"رابعة العدوية" ..أحد أشهر المناطق الراقية بمدينة نصر.. اتسعت شهرته لتجتاز حدود الوطن.. ليس لرقيه , وانما لأنه اصبح نداً قوياً لميدان التحرير , ورمزاً اخوانياً "للدفاع عن الشرعية" .. * بدأ اعتصام رابعة العدوية مزامناً لاعتصام ميدان التحرير وخروج الالاف بالمحافظات المصرية تنديداً بسياسات د. مرسي ومطالبته بالتنحى, فخرج الالاف من جماعة الاخوان لتأييد رئيسهم, واتخذوا من "رابعة العدوية" مقراً لاعتصامهم منذ 28 يونيو وحتى يومنا هذا. * "للشرعية كما يزعمون مطالب.. والمطالب في عمر الاوطان تحتاج وقتاُ" .. لذلك اتخذ شباب جماعة الاخوان وقياداتها من تلك الجملة مبدأ لهم, فسعوا في نصب خيام اعتصامهم واحدة تلو الاخري بالميدان , في محاولة لتثبيت موقف رئيسهم في مواجهة مهلة القوات المسلحة للخروج من الازمة ..رافعين شعارات " إسلامية إسلامية رغم أنف العلمانية" ,حتى جاءت الضربة القاضية والقرار الصادم لمؤيدي الرئيس بإستجابة القوات المسلحة للغضب الشعبي بمحافظات مصر وقررت عزل الرئيس مرسي من منصبه والاعلان عن خارطة طريق للمرحلة القادمة. * الغضب والكراهية اشتعلوا بنفوس قيادات جماعة الاخوان وعمت ابصارهم ..فبدأت فتاوى التكفير ودعوات الجهاد تنطلق علناً من افواه قياداتهم , وكانت ل"منصة رابعة" دوراً حيوياً في إشاعة حملات الجهاد والفتن , ليس هذا فحسب , بل كانت منبراً لتفسير رؤي واحلام شيوخ الجماعة .. فتارة نجد من يخرج علينا مزهواً برؤيته جبريل عليه السلام بداخل مسجد رابعة العدوية ليثبت المصلين ! وتارة من يعتلى المنصة ليعلن تشبيه الرئيس المعزول بالنبي" يوسف عليه السلام".. لتنطلق من وراءه هتافات المعتصمين ب "الله اكبر" و" الإسلام قادم قادم". * تكبيرات المعتصمين وهتافاتهم بعودة الإسلام ..اكبر دليل على استغلال "خطباء المنصة" للحالة الذهنية للمعتصمين الواهمين بأن المعزول خير من يمثل عقائد الاسلام في زمننا الحالى .. فخروج دعوات الجهاد وحملات " تقديم مليون شهيد في سبيل عودة الرئيس مرسي" تدعو للاستغراب والاستنفار من تنحية مبدأ التفكير وسيطرة مبادئ الجماعة على عقول شبابهم, واستغلال ذلك فيما تحقيق ما يرونه صالحاً. * سكان رابعة شعروا بأنهم محاصرون ومحتلون من قبل مؤيدي المعزول الذين قيدوا حريتهم وعطلوا اشغالهم الخاصة , فها هى خيام المعتصمين تزداد يوماً بعد يوم , وها هى وسائل ترفيهم اصبحت محكى للجميع , من مبردات تهوية بالخيام , وإفطار يومى بالميدان, ومشفي صغير لعلاج كبار السن والاطفال .. فضلاً عن تقسيم مسجد رابعة ما بين الصلاة وحلقات للنقاش ومبيت للسيدات !!. رائحة القمامة والصرف الصحى غزت الميدان وجعلت من ارقي شوارع رابعة مقلباً للقمامة .. وذلك وسط صرخات ساكنى رابعة العدوية ونداءاتهم المستمرة لتخليصهم من ذلك الكابوس!! * مجزرة الحرس الجمهورى .. نقطة دموية جديدة سطرت في صفحات الوطن .. ليتصدر المشهد من بعدها لروايتان لا ثالث لهما , لينطلق تساؤل الجميع "من أطلق الرصاصة الاولى؟" .. ولكن الحقيقة المؤلمة لا تهم بقدر نتيجتها ..فسقوط اكثر من 50شخصاً واصابه المئات امراً يستحق التفكير وليس محض الاتهام ..فكثرت ضحايانا من "المصريين" لدرجة لم تسعفنا فيها ذاكرتنا لتسجيل اسماءهم. * خطاب السيسي الأخير ودعوته للشعب لتفويضه بمكافحة الارهاب أثار جنون معتصمى رابعة العدوية معتبرين هذه الدعوة بمثابة تهديد مباشر لهم , فوسط توقعات الكثير بقرب نهاية جماعة الاخوان والقبض على قادتهم..دعت الجماعة بالحشد في مليونية "نهاية الانقلاب العسكري" تأكيداً على تنديدهم بالانقلاب على الشرعية, ومحاولة منهم للدفاع عن مطالبهم في مواجهة دعوة السيسي.. ولكن يبقي التساؤل " ماذا سيُسجل التاريخ غداً .. أنقطة سوداء جديدة في صفحة الوطن.. أم بداية تحقيق احلام ثورة لم تتحقق؟"