مع بزوغ فجر اليوم ، وسقوط النظام ، فض المثقفين والفنانين اعتصامهم السلمى الذى استمر على مدى 29 يوما على التوالى بمقر وزارة الثقافة بالزمالك لاقالة وزير الثقافة ثم ارتفع سقف مطالبهم لرحيل النظام ، حرصا منهم على التعددية فى التنوع الثقافي وإطلاق حرية التعبير والفكر والاعتقاد. اعتصام المثقفين والمبدعين كان المسمار الاخير فى نعش نظام الاخوان ، الذى لم يعبء بمطالبهم ولم يعرهم اى انتباه ، متناسيا ان الاقتراب من ثقافة شعب وإرادة القوة الناعمة يشكل خطرا داهما ، فهى بمثابة سلطة شرعية تمنح الدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق ، ولقد كانت السينما والدراما المصرية ومن قبلهما الأدب بشعره ونثره أكبر مكونات القوة الناعمة المصرية في محيطها العربي. بركان غضب المثقفين انفجر عند تعيين الدكتور علاء عبد العزيز وزيرا للثقافة واتخاذه قرارات بإنهاء ندب عدد من قيادات الوزارة دون أى اسباب واضحة ، والتى اعتبرها المثقفون والمبدعون بداية صريحة لتنفيذ سياسة هادفة إلى هدم مؤسسات الوزارة والسطو على وثائق الدولة المصرية وتخريب كافة منابر الإبداع فى محاولة لتجريف الثقافة المصرية وتجفيف منابعها. وعلى الرغم من تصريحات وزير الثقافة التى اكد فيها انه يطهر الوزارة من الفساد المستشرى بها ، وانه يقود ثورة للتغيير الثقافى فى مصر ترتكز على عدم احتكار البعض لحركة الثقافة المصرية إلا ان رموز الثقافة والفن أكدوا أن تلك افكارا مضللة لا تريد إلا الوقيعة بين المثقفين المصريين الذين فتحوا اعتصامهم منذ اليوم الأول لكل المثقفين المهمشين والمناهضين لسياسية الإقصاء سواء الآن أو في مواجهة النظام السابق . اعتصام المبدعين ، الذى شارك فيه كوكبة من الرموز الأدبية والفكرية المصرية ، بدأ يوم الأربعاء 5 يونيو الحالى بعد أن تمكنت نخبة من الفنانين والمثقفين من الدخول الى مكتب الدكتور علاء عبد العزيز وزير الثقافة للمطالبة بإقالته ، واعلنوا اعتصامهم حتى إقالة وزير الثقافة أو حتى يوم 30 يونيو للمشاركة فى التظاهرات التى دعت اليها القوى السياسية لاسقاط نظام الاخوان . وبالفعل ، انطلقت مسيرة حاشدة من مقر وزارة الثقافة بالزمالك فى 30 يونيو الماضى للالتحام مع الشعب المصرى ، حتى اسقاط النظام ، ضمت نخبة من المثقفين والفنانين متجهة الى ميدان التحرير من أجل المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة والتأكيد على حقوق الشعب المصرى فى تحقيق اهداف ثورة يناير . وأثبت مثقفو مصر من خلال شعار " الفن مقاومة " الذى اتخذوه طوال ايام اعتصامهم ، وحرصوا من خلاله على التعبير عن آرائهم وأفكارهم ، ان الفنانين والمبدعين هم ضمير الأمة وروحها الخلاقة وهم المعبرون عن احلام الشعب و آماله فى مستقبل يليق بمكانة مصر وإمكانياتها ، لقد اعطوا درسا للجيل القادم من البراعم الفنية التى ستحمل شعلة الثقافة المصرية فى السنوات القادمة ، فى الصمود و الدفاع عن حرية التنوير والابداع ، وانه لن يطفئ نور الإبداع المصري جاهل أو حاقد أو طامع أو تابع .