«تنسيقية المعارضة» تصر على رحيل «البشير».. ومظاهرات الخارج تطالب بحكومة جديدة 31 قياديًا فى الحزب الحاكم يدعون لوقف قتل المتظاهرين والتراجع عن رفع أسعار المحروقات وصلت مظاهرات الغضب فى السودان أمس إلى منعطف خطير، حيث أعلنت عدة قوى معارضة وثورية شبابية تحالفها وتأسيسيها ما أسمته «تنسيقية التغيير» وأصدرت التنسيقية بيانها الأول الذى أكدت خلاله سقوط 119 قتيلًا خلال 6 أيام من الاحتجاجات على رفع الدعم عن الوقود وليس 33 قتيلاً، كما تزعم الحكومة. وضمت التنسيقية تحالف شباب ثورة السودان، وقوى الاجماع الوطنى، والنقابات المهنية وتحالف منظمات المجتمع المدنى، وتم اصدار أول بيان للتنسيقية، وتلخصت مطالبها التى تم طرحها أمام حكومة البشير فى خمس نقاط رئيسية تمثلت فى: تنحى النظام فورًا وحل كل أجهزته التنفيذية والتشريعية، وتكوين حكومة انتقالية تضم كل أطياف الشعب السودانى، وتتولى ادارة البلاد فى مرحلة انتقالية مقبلة، ومحاسبة ومحاكمة كل من شارك فى جرائم القمع والتعذيب والقتل فى حق ابناء الشعب والمتظاهرين، وإيقاف الحرب الدائرة فورا وكل اعمال العنف، ووضع اسس للسلام المستدام عبر عملية مصالحة وطنية شاملة. وتجاوز غضب السودانيين حدود البلاد لينطلق إلى خارجها، حيث قامت عدة جاليات سودانية فى عواصم بلدان أوروبية وعلى راسها لندن بالتظاهر ضد الحكومة، وتأييد المتظاهرين فى الداخل، والتأكيد على المطالبات الشعبية بخفض اسعار الوقود وتحسين الاوضاع المعيشية واحداث اصلاحات، والمجىء بحكومة جديدة تلبى مطالب وطموحات الشعب، كما تواصلت خلال الساعات الماضية اعمال العنف ضد الفئات التى استمرت فى المظاهرات أمس، وقال مسئولون أمنيون إن متظاهرين اشعلوا النيران فى سيارات وبنايات، وقد احترقت 12 سيارة تابعة للسفارة الأمريكيةبالخرطوم خلال الأحداث، وكانت السيارات متواجدة بالسوق المركزي، داخل أحد محلات المزادات بالعاصمة السودانية، وقالت صحيفة «آخر لحظة» الصادرة أمس «الأحد» بالخرطوم إن حجم خسائر احراق السيارات قدر بنحو 15 مليون جنيه، وقد دعا نشطاء سودانيون أمس إلى تنفيذ عصيان مدنى فى البلاد، احتجاجا على قرار رفع الدعم عن الوقود ومقتل العشرات فى التظاهرات التى شهدتها عدة مدن سودانية فى الأيام الماضية. ورغم التظاهرات واعمال العنف، اتخذت الحكومة السودانية موقفا متشددا، حيث اكد وزير الاعلام السودانى أحمد بلال عثمان أمس أن الحكومة لن تتراجع عن قرارها برفع اسعار الوقود، مشددا على ان التراجع ليس ممكنا ابدا» وقال الوزير إن السلطات اضطرت إلى التدخل عندما أصبحت الاحتجاجات عنيفة.، وأضاف: «هذه ليست تظاهرات.. لقد هاجموا محطات البنزين واحرقوا نحو 21 منها، كما احرقوا سيارات وسط الخرطوم وفى مناطق اخرى متفرقة». وعلى النقيض من الوزير، شهد الحزب السودانى الحاكم «حزب المؤتمر الوطنى» شرخا فى جداره من خلال محاولة قياديين فى الحزب بذل جهود للتهدئة من جانبهم، وقدم 31 قياديا مذكرة للبشير تطالب بوقف القتل والتراجع عن زيادة الاسعار، مع إسناد ملف الإجراءات الاقتصادية لفريق اقتصادى مهنى وطني، يمكن تطعيمه بعناصر من القوى السياسية المختلفة، مهمته الاتفاق على وصفة للمعالجات العاجلة للأزمة فى غضون أسبوعين مع إيقاف قتل المتظاهرين باعتباره مخالفًا للشريعة الاسلامية، وجاءت المذكرة بأسماء 31 قياديا ابرزهم د.غازى صلاح الدين والعميد محمد إبراهيم عبد الكريم المعروف ب«ود إبراهيم» بجانب الأمين العام السابق للحركة الاسلامية بولاية الخرطوم حسن عثمان رزق المطالبة بالاصلاحات، وقالت المذكرة ان حزمة الإجراءات الاقتصادية التى طبقتها الحكومة مؤخرًا أحدثت آثارًا قاسية على المواطنين دون مبررات مقنعة كما انها لم تجز من المجلس الوطنى ولم تعرض عليه أصلًا رغم اشتمالها على تعديلات أساسية فى بند إيرادات الحكومة، وأضافت المذكرة التى تعد أول شرخ فى جسم الحركة الاسلامية بفعل الاحتجاجات التى ضربت العاصمة والولايات منذ الاثنين الماضى هذه الإجراءات لم تجد قبولًا حتى من قطاعات المؤتمر الوطنى. ووصفت المذكرة خطاب الحكومة عند تقديم حزمة الإجراءات عبر وسائل الإعلام بالمستفز للمواطن ولم تبد الحكومة الاكتراث اللائق لمشاعر المواطنين، ولفتت ايضا إلى ان الحكومة لم تسمح للمواطنين بالتعبير السلمى عن آرائهم وفق ما يكفله لهم الدستور. وأضافت بعدم توفر فرص التعبير السلمى تغلبت العناصر التى تستغل هذه المواقف للتعبير العنيف مما أدى إلى خراب كثير وإزهاق لأرواح عزيزة من بين المواطنين والشرطة وقوات الأمن فى مواجهات استخدمت فيها الذخيرة الحيّة ونوه القادة الموقعون على المذكرة إلى ان أهم مقاصد الشريعة التى جعلتها حكومة الانقاذ شعارا تعظيم حرمة الدماء، والعدل بين الرعية، ونجدة ضعفائها، ورحمة فقرائها، وإحقاق الحقوق ومن بينها حق الاعتقاد والرأى والتعبير عنهما. وأضافت «لكن حزمة الإجراءات التى طبقتها الحكومة وما تلاها من قمع للمعارضين لهن أبعد ما يكون عن الرحمة والعدل وإحقاق حق الاعتقاد والتعبير السلمى. وطالبت المذكرة أيضًا بإيقاف الرقابة على الصحف ووسائل الإعلام و إطلاق الحريات كما يكفلها الدستور ومن بينها حرية التظاهر السلمى وإجراء تحقيقات محايدة حول إطلاق الذخيرة الحية على المواطنين ومعاقبة المسئولين عنه مع تعويض المواطنين المتضررين جراء القتل والتخريب، ونصحت المذكرة البشير بالتعامل مع تلك المطالب تعاملا حكيمًا، وزادت «بيدكم درء الفتنة أو إثارتها، وإن مشروعية حكمكم لم تكن على المحك كما هى اليوم». ويعد معظم الموقعين على المذكرة من الاسلاميين الذين صدعوا بمواقفهم الرافضة لكثير من السياسات الحكومة ووصل «ود إبراهيم» أن دبر محاولة للاطاحة بالبشير فى وقت سابق من العام الحالى، غير ان مراقبين وصفوا المذكرة بانها ذات تأثير كبير على قطاعات شباب الاسلاميين خاصة بعد توقيع العميد ود إبراهيم ود. غازى صلاح الدين عليها ويحظى الرجلان باحترام واسع فى تنظيم السائحين الذى تضع الحكومة له حسابات كبيرة. فيما اتهمت منظمتان غير حكوميتين وهما المركز الافريقى لدراسات العدالة والسلام، ومنظمة العفو الدولية القوات الأمنية باطلاق الرصاص عمدًا على المتظاهرين.