الحج.. عرفة والله تعالى قال فى كتابه العزيز: «وأتموا الحج والعمرة لله»، وقال أيضاً فى آيات مباركة من سورة البقرة «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج».. فقد شُرع الحج كركن خامس من أركان الإسلام لوجه الله وفيه يتخلص الإنسان من الدنيا ومشاغلها ويتجرد حتى من ملابسه الدنيوية ليرتدى ملابس إحرام هى فى الحقيقة كفن بلا جيوب، كأنه يتهيأ للقاء الآخرة. إذن لا سياسة فى الحج. والتكبير والتهليل هو الصوت المسموع فى أيام مباركات ينادى المسلمون فيها لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. رافعين أياديهم بالدعاء لخالق الكون.. لا بإشارات رابعة ولا النهضة!! وكما حاول الإخوان إفساد الحياة السياسية فى مصر وتعكير صفو المصريين لمجرد أنهم لا يرضون بهم مقاماً مستبدين فاشلين.. لم يكفهم ذلك بل توعدوا بموسم حج يرفعون فيه شعاراتهم وأصابعهم لاهين بذلك عن ذكر الله وما يسافر الحجاج من أجله. وبالفعل ألقت السلطات السعودية القبض على 40 حاجاً مصرياً قادمين عن طريق الطائف يحملون شعارات سياسية مناصرة لحماية الإخوان، وقررت السعودية تقديمهم إلى محاكمة عاجلة وترحيلهم بعد أداء العقوبة التى ستصدرها المحكمة ومنعهم من دخول الأراضى المقدسة لمدة 10 سنوات، كما تم ضبط حالة فى المدينةالمنورة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة فى هذا الصدد، فيما ألقى خطبة الجمعة السابقة على السيد الشيخ صالح آل طالب إمام المسجد الحرام، ودعا إلى الرحمة بين مسلمى العالم ودعا للأمة الإسلامية بالنصر على أعدائها. فى الوقت الذى أكد فيه وزير الأوقاف المصرى وجود اتفاق مع السلطات السعودية على اتخاذ إجراءات رادعة مع من يسعى لإفساد الشعيرة وكانت أنباء تواترت عن اعتزام حجاج أتراك إفساد المناسك وإلصاقها لكن الجانب السعودى أبدى تفهمه لهذا الأمر وأن هناك تحسباً من إلصاق أى عمل تخريبى إلى الحجاج المصريين بعد إطلاق تنظيم الإخوان الدولى تصريحات بإفساد مناسك الحج ورفع شعارات سياسية أثناء أداء الحج، وأكدت السلطات السعودية أن السعودية متفهمة لهذا الموقف ولن تحدث وقيعة بين الشعبين المصرى والسعودى وأن لمصر مكانة خاصة فى قلب السعودية والعالم العربى والمملكة واعين تماماً لأية محاولات وقيعة بين البلدين. وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد توعدت المسلمين بموسم حج لا يخلو من شعارات رابعة، الأمر الذى قوبل باستهجان ورفض وتحذير من المسئولين فى مصر والسعودية، فضلاً عن الرفض الشعبى لمثل هذه الممارسات التى تتعارض مع روح الإسلام وقدسية وحرمة هذه الأيام المباركة، التى يتوجه فيها المسلمون بالملايين للكعبة المشرفة لا لشىء إلا لوجه الله تعالى. من جهته، أكد الدكتور عبدالعزيز النجار، مدير إدارة الدعوة بالأزهر الشريف حرمة رفع الشعارات السياسية فى بيت الله الحرام، مشيراً إلى أن الحاج عندما يرتدى ملابس الإحرام فإنه قد حرم على نفسه كثيراً من أمور الدنيا وتفرغ للعبادة. واستشهد الشيخ بالآية القرآنية: «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج»، وتأتى حرمة هذا السلوك فى أن السياسة مليئة بالرياء والجدل والنفاق وانتصار لأوامر الدنيا لذا فإن رفع أى شعارات سياسية سواء لرابعة أو للسيسى أمر يفسد الحج، وكان مدير إدارة الدعوة بالأزهر قد أكد فى مداخلة تليفزيونية أن وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر مهتمان بفرض سيطرتهما فى المساجد والارتقاء بالدعاة ونشر الوعى بين المسلمين. من جهته، كان اللواء مصطفى بدر، الرئيس التنفيذى لبعثة الحج، قد أكد أن هناك تنسيقاً تاماً مع الجهات السعودية التى لن تتهاون مع من يعكر موسم الحج، وذلك بحبسه أو ترحيله. أما وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار، رئيس بعثة الحج المصرية، لهذا العام فقد طالب الحجاج بالدعاء لمصر بأن تستعيد أمانها وأمنها وأن يحفظ الله مصر ويحقق لها التقدم والازدهار. وقال وزير الأوقاف من خلال ندوة توعية عقدتها البعثة بالحجاج إن الهدف الرئيسى لجميع الحجاج هو أن تتقبل الله عباداتهم وأن يعودوا كما ولدتهم أمهاتهم بلا ذنوب، ولذا فإن عدد 56 داعية عقدوا ندوات ودرساً للحجاج حول كيفية أداء المناسك والبعد عما يفسد الفريضة كالرفث والجدال والفسوق. حج أم شغب فضيلة الشيخ محمود عاشور، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف تساءل: هل هم ذاهبون للحج أم لعمل شغب؟ وأضاف: الحج لله وليس لشغل السياسة وفتح الأبواب المغلقة، فالله تعالى قال «وأتموا الحج والعمرة لله» أى خالصة لوجه الله وأيام الحج أيام ذكر وتسبيح واستغفار ودعاء وليس فيها مشاغبات تفسد الحج، فالحاج لا يكذب ولا يرفث ولا يجادل والحج شرع لذكر الله فى أيام معدودات وإقحام السياسة فى هذه الشعائر يعرضنا للبذاءات والجدال ولا يجوز ولا ينبغى فعل ذلك ومن يفعل ذلك أفسد حجه، وقد عاشت السلطات السعودية هذه الأجواء فى فترة من فترات ونشر بعض الإيرانيين الذعر والخوف بين الحجيج بمظاهراتهم، لذا فإن من يسلك مثل هذه السلوكيات فإنه يصد عن سبيل الله ويمنع فريضته لأنه يحول بين الحجاج وأداء المناسك ويعكر أجواء الصلاة فى الحرم ومن يفعل ذلك آثم وعليه وزر. وكل من يسعى إلى الفرقة بين المسلمين آثم ويذكرنا بالخلاف الذى وقع بين سيدنا على بن أبى طالب ومعاوية وما نتج عنه من فتنة قسمت المسلمين إلى شيعة ومعتزلة وخوارج، والخوارج كفروا العديد من الصحابة وأفسدوا سلام المسلمين، ونحن الآن نواجه خوارج العصر. وأضاف الشيخ محمود عاشور: إن الحج أشهر حرم وكما قال سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم فإن من يحج منفذاً تعليمات الله تعالى ومجتنباً نواهيه يعود كما ولدته أمه، فنحن نحج لنتطهر من الذنوب وليس لجلب ذنوب أخرى. إفساد للعقيدة! الدكتورة آمنة النصير، أستاذ العقيدة والفلسفة، تؤكد أن للحج أخلاقيات وآداب وعندما يتأمل المسلم الركن الخامس الذى جاء بعد الصلاة والصوم وما فيها من أدب وتهذب وشحن للجوانب الروحية ثم الذكاة التى تقتل بداخلنا البخل. فالركن الخامس يقتضى أن يكون الإنسان مهيئاً له متخلصاً من كل أمراض النفس البشرية ويكون القلب رقاً ومستعداً لأداء شعائره بلا جدال ولا فسوق ولا ارتكاب لأية معصية فيعود الإنسان نظيفاً معافاً كما ولدته أمه، وتساءلت الدكتورة آمنة النصير: كيف يؤدى هؤلاء فريضة الله وهم يحملون فى قلوبهم كل هذه الكراهية وهذا الحقد والضغينة ضد وطنهم، فهو ذاهب ليعكر على أخيه الإنسان ويذهب بأمراضه وعلله وسواد قلبه حتى يفسد على الناس هذا العمل العظيم وهم يذهبون بهذا الكم من الأخطاء والآثام التى يمارسونها فى أرض الوطن ويذهبوا بها إلى المكان الذى يأتى إليه البشر من كل حدب وصوب ليفسدوا أو يشهروا بوطنهم فأى جرم وأى جبروت، وتقول الدكتورة «آمنة»: ليعلم هؤلاء أن ما يفعلونه إفساد للعقيدة وأبشرهم بأن الأمن فى السعودية هذا البلد المضياف للحجاج لن يسمح لهم بأى تجاوزات وسيواجهون بكل قوة وحسم لأنهم مسئولون عن تهيئة المناخ للحجيج من كل مكان فهؤلاء الذين يسعون لإفساد الحج لن ينجحوا فى أمر دنيوى ولن يكسبوا إسلامهم والعقاب ينتظرهم لقاء هذه الرعونات ثم يعودون خالين الوفاض.