إن كنت تبحث عن نقاء النفس والبساطة بعيدا عن عالم الضجيج واللهاث المتواصل والتلوث، فاقصد هذا المكان، لتمارس به تلك النذور التي يصعب التمسك بها فى زمننا هذا، منها اللاعنف، والتخلي عن كل الممتلكات المادية الثمينة، ضبط النفس بما في ذلك العفة والسيطرة على شهوة تناول الطعام. إنها صومعة المهاتما غاندى فى الهند، تلك التى كان يمارس بها حتى الأيام الأخيرة من حياته نذوره الإنسانية الأحد عشر، التى تتسم بسمو الأخلاق والترفع عن دنايا الدنيا، فقد تحولت صومعته إلى قبلة للزوار الهاربين من زحام الحياة العصرية والذين من حقهم شراء ساعات من حياة غاندي، ولكن عليهم أولا التخلى عن كل وسائل الرفاهية الحديثة والتزام العفة، وأيضا دفع ألف روبية (16 دولارا) لليلة الواحدة داخل صومعة أبوالاستقلال الهندي المعروفة باسم (اشرام)، والتى إقامها غاندي عام 1915 في ولاية جوجارات الغربية وقد فتحت أبوابها أخيرا أمام الزوار. ويمكن للنزلاء ان يغزلوا النسيج ويزوروا الجماعات المحلية، ويقضوا الوقت فى الصلاة والتأمل وهم يرتدون «الكهدي» وهو القماش المنسوج يدويا، ذات القماش الذى كان يرتديه غاندي على الدوام، وعليهم أيضا ان يلتزموا بنذور غاندي الأحد عشر ومنها السلامة النفسي وحب الخير والتخلي عن المقتنيات الخاصة، واستهلاك المأكولات المحلية البسيطة، والعمل من أجل تحصيل القوت اليومي، وعدم الغضب وضبط النفس بما في ذلك العفة والسيطرة علي الحمية الغذائية، والنهوض الساعة الخامسة فجرا للقيام بالأعمال المنزلية، ويتم تنسيق الزيارات للصومعة تحت شعار (عش غاندي لفترة)، وهدف التجربة تجربة نمط حياة قابل للاستمرار والتمتع ببساطة غاندي ومزاياه، مما يجعل الزوار يغيرون فيما بعد من نمط حياتهم، ومن أسلوب تعاملهم مع المجتمع والموارد الطبيعية، بجانب مساعدتهم فى إيجاد الهدوء والرضا الداخلي. ووفقا للتقرير الذى اورتده وكالة فرانس برس، تقوم على إدارة صومعة غاندى جامعة «جوجارات فيديابيت» المجاورة، والتي أسسها غاندي بنفسه العام 1920 «من أجل تحرير الشباب الهندي من قيود الحكم الاستعماري البريطاني»، واطلق برنامج «عش مع غاندي» تزامنا مع الذكري 114 لولادة المهاتما غاندي، ورغم ان الهند تضم الكثير من المتاحف والنصب التي تكرم مهندس الاستقلال «غاندي» والذي يعتبر كثيرون من الهنود أنفسهم ان فلسفته الشخصية وأفكاره أصبحت بالية في الهند الحديثة، رغم ذلك لايزال لنمط حياته وفلسفته مريدون، خاصة وانه قاد حملة لا عنفية ضد الاستعمار البريطاني أدت في النهاية إلي إعلان استقلال الهند العام 1947 حتي اغتيل من قبل متشدد هندوسي في نيودلهي بعد أشهر قليلة على ذلك في العام 1948. ويري القائمون علي صومعة الزهد، ان هذه الصومعة شيئا مختلفا عن كل النصب والمواقع الأخرى، كما ان الإقامة فيها ليست سهلة. خاصة ضرورة تطبيق النذور وارتداء الكهدي طوال فترة البرنامج». الذي كان ينسجه غاندي بنفسه تنفيذاً لفلسفة الاعتماد علي الذات لتحقيق الكفاية الذاتية وعدم الاتكال علي الآخرين، وهي سياسة مناهضة للاستعمار وتعرف باسم «سودايشي» حيث أصبح هذا الرداء رمزا لأسس الاقتصاد الهندي المستند علي الحرف المحلية في البلدات، بدلا من القطن المنتج صناعيا والمستورد في غالب الأحيان من بريطانيا.