يطلقون عليه مشروع القرن أو مشروع نهضة مصر، ويتحدثون عنه باعتباره نقلة نوعية لتنمية سيناء ومانعاً مائياً عملاقاً سيكون خط الدفاع الأول عن مصر، فما هو هذا المشروع الذي سينقل مصر إلي منافسة دبي وسنغافورة؟ إنه مشروع قناة طابا العريش. فما حكاية هذا المشروع وماذا سيقدم لمصر وما تكاليفه وقبل هذا وذاك لماذا هذا المشروع؟ وهل هو بديل عن قناة السويس؟ ولماذا لا نطور مجري القناة، خاصة أن عمق القناة أصبح لا يلائم السفن العملاقة؟ وهل هناك موانع لتوسعة القناة؟ كل هذه الأسئلة سنحاول إيجاد إجابات لها لتقترب أكثر من هذا المشروع العملاق. المهندس سيد الجابرى صاحب الفكرة والذي قدم العديد من الدراسات لعلماء ومتخصصين وخبراء استراتيجيين وسياسيين يؤكد أن هذا المشروع سيفتح باب نهضة مصر ويمنع مخططات تهجير الفلسطينيين إلي سيناء ويحقق تنمية عمرانية وصناعية بالمنطقة ويساعد علي تنمية وتعمير سيناء. الكاتب الصحفى عباس الطرابيلى أكد أن الكبارى والصحارى ونفق الشهيد أحمد حمدى تشكل عائقاً لتوسعة القناة، وأشار إلي ضرورة الاستفادة من حصة الملاحة العالمية وأن فكرة الممر المائي وفقط أصبحت غير مجدية ولابد من تعظيم الاستفادة من قناة ملاحية تنقل مصر نقلة نوعية في هذا المجال. وأشار «الطرابيلى» إلي أن كل دولة تسعي للنهضة يجب أن يكون لها مشروعها النهضوى العملاق الذي تنتسب إليه أو ينسب إليها ووصف المشروع بأنه سيكون قاطرة التنمية الحقيقية للبلاد وأنه بداية التنمية الحقيقية ويبدأ في العطاء بمجرد بدء تنفيذه. وأضاف أن المشروع يمكن أن يمول نفسه منذ بدء التنفيذ وذلك من عائلات المواد التي يتم استخراجها أثناء التنفيذ لما تحويه هذه المواد من خصائص يمكن بيعها والاستفادة منها. وأكد أن المشروع لا يلغي قناة السويس ولكنه أحد المشروعات الكبرى التي تلبى حاجات التجارة العالمية والتى مهما نفذنا من مشروعات لتعميق وتوسيع قناة السويس فإنها لا تلبي طموحات التجارة العالمية وأبرزها تجارة الترانزيت سيدة تجارة العصر. وأوضح أن هذا المشروع سيساعد في إقامة سلسلة من مصانع الأسمنت وكذلك تصدير الكثير من المنتجات المتوفرة في المنطقة من صخور ورمال ومعادن وطفلة. ونبه إلي أن هذا المشروع سيساعد في حماية سيناء ووجود استثمارات أجنبية في المنطقة سيساعد علي حمايتها من أي اعتداء حماية لهذه الاستثمارات. الدكتور ممدوح حمزة، المهندس الاستشاري العالمي، قال: مشروع المهندس سيد الجابرى لشق قناة تصل بين طابا والعريش ليس فكرة نظرية حالمة تستهدف مداعبة خيال المصريين وبث أمل زائف في نفوسهم، بل هو مشروع جاد قام الجابري باتخاذ خطوات محددة لاختبار جديتها ومدي قابليتها للتنفيذ. وأشار «حمزة» إلى أن فكرة شق قناة طابا العريش وبهذه الأبعاد الضخمة مثيرة للاهتمام وليس لها مثيل في التاريخ. وأضاف «حمزة» أن القناة المقترحة يمكن أن تستوعب جميع السفن العملاقة التي تبحر حالياً حول رأس الرجاء الصالح التي تعادل قيمة رسوم مرورها حوالي 85٪ من الدخل الحالي لقناة السويس، بالإضافة إلي السفن التجارية التي تنتظر وقتاً طويلاً بسبب كثافة المرور في قناة السويس، وأن هذه القناة المقترحة ستكون قادرة علي استيعاب جميع السفن العملاقة. ووصف «حمزة» المشروع بأنه مشروع دولة، ومن المشروعات الاستراتيجية العملاقة التي تحتاجها الأجيال وأن هذا المشروع قابل للتنفيذ. وعن تكلفة إنشاء المشروع قال حمزة: المشروع سيحتاج مبالغ مالية كبيرة وإمكانيات ضخمة سيغطى تكاليفه علي مدة طويلة تصل إلي 50 سنة. كان لابد أن نتحدث مع صاحب الفكرة ومهندسها المهندس سيد الجابرى ليرد علي بعض التخوفات وما يثار عن تكلفة المشروع ومتي يغطي تكاليفه وتأثيره علي أراضى سيناء واقتطاع جزء منها تصل في بعض المناطق إلي 30 كيلو متراً ستكون فاصلة عن الحدود المصرية وأيضاً تأثير الملوحة علي أراضى سيناء، خاصة في شمال سيناء. وفى رده عن الجزء الذي يقال إنه سيكون خارج السيطرة المصرية قال الجابرى: اختيار المسار للقناة ليس عشوائياً أو بالرغبة ولكن جاء بناء علي طبيعة الأرض الجيولوجية. وأشار الجابرى إلى أن هذا المسار هدية من الله لشعب مصر، وأن المسار عبارة عن صخور رسوبية (قابلة للحفر) وأن هذه الصخور المستخرجة من الحفر قابلة للاستثمار والصناعة. وهذه الصخور عبارة عن حجر رملي وجيري ورملة وزلط، والمنطقة التي تقع شرق القناة المقترحة وغربها وصخرية يصعب الحفر فيها بالطرق العادية ولا يمكن الحفر فيها باستخدام طرق الحفر العادية، بل بالقنابل النووية (المحرمة دولياً) لكونها تؤدى إلي تدمير البيئة لعشرات السنين. وأوضح الجابرى أن سلسلة الجبال الممتدة داخل الحدود الفلسطينية فشلت إسرائيل في عمل قناة مائية وليست ملاحية فيها، مشيراً إلي أن المشروع الثلاثي والذي كان يطلق عليه قناة البحرين وفشلت إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية في إنشائه لأسباب لا يمكن معها عمل أي قناة في هذه المنطقة. وعن هذه الأسباب قال: الفرق بين منسوب الارتفاع ما بين البحر الأحمر وأول نقطة للقناة التي كانوا يريدون شقها كانت 245 متراً في صخور بركانية يصعب الحفر فيها. وأشار الجابرى إلى أن ما تروجه إسرائيل من فكرة إنشاء قناة ملاحية هو ضرب من الخيال لا يمكن تحقيقه لعدة أسباب، منها انخفاض مستوي البحر الميت عن البحر الأبيض المتوسط بمقدار 400 متر، بالإضافة إلي وعورة المنطقة الصخرية المقترح إنشاء إسرائيل لقناة فيها وارتفاع بعض المناطق إلى 1250 متراً عن البحر، خاصة في واد يمر به، بالإضافة إلي ارتفاع الملوحة في البحر الميت والتي تبلغ 8 أضعاف الملوحة في البحر المتوسط. مؤكداً أن تنمية الجزء الشرقي للقناة ستبدأ مع تنمية الجزء الغربي للقناة وهذه المنطقة ستكون أكبر منطقة صناعية في العالم تنتج مواد البناء خاصة مصانع الأسمنت، كما أن هذه المناطق سيتم إنشاء أكبر خطوط سكك حديدية في العالم وأكبر منطقة خطوط برية شرق القناة. وتوقع الجابرى أن يكون حجم الاستثمارات أكبر حجم استثمارات في العالم، وأن هذه القناة ستكون ضماناً للأمن القومي المصري وستكون خط الدفاع الأول عن مصر. وأوضح الجابري أن القناة ستكون خط الدفاع الأول عن مصر لأنها ستجعل ممر متلة في حوزة مصر، وهذا ما يمنع العدو من استخدام مدرعات أو مشاة في اختراق سيناء وسيتم نقل أي معارك لو حدثت خارج الحدود المصرية. وعن تغطية تكاليف المشروع قال الجابرى: بعض غير المتخصصين يفتون في غير تخصصاتهم وهذه مشكلة مصر والتي تعطل الكثير من المشروعات وتكون عائقاً أمام التنمية. وأكد الجابري أن ميزة هذا المشروع أن تم إسناد كل جزئية فيه لأصحاب الاختصاص كل فيما يخصه. وعن طريق تمويل المشروع قال الجابرى إن هذا المشروع سيدر دخلاً للخزانة المصرية من مقابل التراخيص لإنشاء العديد من المصانع خاصة مصانع الأسمنت. وضرب الجابرى مثالاً بأسهم قناة السويس والتي ارتفعت إلى 60 ضعفاً عند افتتاحها مقارنة بتاريخ الاكتتاب في هذه الأسهم. وعن مشكلة ملوحة المياه في المنطقة، أوضح الجابري أن دراسة الموارد المائية تمت علي يد عالم متخصص في المياه الجوفية والري وهو المرحوم تاج الدين الدفتار مستشار وزير الري والموارد المائية والعديد من المتخصصين الذين أكدوا أن هذا المشروع لن يؤثر علي ملوحة المياه في الجزء الجنوبي والوسط وذلك لعدم وجود آبار عميقة للمياه الجوفية في هذه المناطق، وفي الشمال ونظراً لوجود مياه سطحية في الآبار سيتم عمل تجهيزات فنية لحوالي 40 كيلو متراً علي امتداد القناة وذلك بوضع مواد عازلة ومناطق فاصلة لعدم تسرب المياه نحو هذه الآبار بعكس قناة السويس التي لم تحظ بإعداد دراسات متقدمة في هذا الشأن مما أدى إلي ملوحة التربة شرق وغرب القناة. وأصبح السؤال: هل سيري مشروع الجابري النور باعتباره مشروعاً لنهضة مصر وللأجيال القادمة ونقلة نوعية للملاحة العالمية في مصر لتكون منافسة لسنغافورة ودبي أم سيظل المشروع حبيس الأدراج لأجل غير معلوم؟