بين بيان القوات المسلحة، وبيان مؤسسة الرئاسة، يمكننا رصد العديد من الدلالات التى لا يمكن إنكارها، فى سبيل التأكيد على منطقية موضع الرأى العام من الجانبين؛ ففى حين عبر بيان القوات المسلحة عن مدى ارتباط الجيش المصرى بشعبه، عكس بيان الرئاسة مدى عزلتها وغيابها عن الشعب. من جهة أخرى، ليس فى الأمر أى التباس، فبيان القوات المسلحة المنحاز إلى جانب الإرادة الشعبية، يأتى فى صميم مهمة قواتنا المسلحة باعتبارها الضامنة لسلامة الجبهة الداخلية، قدر حرصها على حماية حدود الوطن. ولا يمكن لأى مُزايد الادعاء بأن البيان يُشكل انقلابًا ناعمًا على «السلطة الشرعية»، فواقع الأمر أن النظام فقد شرعيته بفعل ممارساته أولًا، فكان أن عبرت الإرادة الشعبية الكاسحة عن ذلك فى ذكرى توليه الحكم. فلا شرعية لنظام دأب على التدخل فى أعمال القضاء، وبث بذور الفرقة بين أبناء السلطة القضائية، سعيًا إلى إقصاء كل مناهض لسياساته، وبغرض ضم السلطة القضائية تحت جناح السلطة التنفيذية، متجاوزًا بذلك مبدأ الفصل بين السلطات، وهو من المبادئ الدستورية المُميزة للنظم الديمقراطية. وقد جاء بيان مؤسسة الرئاسة، الصادر فى الساعات الأولى من صباح أمس، مُخيبًا للآمال كعادته، مؤكدًا استمرار حالة الغياب عن الوعى السياسي، التى تنتاب الرئاسة فى ظل الانبهار الكبير بكرسى الرئاسة، والتى رصدها العديد من المراقبين فى الداخل والخارج، ففى رده على بيان القوات المسلحة الذى استقبلته الجماهير بفرحة عارمة، أكد بيان الرئاسة أنها ماضية فى تفعيل رؤيتها نحو المصالحة الوطنية!!، وأن بيان القوات المسلحة به من الدلالات ما يزيد الأمر تدهورًا!! ولا يمكن إغفال دلالة توقيت البيان، فقد صدر فى الساعات الأولى من الصباح، وبعد دعوة الجماعة أنصارها إلى النزول إلى الشارع تأييدًا للدكتور محمد مرسي، ما أدى إلى تزايد حدة الاشتباكات فى العديد من المحافظات، وتوالت الدعوات إلى مليونيات إخوانية!!، الأمر الذى يؤكد أن الجماعة ما زالت تفتقر إلى المسئولية الوطنية فى مثل هذه اللحظات التاريخية، التى تستوجب إعلاء شأن المصالح الوطنية، والاعتراف برفض الشعب المصرى اختزله فى جماعة الإخوان المسلمين. «الوفد»