الآن تمر سفينة الوطن في منطقة شديدة الخطورة، بعد أن تاهت في عرض البحر، وفقد من عليها السيطرة والتوجيه، بسبب كثرة المشاكل والازمات، التي وصلت الي كل راكب بمن فيهم طاقم القيادة الذي لم يسلم من المشاكل والمشادات، والمؤسف أن أحدا لا يستمع لأحد، والغالبية حائرة الي من تسمع، ومع من تسير، بعد تعدد الرؤى والاتجاهات، والغريب أن الصفوة في السفينة من حملة المعرفة وهم من المفترض أن يكونوا أقرب الي منطق الحكمة، تناحروا وانقسموا شيعا واحزابا، والنتيجة ضياع السفينة في غياهب البحر، وصارت معرضة للاصطدام بأي شيء، أو الجنوح في أي مكان حسب الأمواج والرياح والعوامل البحرية الأخري، يحدث كل ذلك وسفينة الوطن مازالت بحالة جيدة ويمكن ان تكمل الرحلة، إذا وقف من عليها علي قلب رجل واحد، وتناسوا خلافاتهم، القلائل من أهل الوطن من أصحاب الضمائر الحية، خائفون ويملأ الرعب قلوبهم، من أن يقوم المشاغبون والمتسترون والقائمون علي الفتنة، باشعال النيران في السفينة، أو خرقها لتغرق بمن فيها إلي القاع، ولكن وحتي هذه اللحظة مازال بصيص من الأمل في الأفق، المطلوب ان يتدخل الكبار، والذين يشهد لهم بالكفاءة، بخلق التوافق والتراضي السياسي المطلوب، بين المؤيدين والمعارضين لخارطة الطريق التي وضعها طاقم القبطان، كي تنجو السفينة ولا تذهب إلي المجهول، ولكن لم يحدث التوافق، وخرج عدد غير قليل رافضا خارطة الطريق، التي يرونها انها لا تلبي طموح كل ركاب السفينة، وزاد الانقسام، وبدأت السفينة تترنح في عرض البحر، لا أحد يرحمها، سواء من بداخلها أو البعيدون عنها من الاعداء والمتربصين، والشامتين. المتصارعون علي قمرة القيادة، لا يزالون في معاركهم، ولا يهم عدد منهم إلي أين تتجه سفينة الوطن، الكثيرون يريدون كرسي القيادة، يريدون القيادة حتي ولو للحظة، وباتت الخطورة تكمن فيمن ورائهم، من جماعات النفاق، والمستفيدون من حالة الانقسام، والراغبون في جمع الغنائم، حتي ولو علي جثث القتلي والمصابين . المشهد السياسي الحالي يقول، إن هناك حكومة جديدة، نصفها تقريبا تقلدوا حقائب وزارية سابقة، ولهم خبرة الي حد ما في الادارة، ولكن بدأت الحكومة بقرار غريب - في نظري - وهو فض الاعتصام بالاجراءات التي تراها وزارة الداخلية في ميداني رابعة والنهضة، أزعم أن هذا القرار، جانبه الصواب، حيث أثبت أن الحكومة الجديدة، لا تقدم مبادرات للتهدئة، ولكن عدد من صقورها لا يرغبون سوي في تصفية من يرون أنهم خصوم، وأن المؤيدين للرئيس المعزول، مواطنون درجة ثانية، يجب التخلص منهم، أما المعتصمون في التحرير، فلا يجب فض اعتصامهم، تخيلوا أن يبدأ رئيس الوزراء الجديد، حياته بإصدار قرار بفض الاعتصمات في مكان دون آخر بالقوة، هذا القرار أراه بداية غير موفقة، للحكومة، ربما يساهم تعقيد الازمة الحالية، في المشهد السياسي، رغم أننا في عصر فتنة، إلا أنني أتفق مع من يقول رأيه بصراحة، دون نفاق لأحد، من منطلق وطني لبلده. وأقول للمترددين، والطامحين والطامعين، في الوصول إلي السلطة علي جثث المصريين، أنتم مسئولون أمام الله، عما تقولونه وتفعلونه، ومن هذا المنطلق أقول إن رحمة الله بنا في مصر، بلغت أقصي مداها، وأن ما حدث عندنا، ربما يكفي لإضاعة أمة وحضارة بالكامل، لذا يجب الانتباه، وليعلم المتصارعون علي السلطة، أن التاريخ لن يرحمهم، وأن الشعب سوف يلفظهم، بعيدا عن سفينة الوطن، حتي تنجو من الغرق، بسبب وجود هؤلاء، أن الحياة الكريمة لكل مصري وطني مخلص، حقا علينا جميعا، ولا يصح أن نطالبه بالصبر حتي تتحقق مآرب وأطماع كل فئة في اعتلاء كرسي الرئاسة بأي ثمن، انتهي هذا العصر, وهذا لن يحدث، حفظ الله مصر من كل مكروه.