بعد وفاة أحد السائقين لتعرضه بالضرب علي مأمور قسم الأزبكية، خرجت أصوات كثيرة تشكك في الرواية التي أوردتها وزارة الداخلية في بيانها وترجح أن يكون السائق توفي من التعذيب وعلي يد الشرطة لا علي يد المواطنين.. »الوفد الأسبوعي« التقت العميد محمد مدكور مأمور قسم الأزبكية للتعرف علي ملابسات الحادث وأي الروايتين أدق. سألناه: نريد أن نعرف منك تفاصيل الواقعة؟ - أجاب: يوم الخميس الماضي حوالي الساعة 9 صباحا كنت استقل سيارة القسم ومعي سائق فقط وأثناء مروري علي ميدان رمسيس لتفقد الحالة الأمنية ومنع الباعة الجائلين والمواقف العشوائية لتسهيل الحركة المرورية وعند منطقة الطب الشرعي وهي المدخل الوحيد للميدان وجدت حوالي 9 سيارات ميكروباص تقف في الشارع وتعيق المرور اشرت إليهم بيدي ليتوجهوا إلي موقف عبود فالتزموا جميعا وانصرفوا ماعدا سيارة واحدة اشرت لسائقها اكثر من مرة إلا أنه رفض المغادرة، تركت السيارة وتوجهت إليه لمطالبته بالتوجه إلي الموقف الرسمي لأن هذه المواقف عشوائية ومن الممكن أن تعرضه لمخالفات إلا أنه رفض فطلبت منه الرخص والنزول من السيارة فرفض ايضا وبدأ في التعدي علي بالسب بألفاظ خارجة بحضور عدد كبير من المواطنين الذين ابدوا استياءهم من موقفه فتعدي عليهم بالسب بالفاظ خادشة للحياء وهو ما دفعهم لإنزاله بالقوة من السيارة ومطالبته بإخراج الرخص وفي هذا الوقت كنت اقف علي يمين السائق محمد صباح نصر »40 عاماً« وفجأة صفعني بظهر يده علي وجهي فقام المواطنون بالتعدي عليه واسقطوه علي الارض وانهالوا عليه بالضرب المبرح. عندما أفقت من الضربة توجهت له بسرعة وطلبت من المواطنين التوقف عن ضربه وقلت لهم: إنني سوف آخذه إلي قسم الشرطة ونتخذ معه الإجراءات القانونية وذلك خوفا علي حياته .. ذهبنا إلي القسم وأمرت أحد الضباط بأخذه لتوقيع الكشف الطبي عليه في المستشفي القبطي وجاء التقرير يفيد بأنه مصاب بسحجات وكدمات في أجزاء متفرقة من الجسد وتم استكمال المحضر وأخذه الضابط وكان السائق يمشي علي قدميه ودخل سيارة الترحيلات للتوجه إلي النيابة العسكرية وبعد حوالي نصف ساعة من مغادرتهم اتصل بي الضابط وأخبرني بأن السائق في حالة إعياء شديدة فطلبت منه التوجه إلي اقرب مستشفي وكان مستشفي الدمرداش وعلي الفور دخل الضابط قسم الجراحة لأن قسم الاستقبال كان به بعض الترميمات وعندما كشف عليه الأطباء وجدوه توفي وهذا كل ما حدث. قيل إنك ضربت السائق ضربا مبرحا أدي إلي وفاته؟ - لم اتعد عليه نهائيا أنا كنت بابعد المواطنين عنه خوفاً من التعدي عليه بالضرب الذي يؤدي إلي وفاته إلي أن تعدي علي بالضرب فلم استطع التحكم فيهم ومنعهم من التعدي عليه. هل تلقيت اي تهديدات من اهل المتوفي؟ - لا والموضوع في النيابة العامة يتم التحقيق فيه والله سيظهر الحق. متي قام المواطنون بضرب السائق؟ - لم يكن معي سوي السائق لأنني كنت امر علي الدائرة كالعادة وعندما تعدي علي بالسب أنزله المواطنون من سيارته بالقوة وحدث ما حدث. هل السائق له سوابق او اقارب تم حبسهم بدائرة القسم؟ - لا. أنا اول مرة اري فيها هذا السائق حتي السائقين بالمنطقة قالوا: إنها المرة الاولي التي يشاهدونه فيها ولم يحدث بيني وبينه اي احتكاك. ما هو شعورك لحظة تعديه عليك؟ - في بداية الأمر كانت مفاجأة لأنني مأمور القسم وكل المنطقة تعرفني وعندما أري مخالفة وآمر بإزالتها يستجيب المواطنون فورا فهناك احترام متبادل بيني وبين أهالي المنطقة هل شعرت بضياع هيبتك؟ - لا، لأنني طوال فترة 30 عاما قضيتها في الشرطة منذ عام 1982 تعرضت لمواقف كثيرة وأي موقف أواجهه بالقانون كيف ستتعامل مع المحيطين بك بالقسم الذين شاهدوا واقعة التعدي عليك؟ - علاقتي بمن يعملون معي في القسم هي الاحترام المتبادل وما حدث جعل الترابط بيني وبينهم اكثر حتي الأفراد الذين كانوا يعملون 12 ساعة في اليوم وجدتهم يعملون ساعات إضافية دون أن اطلب منهم ذلك لحماية المكان وكذلك الضباط هل فكرت في تقديم طلب نقل من القسم بعد الحادث أم أنك ستستمر به؟ - اطلاقا. لأنني طول عمري وأنا في الأمن العام واختلاطي كله بالجماهير ولم يشتك مني أحد في يوم من الأيام لأنني احاول حل مشاكلهم واشعر بالسعادة عندما أذهب إلي القسم ولا اجد بلاغ سرقة سيارة او شقة اوغيره وكل مواطن آمن في بيته وحياته كيف ستتعامل مع سائقي الميكروباص الذين شاهدوا الواقعة؟ - عادي جدا لأن هذا هو عملي و المخالف سينال عقابه هل يمكن أن تتكرر هذه الحادثة مرة اخري؟ - لا اعتقد لأنني هنا منذ 3 سنوات والكل يلتزم اذا كان هناك مخالفة للقانون ويقومون بإزالتها علي الفور وما حدث ممكن القول إن السائق لا يعرفني او من الممكن أنه خاف من الذهاب إلي القسم بعد أن كشفنا علية ووجدنا علية 3 احكام واجبة النفاذ لأن تصرفه كان غريباً جدا وليس هذا الذي يوقفني عن عملي بالعكس فأنا سوف اقوم بحملات و سوف اطهر المنطقة والمواقف العشوائية هل تعرضت خلال فترة عملك لمواقف مشابهة؟ - حدثت مواقف كثيرة جدا وكنت آخذ حقي بالقانون ولكن اول مرة يتعدي علي احد بالضرب فأنا أعامل اي شخص كإنسان مهما كان حتي لو كان حرامي فمن الممكن أن ظروفه الاجتماعية هي التي دفعته لذلك وأحاول بقدر الإمكان أن يرضي عني الله بحب الناس لي. يري البعض أن لكم تاريخاً سابقاً في التعامل بتعنت مع مثل هذه الحالات فما حقيقة ذلك؟ - اتعامل بتعنت مع نوعية معينة من المخالفين للقانون مثل البلطجية و المسجلين فلابد أن يكون هناك تعامل خاص معهم لأن هذه النوعية »الإجرام في دمها« ولا يمكن التعامل معها بأسلوب مهذب.. أما عامة الشعب فهناك احترام متبادل وما بيني وبين اي شخص هو تنفيذ القانون. الم يكن هؤلاء هم البلطجية الذين كنتم تستعينون بهم في الانتخابات لضرب المواطنين فماذا حدث؟ - أنا كمأمور لم يحدث عندي هذا مطلقا فكنت اقوم بتوزيع الخدمات وضبط الأمن والنظام فقط ولم استعن بأي بلطجي أو مسجل في اي شيء كان. مازال المواطنون يفقدون الثقة في رجال الشرطة ومتحفزين ضدهم متي تعود هذه الثقة؟ - كثيرون جداً من المواطنين يتعاملون معنا باحترام ويقابلونا بالود وهذا يعطينا أملاً بأن نعطي ونعمل اكثر، لكننا الآن نواجه نوعا من الفوضي من بعض الخارجين علي القانون وهم قلة اما باقي الشعب فيريد الامن ومصلحة البلد وأن تكون مصر متقدمة و متحضرة وهذا لن يحدث الا بالقضاء علي البلطجة لأنه طالما أننا شعب غير منظم لن نصل إلي شيء فأول شيء في التقدم هو احترام النظام وأتمني أن نصل إلي ما يحدث في الدول الاوروبية فكل مواطن يعرف ما له وما عليه ويحترم الآخر هل تري أنه يمكن تحقيق ذلك في المرحلة المقبلة؟ - كل ثورة لها بعض السلبيات فمعظم الثورات التي حدثت تلتها مرحلة من عدم الانضباط وسوف نتعرض لمواقف صعبة ولكن بالإصرار والتحدي سوف نعود بالبلاد إلي افضل مما سبق. كيف يمكن تطهير الشارع المصري مما تصفهم بالبلطجية من سائقي الميكروباصات خاصة أن منطقة الأزبكية هي قلب العاصمة؟ - هذا سيتم من خلال الحملات المستمرة علي المواقف العشوائية بالإضافة إلي أنه ليست الشرطة وحدها هي التي تجعل المواطن يلتزم فيجب أن يكون هناك توعية للمواطن والسائق.. يجب أن نقوم بعمل دورات تدريبيه للسائقين لتوعيتهم بالمرور وآدابه.. بالإضافة إلي التوعية عن طريق الاعلام فمشكلة الباعة الجائلين مثلا مشكلة دولة وليست جهاز شرطة فمعظمهم متعلمون يجب أن نجد حلا لهذه المشكلة بأن نوفر لهم اماكن بديلة او شوارع مغلقة للباعة الجائلين لا تسير فيها سيارات ومن يرد أن يشتري منهم يذهب إليهم أو نوجد لهم مجال عمل وهذا كله سوف يحدث بالتدريج مع بداية الثورة الجليلة. شاهد الفيديو