تباينت ردود الأفعال القبطية إزاء تشكيل لجنة الخمسين المعنية بتعديل الدستور، ولاحت في الأفق بوادر غضب من تجاهل الأقباط والاكتفاء بالتمثيل الكنسي، تتلخص أسباب الغضب في قلق مضاعف من عودة سيناريو «اختزال» الأقباط في شخوص رؤساء الطوائف. في المجمل رحبت الكنائس الثلاث بتشكيل لجنة الخمسين، معربة عن أملها في ظهور منتج أفضل لصالح الوطن، واعتبرت الحركات القبطية أن تشكيل لجنة الخمسين تضمن تمثيلاً ضعيفاً للمرأة في الوقت الذي تجاهل فيه الشباب والحقوقيين، لكنه في الوقت ذاته تضمن رموزاً وقامات وطنية لا يختلف أحد على وطنيتها. وأعرب الأنبا أنطونيوس عزيز، ممثل الكنيسة الكاثوليكية بلجنة الخمسين، عن ترحيبه بتشكيل اللجنة، لافتاً إلى أن ناتجها من التعديلات هو الأهم. وقال عزيز في تصريح ل «الوفد»: إن ممثلي الكنائس الثلاث الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية سينسقون في المواد المتفق على ضرورة حذفها أو تعديلها خلال عمل اللجنة. على الصعيد ذاته قال المستشار أمير رمزي، عضو اللجنة القانونية للكنيسة الأرثوذكسية: إن اللجنة يوجد بها شخصيات على مستوى جيد، تشير إلى الاطمئنان على مسودة تعديلات الدستور، لافتاً إلى أنها رغم تضمنها مبادئ دستورية هامة، لكنها لا تلبي كافة المطالب. وأضاف رمزي ل «الوفد»: من الصعب تحقيق كل ما نطلبه، لافتا إلى أنها لا تتضمن تمثيلا واضحا للأقباط. واستطرد قائلاً: «هناك مبادئ هامة لم تدرج في مسودة التعديلات، من بينها طلب تغيير الديانة عند سن الرشد تفاديا للأحداث الطائفية، وكوتة الأقباط والشباب والمرأة في التمثيل النيابي، باعتبارها ترفع شأن التمثيل القبطي في المناصب السيادية والنيابية». وأشار «رمزي» إلى أن ممثلي الكنائس سيتلقون طلبات الأقباط من الدستور لطرحها في لجنة الخمسين، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم تشكل لجان قانونية لمعاونة ممثلي الكنائس في لجنة الخمسين. وقال الأب رفيق جريش، المستشار الصحفي للكنيسة الكاثوليكية: إن اللجنة بتشكيلها الحالي مقبول جداً، لكننا ننتظر المنتج النهائي من عمل لجنة الخمسين. في سياق متصل، انتقدت الحركات القبطية غياب التمثيل القبطي بلجنة الخمسين، وقصره على قيادات الكنائس الثلاث، بما يعني أن التمثيل يأتي للكنيسة فقط - كمؤسسة دينية - وليس للأقباط. وقال هانى رمسيس، عضو اتحاد شباب ماسبيرو: إن لجنة الخمسين تجاهلت شباباً قدم حياته فداء للوطن، لافتاً إلى أن تمثيل الشباب والمرأة ضعيف جداً إلى جانب الأقليات في مقدمتهم الأقباط. ورفض «رمسيس» التعليق على اختيار الكنائس لممثليها، باعتبارها صاحبة القرار في هذا الشأن، واستطرد قائلاً: «كنا نتمنى تجديد الفكر والعدول عن اختيار الأنبا بولا والقيادات السياسية البارزة التي شاركت في اللجنة التأسيسية السابقة لكن الأمور تسير في مسارات الماضي». وأشاد عضو اتحاد شباب ماسبيرو بالتشكيل العام للجنة الخمسين، لافتاً إلى أن أغلب الأعضاء «وطنيون» ويهمهم في المقام مصلحة الوطن. وألمح رمسيس إلى أن تمثيل الفلاحين في لجنة الخمسين شيء إيجابي، وأردف قائلاً: «ليس بالضرورة أن تكون رجل قانون وإنما الأهم وضوح الرؤية لصالح هذا الوطن». وأشار «رمسيس» إلى أن لجنة الخمسين بصدد صناعة منتج لأجيال قادمة، مؤكداً أملها محاط بالتحديات الكبيرة - على حد وصفه - انطلاقاً من وقوف البلاد أمام «نقطة نظام» سياسية واقتصادية وأمنية. وأعرب عن أمله في زوال إنتاج الدولة الفاشية الفاسدة في المرحلة المقبلة، لافتا إلى أن الدولة الدينية فشلت على مدار التاريخ. وطالب «رمسيس» بتقنين أوضاع الحركات الثورية وفقاً للتعديلات المزمع إدراجها بالدستور الحالي. من جانبها رحبت رابطة أقباط 38 بتمثيل الأنبا بولا رئيس المجلس الإكليركي وأسقف طنطا، للكنيسة الأرثوذكسية بلجنة الخمسين، مؤكدة أن الرابطة لم تكن في خصومة مع الكنيسة إبان عمل اللجنة التأسيسية السابقة، إنما كانت تسعى لفتح قنوات حوار مع القيادة الكنسية من أجل إنهاء أزمة «الأحوال الشخصية» وهو الأمر الذي يحدث حاليا بلقاءات واسعة مع الأنبا بولا. وقال نادر الصيرفي، المتحدث باسم الرابطة: «لا يعنينا بقاء المادة الثالثة من الدستور أو حذفها، وإنما يعنينا إنهاء أزمة الطلاق والزواج المدني». على الصعيد ذاته، قال مينا ثابت عضو التحالف المصرى للأقليات: إن اللجنة الحالية للدستور تتضمن في تشكيلها تنوعاً سياسياً يضفي حالة من الارتياح عن نظيرتها السابقة، لافتاً في الوقت ذاته إلى عدة انتقادات من ناحية إهمال تمثيل الحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني وشباب الثورة داخل اللجنة. وأضاف ثابت ل «الوفد» أن نسب تمثيل المؤسسات الدينية داخل اللجنة تبلغ 12% في حين يأتي تمثيل الأحزاب الدينية 4% - على حد قوله - وتساءل: «كيف يكون هناك مطلب شعبى وسياسى ورغبة حقيقية فى قيام دولة مدنية في ظل هذه النسب؟.. وكيف يكون هناك مطلب شعبى بحظر قيام الأحزاب على أساس دينى ومن بين أعضاء اللجنة ممثلون عن أحزاب دينية واضحة؟». واستنكر «ثابت» ما أسماه غياب تمثيل الأقباط كمواطنين مصريين والاكتفاء بالتمثيل الكنسي، معرباً عن قلقه من عودة سيناريو اختزال الأقباط في الكنيسة مرة أخرى.