مما لاشك فيه أن ثورات الشعب في يناير 2011 ويونيو 2013 قامت بسبب الفساد الذي غطى جوانب حياتنا سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية لكون القائمين على الحكم بعصر المخلوع مبارك وكذلك المعزول مرسي قد جعلوا مصر العظيمة فريسة لأطماعهم وسنوا من القوانين أو أبقوا منها ما يقنن الفساد ويعتدي على الحقوق ويقيد الحريات. وعبر الكلمات الآتية نكتفي معًا بالإشارة إلى الفساد التشريعي فيما يخص الحقوق والأموال العامة راجيًا أن يهتم المختصون بها وعلى رأسهم لجنة الخمسين الموقرة المكلفة بصياغة النصوص الدستورية الجديدة. وفي إيجاز شديد أن لجنة العشرة القانونية لصياغة الدستور الجديد لم تقم بسن النصوص اللازمة لحماية الحقوق والأموال العامة والدفاع عنها كما ينبغي فقد منحت الصفة القضائية والاستقلالية والضمانات المقررة للقضاة لأعضاء هيئة قضايا الدولة القائمين بالدفاع عن بعض الشخصيات الاعتبارية العامة بالدولة ولم تقم في نفس الوقت بمنح تلك الحقوق والاستقلالية والضمانات لزملائهم محامي الهيئات والبنوك والشركات العامة القائمين معهم بنفس الواجبات وقد يقفون معًا وسويا يترافعون عن حقوق وأموال الشعب بالشخصيات الاعتبارية العامة أمام المحاكم بل الذي يدخل في اختصاص هؤلاء ما يزيد على ثلثي الحقوق والأموال العامة بالدولة. ولانعدام الصفة القضائية والاستقلالية والضمانات المقررة دستوريًا لمحامي الهيئات العامة والبنوك والشركات العامة نتج وترتب عنها ضياع آلاف الأفدنة ومليارات الجنيهات عن طريق القوانين الفاسدة التي شرعها الفاسدون ولم يقم المتاجرون بالشعارات الدينية البراقة بإلغائها أو تعديلها ولتسألوا الجهابذة الكتاتني وأحمد فهمي ومحمد طوسون عن أسباب تراخيهم في الدفاع عن الحقوق والأموال العامة باستمرارية هذه النصوص القانونية الفاسدة حتى لحظة كتابة هذه الكلمات ولضيق المساحة ولظروف المساحة نذكر بعضها: أولاً: المادة 55 من القانون رقم 203 لسنه 1991 والذي قننه المفسدون ليبيعوا أموال الأجيال الحاضرة والقادمة. «لا يجوز لأية جهة رقابية بالدولة عدا الجهاز المركزي للمحاسبات أن تباشر أي عمل من أعمال الرقابة داخل المقر الرئيسي أو المقار الفرعية لأي شركة من الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد الحصول على إذن بذلك من الوزير المختص أو رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة». وماذا ننتظر بعد الحصول على إذن من وزير فاسد أو رئيس مجلس إدارة منحرف. ثانيًا: المادة 6 من قانون الإدارة القانونية رقم 47 لسنة 1973: «ولا يخل ذلك بسلطة رئيس مجلس إدارة الجهة المنشأة فيها الإدارة القانونية في الإشراف والمتابعة لسرعة انجاز الأعمال المحالة إليها وفى تقرير استمرار السير في الدعاوى والصلح فيها أو التنازل عنها وممارسة اختصاصاته الأخرى طبقا للقواعد المقررة في هذا القانون». وهل يستقيم أن نعطي لغير المختصين الحق في إقامة الدعاوى ووقف السير فيها والتصالح والتنازل عنها. ثالثًا: المادة 8 من قانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات: «كما يجوز لرئيس مجلس الوزراء في حالات الضرورة أن يصرح لجهة بعينها -لاعتبارات يقدرها ترتبط بطبيعة عمل ونشاط تلك الجهة– بالتعاقد بطريق المناقصة المحدودة أو المناقصة المحلية أو الممارسة المحدودة أو الاتفاق المباشر وفقاً للشروط والقواعد التي يحددها». ولو تواجد رئيس وزراء فاسد فعلى الأموال العامة السلام. لذلك نقترح على لجنة الخمسين الموقرة حفاظًا على الحقوق والأموال العامة للشعب لكون الرقابة السابقة خير من الرقابة اللاحقة التكرم بالموافقة على صياغة نص بمسودة الدستور الجديد: (تحول الإدارات القانونية الخاضعة للقانون رقم 47 لسنة 1973 بالهيئات والمؤسسات العامة والبنوك والشركات العامة إلى هيئة قضائية مستقلة تحت مسمى هيئة الدفاع عن الحقوق والأموال العامة تتبع وزارة العدل ويحدد القانون اختصاصاتها وشروط وإجراءات تعيين أعضائها وكيفية مساءلة أعضائها ويكون لأعضائها الضمانات المقررة لأعضاء هيئة قضايا الدولة). وفي حالة تعذر ذلك نقترح تعديل المادة 168 من المسودة (المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون، يمارسها المحامى في استقلال، ويتمتع أثناء تأدية عمله بالضمانات التي تكفل حمايته وتمكينه من مباشرة هذا العمل ويتمتع محامى الإدارات القانونية بالشخصيات الاعتبارية العامة بكافة الحقوق والضمانات المقررة لأعضاء هيئة قضايا الدولة؛ وذلك على النحو الذي ينظمه القانون). عبد الرحمن طايع - المحامي