سيطرت السياسة على اهتمامات غالبية المصريين بعد اندلاع ثورة 25 يناير، وتراجع اهتمام الناس بالرياضة والفن والحوادث، أمام الشغف بمتابعة تطورات الموقف السياسي والأحداث الساخنة المتلاحقة. والملاحظ أنه بعد مرور 5 أشهر فقط علي الثورة تراجع هذا الشغف بشكل ملموس ودبّ الفتور مرة أخري بين غالبية المصريين، وعادوا إلي الحديث عن مباريات الدوري العام، وتحول مؤشر التلفاز من القنوات الإخبارية إلي المحطات الرياضية، حتي المعارك السياسية الساخنة التي تدور رحاها حالياً حول الدستور أولاً أم الانتخابات أولاً لم تنجح في جذب اهتمام رجل الشارع. وذلك علي العكس تماماً من قضية الاستفتاء حول التعديلات الدستورية، التي كانت حديث كل بيت، وانعكس ذلك علي الاستفتاء نفسه وطوابيره الطويلة، التي تحدث عنها العالم بوصفها ظاهرة ديمقراطية تعبّر عن عودة الروح إلي الشارع المصري بعد سنوات طويلة من السلبية وعدم المشاركة، ولا أحد يعرف بالضبط لماذا تسلل الفتور السياسي مرة أخري إلي الناس، وهل أداء حكومة الثورة له دور في ذلك؟.. بما في ذلك حالة الفوضي الأنية التي تؤرق المصريين، أم أن الأحزاب والقوي السياسية سواء القديمة أو الجديدة لم تنجح في إقناع الغالبية المهمشة بأهمية ما تفعله من أجل تغيير الأوضاع في مصر إلي الأفضل. قد يرجع السبب إلي أن هذه الأغلبية المهمّشة من الفقراء والمعدمين، وأنهم لم يقتنعوا حتي الآن بأنه سيتم تمثيلهم بشكل أو بآخر عند ترتيب الأوضاع السياسية، أو أنهم فقدوا الثقة في تحسن أوضاعهم في جميع الأحوال، ويشعرون بأنهم دفعوا من قبل ثمن سكوتهم طوال 30 عاماً علي الطغمة الحاكم، ويدفعون الآن ثمن التخلص من هذه العصابة، من خلال غلاء لا يمكن احتماله، وأوضاع أمنية متدهورة، وتراجع في أوضاع الصحة والتعليم والخدمات. وإذا استمرت الأوضاع علي هذا المنوال، سيعود حزب الأغلبية الصامتة إلي التقوقع، ورفض المشاركة فيما يدبر في كواليس السياسة، وقد تعود الأحوال مرة أخرى إلي المربع صفر، حيث الصفوة السياسية في واد والشعب في واد آخر.. وهذا قد ينذر بمفاجآت غير محسوبة قد تصل إلي ثورة جديدة أو عواقب سيئة لا يحمد عقباها.