معسكر مؤيد وآخر معارض اختار كل تيار سياسى الانضمام لأحدهما، لكن حزب النور السلفى ظل متشبثاً بموقفه الحيادى الواقع بين الطرفين لا هو يشارك فى مظاهرات مؤيديه مع أشقائه فى المشروع الإسلامى ولا معارضة تتفق مع توجهاته وانتقاداته لجماعة الإخوان المسلمين، فاختار بحكم تجربته مع الجماعة المنطقة الرمادية. ربما كان الصراع السياسى بين الإخوان والنور على وجه الخصوص سبباً فى هذا المشهد الراهن فاعتقدت الجماعة مسبقا أن إقصاءها للحزب السلفى قد لا يؤثر على العلاقة بينهما إلى هذا الحد وانها ستتخلى عنها فى وقت الفصل وراحت تخلف وعدها معهم ولم تحسب لمثل هذا اليوم، وتخيلت الجماعة أنه بإشارة من أصبعها الأصغر ستستدعى «النور» إلى رحابها الكريم وهو ما لم يحدث. كما أن نضوج «النور» سياسيا ووضع المثل: «أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين» كلافتة أمام أعينهم ينظرون إليها ليل نهار تجعلهم يقفون الآن على الحياد متخوفين من الزج بهم فى معركة لا ناقة لهم بها ولا جمل، وفى المقابل تعتقد أن الجماعة أن موقف حزب النور الحيادى منها بسبب تخطيطهم لطرح نفسه بديلاً لهم فى حال سقوط الجماعة بالفعل. ونسيت جماعة الإخوان وربما «النور» أيضا أن الطرف الأخير لم يصلح كبديل فى حال سقوط الجماعة وهذا بحسب محللين سياسيين لأن سقوط الجماعة يعنى سقوط المشروع الإسلامى ككل فى نظر المصريين ولن يحل مكانها أى تيار ينتمى للإسلام السياسى وربما يكون للنور كوتة وزارية أو محافظون أو أقلية برلمانية ولكن لن يتعدى الأمر كذلك، فالشعب صار كارها لكل ما ينتمى للمشروع الإسلامى. فى نفس السياق ومع الحدة الاحتجاجية التى نراها الآن نجد تصريحات قيادات حزب النور تسعى لإمساك العصا من المنتصف بدعوى عدم رغبتهم فى إراقة الدماء وتكتفى بدعوة مؤسسة الرئاسة إلى النظر بعين الاعتبار إلى أعداد المتظاهرين والتنوع فى توجهاتهم حتى تدرك أن هناك مطالب مشروعة للشعب المصرى لابد من الاستجابة لها وأن وجود قوى ذات أجندات خاصة أو وجود مجموعات تتبنى العنف لا يخل بمطالب الجموع الغفيرة من الشعب المصرى والذى يجب أن تضعها كل من الحكومة والمعارضة فوق رؤيتهم السياسية. كما يعرب حزب النور عن بالغ أسفه لسقوط ضحايا وجرحى وإراقة الدم الحرام وأن نسفك دماءنا بأنفسنا وطالب الرئاسة باتخاذ خطوات عملية وجريئة وسريعة فى رأب الصدع ونحن مستعدون للمساهمة فى أى حل يلقى قبولا عاما كما ننتظر من شعب مصر أن تكون جموعه غير المسيسة هى عنصر الأمان الذى يمنع اندساس المخربين ويرشد طيش الطائشين ويحافظ على وجهه الحضارى العظيم. والآن بعد خروج ملايين إلى الميادين لا يجد أحد من الدعوة السلفية التى تضم حزب النور والذى يمثل ذراعها السياسية تجاهل الدكتور ياسر برهامى وقيادات النور كلمته التهكمية فى أحد البرامج بالفضائيات حينما صرح بأن حال نزول ملايين ضد مرسى تطالبه بالرحيل فسينضم اليها، وكان فى ذلك الوقت مستبعدا حدوث ذلك فقالها بصدر رحب ولكن مع تحقق الأمر تراجعت الخطى وساد الصمت. حزب النور الآن يرى المشهد يستدعى القلق وعلى الرئاسة تقديم بعض التنازلات الشعبية وضرورة السماع للطرف الآخر والاستغناء عن سياسة إقصاء الآخر. فى نفس السياق، أوضح الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور أنه على جميع الأطراف أن تقدم تنازلات فى هذه المرحلة الخطيرة تجنباً لإراقة الدماء ومنعا لدخول البلاد فى حالة من الفوضى، وعلى الرئاسة أن تتخذ قرارات سريعة حتى لو كانت هذه القرارات صعبة حقنا للدماء. وعند السؤال عن دور حزب النور فى المرحلة القادمة، يرى مخيون أن علاقتهم جيدة مع جميع الأطراف مما يتيح لهم القيام بدور الوساطة. وأكد المهندس صلاح عبدالمعبود المتحدث باسم الكتلة البرلمانية بمجلس الشورى عن حزب النور أن موقف الحزب معلن وثابت عند نفس الرأى المكرر وهو عدم المشاركة فى أى تظاهرات سواء كانت مؤيدة أو معارضة لأن الفكرة بها تداخل كبير. ولفت «عبدالمعبود» إلى أنهم تقدموا بالعديد من المبادرات فى الفترة الماضية إلى الرئاسة، لكنها لم تلتفت إليها رغم أنها كانت ستساهم فى رأب صدع الأمور، وأكد تأييد شرعية الرئيس وأن النور لا يعارض بقاءه ولكن بالتوازى لابد من إحداث تغييرات سريعة لامتصاص غضب الشارع المصرى ضده. وبشأن تصريحات «برهامى» السابقة قال «عبدالمعبود» إن «برهامى» تم فهمه بطريقه خاطئة لأنه كان يقصد أنه لو نزل 15 مليون مصرى للشارع فعلى الرئيس أن يستجيب لمطالبهم. وردا على موقف «النور» حال سقوط الرئيس قال «عبدالمعبود» لا أريد أن نستبق الأحداث وما زلنا نقدم نفس الخرائط المطروحة والمبادرات لتغيير المسار ولابد من إقالة الحكومة لحل الأزمات ولابد من التراجع عن حركة المحافظين. واتفق معه أمين حزب النور ببنى سويف وعضو الهيئة العليا للحزب الدكتور شعبان عبدالعليم مضيفا أن الحزب مستعد للتوسط بين الطرفين حتى الانتهاء من الأزمة الحالية. وأكد «شعبان» أن الحزب لم يراجع موقفه تجاه المشاركة فى أى تظاهرات، فضلاً عن عدم مناقشة الحزب لسيناريو سقوط الرئيس، مشيرا إلى تأييدهم المستميت للشرعية ولفت إلى أن برهامى لم يتوقع خروج هذه الملايين بالفعل.