تأتى زيارة الإنجليزية كاترين أشتون، الممثل السامى للاتحاد الأوروبى لشئون السياسة الخارجية والأمن، فى إطار المساعى المبذولة من جانب القوى الدولية لبلورة مواقفها تجاه الأوضاع فى مصر، وهو أمر ينبغى الكف عن تناوله باعتباره تدخلًا فى الشئون الداخلية؛ فقد أكد الشعب المصرى أنه، على عكس مزاعم رموز نظام مبارك، يملك المقومات الحضارية الكفيلة باندماجه فى منظومة المجتمعات المتحضرة؛ ومن ثم فإن توافقنا مع القيم المشتركة لتلك المجتمعات بات أمرًا مؤكدًا إذا ما أردنا السير بخطى واثقة نحو تحقيق طموحات ثورة 25 يناير المجيدة، وامتدادها الطبيعى فى الثلاثين من يونية. فليس من شك أن القوى الدولية، تملك من الخبرة ما يجعلها تبتعد عن الاصطدام بالإرادة الشعبية التى أدهشت العالم، ولا ينفى ذلك وجود تباينات فى المصالح، وهو شأن متعارف عليه فى العلاقات الدولية. من جهة أخرى ينبغى الاعتراف بأن الوزن النسبى لمصر كقوة إقليمية بالغة التأثير فى إحداث التوازن المطلوب لتحقيق الاستقرار فى المنطقة، أمر يدفع القوى الإقليمية والدولية إلى «الاقتراب» من الشأن المصري، دون أن يعنى ذلك «تدخلًا» ينتقص من السيادة المصرية. ولعل الروابط التاريخية والجغرافية تعزز من فرص تنامى العلاقات المصرية الأوروبية فى ظل عملية التحول الديمقراطى التى تشهدها الحياة السياسية فى مصر، دون أن نغفل عن أهمية النظر بعين الاعتبار إلى الشراكة الإستراتيجية الأوروبية الأمريكية، وصداها غير المطمئن على مواقف الاتحاد الأوروبى من الصراع العربى الإسرائيلى باعتباره القضية المركزية التى تتمحور حولها كافة علاقات دول المنطقة بالقوى الإقليمية والدولية. غير أن نظرة مُتأنية تُشير إلى أن الاتحاد الأوروبى، كيان اقتصادى عملاق، تنقصه الإرادة السياسية الموحدة، وبالتالى ينبغى العمل على مد جسور التعاون على المستوى الثنائى مع كافة مكونات الاتحاد الأوروبى، دون التسليم بتوافق تام بين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة من حيث الإرادة السياسية تجاه الأوضاع فى مصر، ولا يعنى ذلك إثارة المخاوف من مساعى «أشتون» باعتبارها سياسية «إنجليزية»!!...وإلى حديث قادم بإذن الله. «الوفد»