صفحة على الفيس بوك تدعو لمقاطعة الضباط وتطالب أهاليهم بالتبرؤ منهم .. وصفحة أخرى ترد عليها بعنوان "الشرطة حرقاك لأنها معلمة على قفاك" فقد اهتمت منتديات الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بقضية الشرطة قبل الثورة، وكانت معظم النقاشات تدور حول تجاوزات الشرطة وإلى أي مدى تحول الضابط إلى خصم وليس رجل أمن يحمي الوطن بمواطنيه. الآن الأمر تغير نسبيا .. وانقسم شعب النت بين فريق معارض لأفعال بعض رجال الشرطة وأحيانا المنظومة كلها، وفريق آخر يؤيد الشرطة ويدعم عودة هيبتها وقوتها التي فقدتها بسقوط دولة مبارك البوليسية. مقاطعة اجتماعية صفحات فيس بوك المعارضة بالغت في تطرفها، كما وصفتها روزا اليوسف في تقرير لها نشرته بعددها الأخير، إلى الحد الذي تدعو فيه إلى عزل الضباط من مناصبهم بل ومقاطعتهم جميعا، وتحدد طرق المقاطعة في عدم التعامل التجاري مع أي ضابط شرطة، وكذلك مقاطعتهم اجتماعيا وعدم تقديم أي خدمة لهم، وتطلب الصفحة من مشتركيها أن يقطعوا صلات قرابتهم بأي ضابط في عائلاتهم. صفحة أخرى اسمها "رابطة كارهي الضباط الفاسدين"، وهي أقل حدة من سابقتها، حيث إنها تعترض مباشرة على فساد بعض رجال الشرطة وليست ضد المنظومة، وتدعو تلك الصفحة إلى تعاون رجال الشرطة في الكشف عن فساد وزارة الداخلية وفضح الضباط الفاسدين. الشرطة كانت ولا تزال متهمة بإهانة المواطن، وهذه رسالة تتبناها كثير من الصفحات المعارضة للشرطة تدعو مشتركيها إلى عدم الصمت على إهانات وتجاوزات ضباط الشرطة، لأن الثورة قامت ضد الظلم ولترسيخ الحرية، كذلك تستنكر بعض هذه الصفحات مناداة الضباط بلقب باشا أو بيه، ويعتبرون هذه الألقاب من باب التقليل من شأن ناطقها على حساب زيادة قدسية الضباط، ويدعو البعض إلى وضع كاميرات مراقبة في كل قسم شرطة لمراقبة الضباط لكشف تجاوزاتهم. عودة بالإجماع الصفحات المؤيدة للشرطة تختلف لكنها تتفق في الهدف وهو عودة هيبة الشرطة وعودة الأمن للشارع، معظم هذه الصفحات ترى أن البلطجة والثورة المضادة يعملون على إهانة ضباط الشرطة حتى ينهار الأمن تماما وتتاح لهم فرصة الاستمرار في جرائمهم. "يلا نرجع كرامة ضباط الشرطة الشرفاء" إحدى الصفحات التي يدعو مؤسسها إلى البحث والتأمل لمعرفة من هم ضباط الشرطة ويتناول المصاعب التي واجهت منظومة الشرطة حتى في عهد النظام البائد وكيف تمت التضحية بهم، وبعد الثورة نسي كثير من الناس أن ضابط الشرطة في النهاية هو إنسان ومن غير المنطقي أن يترسخ مبدأ العداء لجميع أفراد الشرطة. صفحة أخرى اسمها "الشرطة دائما في خدمة الشعب" تنتقد الهجوم على كل أفراد الشرطة وتعتبر أن التجاوزات كانت تحدث من فئة قليلة من الضباط، وتستنكر تركيز معظم الناس على الأخطاء ونسيان ما قدمته الشرطة لصالح أمن الوطن طيلة الفترة الماضية، وفي خانة التعريف بالصفحة كتب مؤسسها "أنا الضابط اللي بسهر عشان الناس تنام ..أنا الضابط اللي مش باصلي العيد عشان الناس تروح تصلي في أمان". أغاني.. ومش عاجباني الحوار حول حال الشرطة بعد الثورة لا يتوقف فقط علي تأسيس صفحات تهاجمها أو تؤيدها إنما امتد لنشر الأخبار أيضا، وتعتبر أخبار الشرطة هي الأكثر تداولا على مواقع الشبكات الاجتماعية وتتغير نوعيتها من فترة لأخرى. وفي الفترة الأخيرة عادت أخبار شبهات التعذيب لتتصدر المشهد من جديد، وكذلك ذكرى خالد سعيد والوقفة التي تمت أمام وزارة الداخلية لإقالة منصور عيسوي، وفي المقابل نشر طالب الشرطة المثالي "أيمن حبلص" قصيدته التي يرد فيها على منتقدي الشرطة ويقول لهم : ياللي بتتريق على البوليس أكيد انت أخو إبليس، والتي جاءت ردا على أغنية رامي عصام "يابو دبورة وشورت وكاب" التي غناها في ميدان التحرير وتحمل سخرية وإساءة لا تليق بجهاز يضم الصالح والطالح. هناك أيضا عدد من الذين يقولون إنهم ضباط شرطة يقومون بتوجيه نقد حاد لمن ينتقد الشرطة وأحيانا يصل الأمر لحد التجريح، حيث قام أحدهم بإنشاء صفحة للرد على من ينتقدون عنف الشرطة وسماها "الشرطة حرقاك علشان معلمة على قفاك" وواجهت هذه الصفحة هجوما حادا من قبل المواطنين العاديين، ومن قبل عدد من ضباط الشرطة الذين رأوا فيها إهانة للشرطة نفسها، ويعتبرون مؤسسها الذي يدعي أنه ضابط شخص كاذبا هدفه الفتنة وطالبوه بإغلاق الصفحة وبالفعل تم إغلاقها. وتختم روزا اليوسف التقرير بطرح وجهتى النظر فتؤكد أن كثيرا من الناس عرفوا قيمة الضابط وأهمية ممارسته لعمله، لذلك يتصدون بأنفسهم لأي نقد أو هجوم على الشرطة أملا في تحقيق الاستقرار والأمن الذي افتقده الشارع المصري منذ اندلاع الثورة، بينما يرى آخرون أن ضباط الشرطة ظلوا طوال ثلاثين عاما يتعاملون مع المواطن بشكل مهين واستخدموا العنف ضده لذلك هم يستحقون ما يحدث لهم الآن. وبين هذا الرأي وذاك يرى البعض أن الشرطة نالت أكبر عقاب وعلينا أن نفرق بين الضابط الفاسد والضابط الشريف الذي يؤدي عمله بإخلاص وعلينا أن نضع في اعتباراتنا أنهم بشر يخطئون.