ساعات قليلة ويصدر قانون الانتخابات البرلمانية، ورغم ذلك لم نجد بادرة خير من الدولة حتى الآن بشأن هذا القانون الذى سيحل بسببه الدمار والخراب على الأحزاب السياسية.. ولا أعتقد أبدًا أن الرئيسين عدلى منصور وعبدالفتاح السيسى يرضيهما أن تكون هناك خلافات سياسية بشأن الاستحقاق الثالث من خريطة المستقبل.. لقد تم اجماع الأمر على الاستحقاقيين الأولين الدستور والانتخابات الرئاسية.. ولا يجوز على الإطلاق أن تكون هناك ثمة خلافات أو فرقة سياسية بشأن الاستحقاق الثالث المتعلق بإجراء الانتخابات البرلمانية. مشروع القانون الذى تم مراجعته فى مجلس الدولة ويحوى 80٪ للنظام الفردى و20٪ للقائمة بما فيها نسبة الكوتة المخصصة للدستور والتى تشمل العمال والفلاحين والمرأة والأقباط وذوى الاحتياجات الخاصة.. وهو ما شرحته فى الأمس، يعنى أن هذه الكوتة ابتلعت ما تم تخصيصه للقائمة.. فأين إذن المتبقى للأحزاب؟! وقلت أيضًا إن مصائب هذا القانون لو صدر بهذا الشكل ستحدث نوعًا من الفرقة السياسية والمصريون الآن فى غنى عنها تمامًا، خاصة أنه سيعيد مرة أخرى البلاد إلى نظام مبارك، وسيكون لأصحاب الفساد السطوة فى البرلمان المقبل ولن أكرر ما ذكرته خلال الأيام عما يفرزه هذا القانون لو صدر بما تصر عليه الدولة. لكن الكارثة الحقيقية هى، ما سأرويه الآن وهو لقد سمعت من خلال مكالمة تليفونية مع أحد أقطاب الحزب الوطنى الذين فلتوا من الحساب بعد ثورتى 25 يناير و30 يونية، أن هناك «لوبى» تم تجييشه حاليًا لخوض انتخابات البرلمان وسيتم ضخ الملايين من الجنيهات بحيث يضمن هذا اللوبى الوصول إلى البرلمان بنسبة لا تقل عن 70٪ من عدد المقاعد.. وهذه هى الطامة الكبرى لو نجح هذا اللوبى فى الوصول إلى البرلمان.. يعنى ذلك أن الحكومة المقبلة سيتم تشكيلها من هذا اللوبى.. فهل هذا جزاء المصريين أو هل هذه مكافأتهم على الثورتين العظيمتين. لا أعتقد أبدًا أن الرئيسيين «منصور» و«السيسى» يرضيان بذلك.. فالأمر إذن يعنى تدمير الأحزاب وأعنى الكلمة تمامًا وبالتالى نكون أمام كارثة، فلا ديمقراطية ستكون إذن ولا تداول للسلطة.. وكيف يكون ذلك ونحن نتشدق ببناء مصر الكبرى الديمقراطية؟!! الأحزاب تطلب مهلة وترويًا من الدولة بوقف هذا المقترح، ويتم تشكيل لجنة وطنية من الأحزاب وأساتذة العلوم السياسية لوضع تصور مشروع قانون الانتخابات وعلى اللجنة المكلفة الصياغة فقط لأن ذلك من صلب عمل القانونيين وضع تصور القانون هو اختصاص سياسى بحت، والصياغة للقانونيين فحسب. الفرصة مازالت مواتية أمام الدولة لتفهم الأمور وإصدار قانونى مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات بما يليق بالمصريين وبما يليق بالدولة الديمقراطية الحديثة التى لا يختلف أحد على ضرورة بنائها.