شن الكاتب البريطاني الشهير "روبرت فيسك" في مقاله اليوم بصحيفة (إندبندنت) البريطانية حملة انتقادات موسعة تجاه الإعلام والصحافة المصرية وكيفية تغطيتها الإنحيازية لطرف واحد على حساب الآخر، وتوجه في انتقاداته أيضًا إلى الفريق أول "عبدالفتاح السيسي" ووزير الخارجية الأمريكية "جون كيري". وأثار فيسك في مقاله الذي جاء تحت عنوان "الملايين خرجوا إلى الشوارع في مصر...فذلك نتيجة الخيال الواسع لوسائل الإعلام" وتساءل ساخرًا: إذا بما أن العديد خرجوا للشوارع للتظاهر، فمن الذي كان يقود القطارات والحافلات ومترو الأنفاق، ومن الذي شغل المطارات، والمصانع، والفنادق وأين كانوا حرس الشرطة والجيش؟؟!!. وتساءل فيسك: "لماذا الأزمة المصرية تظهر في غاية البساطة لقادتنا السياسيين حتى الآن في حين أنها معقدة جدًا عندما يحاولون إدارتها وإيجاد حلول لها فعليا في القاهرة؟؟". وبدأ فيسك حملة الانتقادات على الصحافة المصرية قائلاً: "بعد ثورة 2011، تحولت وسائل الإعلام المصرية ببراعة إلى جنود تخطو الخطوات العسكرية منذ إعلان الفريق أول "عبدالفتاح السيسي" يوم 30 يوليو عزل الرئيس "محمد مرسي" من السلطة، وخرج جميع المذيعيين والصحفيين يشيدون بالنظام العسكري الجديد، وظهروا على الشاشات كما لو أنهم يرتدون الزي العسكري". ورأى فيسك أن الأوهام التي تبعثها وسائل الإعلام المصرية لم تقتصر فقط على محاولتهم لبث فكرة الطبيعة الإرهابية لجماعة الإخوان وعدم ديمقراطيتهم، ولكنهم لعبوا بشكل رئيسي على تغذية أحلام العالم من حولهم عندما روجوا لخروج الملايين في الشوارع للإطاحة بمرسي، حتى يكون السيسي قد خرج لإسقاطه لمجرد اتباعه لإرادة الشعب. وأشار فيسك إلى تضارب الأقاويل حول أعداد المصريين الذي خرجوا للإطاحة بمرسي، فقد قال توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق: "هناك 17 مليون مصري في الشوارع"! وكان هذا يثير التعجب. ثم قالت وزارة الخارجية الأمريكية أن هناك 22 مليون في شوارع مصر. ثم قبل ذلك بثلاثة أيام فقط، أبلغ مؤشر الديمقراطية أن هناك 30 مليون يشاركون في مظاهرات ضد مرسي ومليون فقط من أنصار مرسي في الشوارع!!!. وقال فيسك أن :"هذا أمر لا يصدق حقا. فيبلغ عدد سكان مصر حوالي 89 مليون. فعلينا إستبعاد الرضع والأطفال والمتقاعدين في سن متقدمة، وأضاف ساخرا..يوم 30 يونيو كان يوم عمل رسمي إذاً فمن كان يدير مؤسسات الدولة ويقود القطارات والحافلات، ومترو الانفاق، وتشغيل المطارات والمصانع والفنادق و قناة السويس، ويحرسون صفوف الشرطة والجيش، على عكس ما حدث تماما فى ثورة يناير 2011 حيث توقفت هذه المؤسسات تماما بسبب التظاهرات؟؟!!!". وأشاد فيسك بالتقديرات التي قدمتها قناة الجزيرة، واستعانتها بخبير أمريكي لتحديد الحشود وإثبات أن هذه الأرقام التي روجتها وسائل الإعلام ما هي إلا من عالم الأحلام في كلا الجانبين سواء المؤيدين لمرسي أو المعارضين له، حيث قال إنه من المستحيل جمع أكثر من مليون ونصف شخص في ميدان التحرير. أما ميدان رابعة في مدينة نصر فيتسع لأقل من ذلك. وواصل فيسك حملة انتقاداته، حيث انتقد تصريح وزير الخارجية الأمريكى "جون كيري" بأن الجيش تدخل إستجابة لمطالب الملايين للحيلولة دون حدوث فوضى أو حرب أهلية، وهذا ما يؤكد أن كيري قد خدُع بأرقام الملايين التي روج لها أنها نزلت الشوارع ولم يذكر أن السيسي هو من اختار الحكومة المدنية التي تدور شئون الدولة وعين نفسه وزيرا للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة والنائب الأول لرئيس الوزراء. ولم يسلم السيسي من فيسك، حيث انتقد خطابه التفويضي يوم 25 يوليو والذى طلب فيه تفويض شعبي لمحاربة الإرهاب، مشككا فى حديثه بأنه اجتمع بإثنين من قادة جماعة الإخوان ليطلب منهم بدء المصالحة الوطنية ولكنهم رفضوا طلبه، وأن السيسي قدم نصيحة للرئيس السابق لحل الأزمة وأنه اجتمع برئيس الوزراء هشام قنديل والرئيس السابق مرسي ليعرض عليه فكرة الاستفتاء من أجل البقاء فى الحكم وأن الرئيس السابق رفض. وختم فيسك مقاله قائلاً: "بطبيعة الحال، لا يمكننا سماع وجهة نظر مرسي أو رده على ذلك، لأنه تم إسكاته علنا...نشكر الله على الجيش المصري وتلك الملايين التي خرجت".