سكان الزمالك يخوضون ثورة هذه الأيام ضد الهيئة القومية للأنفاق، بدأت مشكلة الحي الراقي بعد تفكير «الهيئة» في انشاء محطة مترو أنفاق علي أرض الزمالك ضمن مشروع المرحلة الثالثة للمترو الذي يربط منطقة ماسبيرو بالزمالك مروراً بمنطقة امبابة ليصل المترو لمحافظة الجيزة، ومترو الأنفاق من المشروعات القومية الناجحة في مصر لدوره في تخفيف حدة الكثافة المرورية فوق سطح الأرض عن طريق قيامه بنقل آلاف الركاب من واقع تجربة الخطين الأول والثاني، وترغب الدولة في ربط القاهرة الكبري بشبكة المترو ليتمتع أكبر عدد من السكان بهذه الخدمة السريعة لتسهيل عملية نقل المواطنين إلي أعمالهم وقضاء مصالحهم وتخفيف رحلة العذاب اليومية في المواصلات العادية عندما تصبح السرعة صفرا وتتحول الشوارع إلي كتل من صفيح بداخلها مواطنون يسبون ويلعنون الدولة علي عدم توفيرها مواصلات آدمية لهم، لكن سكان الزمالك لهم رأي آخر طبعاً هم لا يحتاجون المترو كوسيلة مواصلات ويرون في انشاء محطة في حيهم الراقي انها تؤدي إلي تلوث البيئة وتدمر الأشجار النادرة بالمنطقة بسبب أعمال الحفر وتحول حيهم الراقي إلي منطقة تجارية ينتشر فيها الباعة الجائلون حول محطة مترو الأنفاق التي تسهل انتقالهم إلي الزمالك ببضاعتهم من أي مكان وخاصة من منطقة امبابة التي ستكون المحطة التالية بعد الزمالك، ونجحت ضغوط سكان الحي الراقي في جعل الهيئة القومية للأنفاق تفكر في تعديل خططها وتعمل علي راحة سكان الزمالك وتحاول اقناعهم بإقامة المحطة تحت الأرض حالياً عسي يتم الاحتياج إليها في المستقبل فيسهل انشاؤها فوق الأرض، كما قدمت «الهيئة» بديلاً آخر في حالة رفض سكان الزمالك للفكرة نهائياً وهو نقل المحطة إلي الناحية الأخري من النيل في منطقة مسرح البالون. الحوار المجتمعي الذي أنهي أزمة سكان الزمالك مع محطة مترو الأنفاق لن يكتمل إلا إذا كان هناك حوار مساوٍ له مع سكان امبابة علي الناحية الأخري من النيل وهم سكان الحي الشعبي. هؤلاء السكان الذين يطلق عليهم جمهورية امبابة عندما حاول «طبال» تنصيب نفسه حاكماً لها في غفلة من الزمن عندما كانت خارج اهتمام الدولة ليس لهم اعتراض علي مرور المترو في حيهم بالعكس هم ينتظرون قدومه كانتظارهم لهلال العيد ويجهزون الذبائح لنحرها أمام محطاته، ولكن أهالي امبابة عندهم مخاوف تحتاج إلي حوار يديره معهم اللواء إسماعيل النجدي رئيس الهيئة القومية للأنفاق ويرد عليهم في هدوء كما حدث مع سكان الزمالك وفي منتهي الصراحة، مشاكل أهالي امبابة مختلفة عن مشاكل سكان الزمالك إيش جاب لجاب مشاكلهم ليست مع تلوث البيئة أو انتشار الباعة الجائلين أو الحفاظ علي الخصوصية الحاجات دي هم مزروعين فيها.. فقط أهالي امبابة يسألون عن مسار المترو وهل سيزيل مساكنهم وما هي الشوارع التي سيتم ازالتها وكم عدد المساكن التي ستزال، وأين يذهب السكان الذين يفقدون المأوي. وهل من حقهم الاعتراض ويجدون الجواب من الدولة ووزارة النقل وهيئة الأنفاق لتعديل المسار الأنفاق، أم أن الشرطة ستحاصرهم وتطردهم بالقوة وتجرفهم بالكراكات التي ستكلف بهدم المساكن. هذا المشروع كما عرضه وزير الاسكان الأسبق أحمد المغربي أمام مجلس الشعب كان سيؤدي إلي إزالة بعض المساكن، كما قيل انه سيزيل عدداً من الشوارع بالكامل، وقال الوزير انه لن يعلن تفاصيل المشروع خشية من اتصال السماسرة بأصحاب المساكن التي تقع علي المترو لشرائها وبيعها بأسعار باهظة بعد ذلك. نائب البرلمان عن امبابة سابقا قال أيضاً: أسماء الشوارع التي ستزال في مكتبي ولن أعلنها لتفادي ثورة السكان، هناك قضية مرفوعة أمام المحكمة ضد هذا المشروع، مطلوب من اللواء النجدي أن يعلن لسكان امبابة إذا كان حدث تعديل في خط سير المترو أم أن المشروع السابق هو الذي سيتم تنفيذه. لا توجد حصانة للأحياء فيستجاب لطلبات أهالي الزمالك ويتم تجاهل مشاكل أهالي امبابة، المسألة ليست حقداً طبقياً وقد تصنف بأنها عنصرية ولكن الدستور ساوي بين جميع البشر في الحقوق والواجبات وكما انه نظم عملية نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة مقابل تعويض عادل يدفع مقدماً، الناس تريد أن تطمئن قلوبهم وتنزع الخوف منها وهذه مهمة الدولة الحديثة التي تقلل الفوارق بين الطبقات وتستمع إلي الضعفاء وتستجيب لمطالبهم القابلة للتحقيق قدر استجابتها للأقوياء.