خارج مؤسسة الزواج من أبرز عوامل تفجر الاعتداءات الجنسية بهذا الشكل. وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش فى تقرير صدر عنها الثلاثاء إن المرأة المصرية تواجه "مستويات متجذرة" من التحرش الجنسي. وتابع التقرير أن "السلطات اتخذت إجراءات قليلة لوقف العنف ضد النساء أو تقديم المسئولين عنه للمحاكمة". وخلال حملته الانتخابية خاطب السيسى المصريات بشكل خاص أكثر من مرة مشددا أنهن ركن أساسى فى تنفيذ خططه للنهوض بالبلاد. لكن نشطاء شككوا فى أن يتمكن النظام الجديد بقيادة السيسى من منع مثل هذه الهجمات التى تعد جزءا من أزمة طويلة الأمد. وقال الناشط فتحى فريد العضو المؤسس فى حملة "شفت تحرش" المعنية بمواجهة التحرش الجنسى بحق النساء "خلال حملته كانت تعليقات السيسى بخصوص قضايا النساء هزلية وغامضة". وأضاف "هو لم يخاطب القضايا الخلافية المتعلقة بالمرأة.. لم يتحدث عن تمكين المرأة سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا". ولا يثق نشطاء آخرون فى السيسى مذكرين بدوره فى إجراء "كشوف العذرية" لمتظاهرات أثناء ثورة 2011. وفى مطلع 2011، اعترف السيسى، الذى كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية آنذاك، لمنظمة العفو الدولية أن معتقلات واجهن "كشوف عذرية قسرية". وقالت منظمة العفو حينها "قال (السيسى) إن كشوف العذرية جرى إجراؤها لحماية الجيش من أى ادعاءات محتملة للاغتصاب، وأضاف أن الجيش لا يعتزم اعتقال نساء مجددا". ويعتقد نشطاء أن مشكلة العنف الجنسى لا تمثل أى أولوية للسيسى الذى أكد عزمه على استعادة الاستقرار بدلا من دعم الحريات الديمقراطية. وتقول الناشطة ثابت "لا أثق فى رئيس برر كشوف العذرية فى مارس 2011"، وتابعت : "أنا شخصيا لا اظن أن حقوق المرأة أو التعامل مع الاعتداءات الجنسية الجماعية أو الاغتصاب تمثل جزءا من خططه".