"بلاك ووتر" اسم تداولته كثيراً وسائل الإعلام وأصبح وقعه على الآذان يثير الرعب فى القلوب نظراً للرعب وعمليات القتل المرتبطة بهذا الاسم. تعتبر "بلاك ووتر" من أبرز شركات "المرتزقة" المُقننة بالولاياتالمتحدة، إن لم يكن فى العالم، والتى تقدم خدمات عسكرية وأمنية وفق القوانين الأمريكية والتى تسمح للمصانع والشركات العسكرية الخاصة بالاستعانة بها. وارتبطت "بلاك ووتر" دائماً بالقتل والدماء وأصبحت تتمتع بسمعة مُشينة على مستوى العالم نظراً لدورها القذر الذى لعبته فى عدد من البلدان وخاصةً العربية منها والإسلامية ومن أبرزها العراق عقب الغزو الأمريكى وسقوط الرئيس صدام حسين، وما قام به جنود الشركة المرتزقة من مجازر وعمليات قتل جماعية بجميع أنحاء العراق ومن أبرزها "مجزرة ساحة النسور" الشهيرة، والتى راح ضحيتها 17 عراقياً وجرح ما يزيد على 20 آخرين بالعاصمة بغداد عندما قام عناصر "بلاك ووتر"، الذين كانوا يرافقون موكباً يضم مسئولين بالخارجية الأمريكية فى الساحة الواقعة غربي بغداد، بإلقاء قنبلة يدوية داخل مدرسة للفتيات، وإطلاق النار باستخدام أسلحتهم الرشاشة، على مدنيين غير مسلحين، وعلى عدد من المارة. وفي أعقاب "المجزرة" ألغت السلطات العراقية رخصة شركة "بلاك ووتر"، وحظرت عملها بصورة دائمة، ثم تم تغير الطلب إلى تعويض قيمته 8 ملايين دولار أمريكي على كل قتيل, إثر هذا الخلاف فتحت الحكومة الأمريكية تحقيقاً في الحادث وأرسلت لجنة خاصة للعراق للتحقيق، كما أدانت بغداد قرار المحكمة الاتحادية بإسقاط الاتهامات عن عناصر الشركة. وقالت صحيفة "واشنطن بوست"، فى تقرير لها عام 2004، إن الوصف الصحيح والدقيق لهؤلاء العسكريين التابعين ل"بلاك ووتر" هو أنهم "جنود مرتزقة" وليسوا متقاعدين عسكريين، مشيرةً إلى إرسال الآلاف من هؤلاء المرتزقة للعراق. تأتى بداية انطلاق هذه الشركة بعد تبنى البنتاجون سياسة جيش القطاع الخاص التي وفرت له أكثر من مئة ألف من المرتزقة يقاتلون فى العراق لصالح أمريكا وهم مخمورون أو تحت تأثير المخدرات. وقد رفض "إريك برنس"، مؤسس شركة "بلاك ووتر"، فى وقت لاحق، الاعتذار عن دور الشركة فى العراق. وفى السياق ذاته، قال الصحفى الأمريكى "جيرمى سكيل" فى مقاله بصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" بعنوان "مرتزقتنا فى العراق" إن المرتزقة يشكلون اليوم ثاني أكبر قوة في العراق, مضيفاً: "هناك مئة ألف فى العراق منهم 48 ألف يعملون كجنود خاصين تبعاً لتقرير صادر عن مكتب المحاسبة الأمريكى. وقد أصدر "سكيل" كتاباً بعنوان "مرتزقة بلاك ووتر... جيش بوش الخفى" كشف فيه جوانب خفية عن عمل هؤلاء المرتزقة بالعراق، مشيراً إلى أن أجر الشخص يصل ل1500 دولار يومياً. وقد تحدث "إريك برنس" دون خجل أو اعتذار عن سجل الشركة ملقياً باللوم فى زوالها على ما أسماه ب"النفوس الباردة والخجولة التي كانت تبحث عن كبش فداء"، مشيرًا بالخصوص إلى" أولئك الذين وقفوا ضد الحروب فى العراقوأفغانستان". وأضاف "برنس"، فى حوار لشبكة "سى إن إن" قائلاً: إن عناصر شركته كانوا قادرين على إنقاذ السفير الأمريكى فى ليبيا، كريس ستيفنز، لو أنهم كلفوا بحمايته، معتبرا أن سجل نشاطات شركته بالعراقوأفغانستان يؤكد ذلك، كما اعتبر أن تنظيم القاعدة قد غيّر من شكله، ولا يمكن مواجهته إلا بعمليات أمنية خاصة. وتابع "برنس" قائلاً: لقد نفذنا مائة ألف عملية حماية في أفغانستانوالعراق ولم يقتل أحد كان في حراستنا، وأنا واثق أننا لو كُلفنا بحراسة السفير لكان مازال حيا اليوم. وقد تحدثت تقارير صحفية عن انتقال "برنس" للإقامة فى الإمارات بعد سلسلة المشاكل قانونية التى تعرض لها فى الولاياتالمتحدة. "بلاك ووتر" فى أفغانستان... وقد أبرزت صحيفة "نيويورك تايمز" فى تقرير لها عام 2009، أن شركة "بلاك ووتر" تمارس دوراً خاصّاً في برنامج واشنطن الأكثر أهمية لمكافحة الإرهاب، الذي يتناول تنفيذ ضربات جوية داخل المناطق القبلية الباكستانية، مستندةً إلى أقوال مسئولين حكوميين وموظفين حاليين وسابقين وتضطلع الشركة، بحسب «نيويورك تايمز»، بمهمة جمع الصواريخ، ونحو 500 رطل من القنابل الموجّهة بالليزر التي تحملها الطائرات من دون طيّار، وقذفها داخل المناطق الباكستانية والأفغانية، كما تساعد أيضاً على توفير الأمن لقواعد التغطية. وقالت الصحيفة إن الدور الذي تؤدّيه الشركة في برنامج الطائرات من دون طيار يسلّط الضوء على الدرجة التي تعتمد بها وكالة الاستخبارات على شركاء من الخارج لتنفيذ واحدة من أهم خططها. وأوضحت الصحيفة أن الشركة الحربية الخاصة لا تتدخل فى اختيار الأهداف التي تُقصف داخل باكستانوأفغانستان، بل إنّ هذه الأهداف تختارها "سي آي إيه" "فموظفي الوكالة هم من يضغطون على الزناد". وأشار هؤلاء الموظّفون إلى أن الدور المباشر ل"بلاك ووتر" فى هذه العمليات أحدث أحياناً مشاكل مع "سي آي إيه"؛ فحين تُخطئ الطائرة من دون طيار هدفها، يُتّهم موظفو الوكالة "بلاك ووتر" بالتقصير في إعداد القنابل. بلاك ووتر فى ليبيا.... وذكرت تقارير صحفية أن ليبيا شهدت نزولاً لعشرات العسكريين السابقين لتعقب صواريخ القذافى فيما أقرت السلطات الليبية أثناء قيام الثورة ضد معمر القذافى بوجود تسع شركات أمنية خاصة وبنائها لقواعد عسكرية. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن مسئولين في وزارة الخارجية الأمريكية قولهم إن الخبراء الذين سيرسلون إلى ليبيا سيكونون جزءًا من برنامج سريع التوسع تكلفته 30 مليون دولار يهدف لضمان أمن الأسلحة التقليدية الليبية في ظل أكثر النزاعات عنفًا في الربيع العربي. بلاك ووتر فى مصر... تحدثت تقارير صحفية عن وجود ل"بلاك ووتر" فى مصر متهمين إياهم بأنهم ساهموا فى قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير وقنصوا المصريين يوم 28 يناير المعروف إعلامياً بيوم جمعة الغضب، بالإضافة إلى ما يُزعم عن دور مارسوه فى أحداث ماسبيرو ومجلس الوزراء، ولكن إلى الآن لم يتسن التأكد من هذه الأقاويل. أوكرانيا...الظهور الأحدث لعناصر بلاك ووتر... أشارت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، فى تقرير مصور لها، إلى ظهور مرتزقة أمريكيين فى شوارع مدينة دونيتسك شرق أوكرانيا وكانوا لا يحملون شارة أثناء سيرهم فى شوارع المدينة التى تملؤها المظاهرات المؤيدة لموسكو. وسُمع فى الفيديو الذى نشرته الصحيفة كلمة "بلاك ووتر" عدة مرات فى إشارة إلى هؤلاء المسلحين عند مرورهم بشوراع المدينة.