أين عيونكم ؟ أين عقولكم ؟ ألا تنظرون ؟ ألا تعقلون ؟ هذه الأرض ترتج من تحت أقدامكم ، ومن تحت كراسيكم ، ألا تسمعون ، هل في اذنكم وقر ؟ انها الحقيقة ، وهي صادمة بكل تأكيد ، ولكنها غير قابلة للنكران ، وغير خاضعة للهذيان ، لقد انتهت أكذوبتكم ، أكذوبة الإخوان . حشدتم ميداناً ، فاحتشدت أمامكم عشرات الميادين ، أمة بأكملها تقف في وجهكم ، لا إله إلا الله ، كم هي عظيمة هذه الأمة ، وكم هم شجعان أبناء هذه الأمة ، إنها لا تجثو ، ولا تركع ، مهما كان خصمها قوياً ، ومهما كانت آمالها شبه مستحيلة ، إنها تقف ، وتسمو بنفسها ، وتطاول السماء شموخاً ، وتقدم الدروس بالمجان ، تقول للعالم تعلم ، وتقول للجاهل افهم ، وتقول للمتكبر نحن الكبار وأنت القزم ، نحن الأحرار وأنت العبد ، نحن القامات العالية وأنت لا شيء يذكر ، أنت صنيعة ظرف تجاوزته الأمة المصرية ، الأمة الهادرة ، من برها إلى بحرها ، ومن حواضرها إلى صعيدها ، ومن رجالها إلى نسائها ، الله أكبر ، كم أنتم عظماء يا هؤلاء ، يا أبناء مصر ، يا أحفاد كل الرجال الذين صنعوا التاريخ ، اليوم نراكم ونرى فيكم أحمد عرابي ، ونتلمس سعد زغلول ، ونشتاق إلى جمال عبد الناصر ، اليوم نسمع نداء صلاح الدين ، وقطز وبيبرس ، في اصرار شباب لا نعرفهم ، ولا يعرفون عن أنفسهم ، شباب لا يطلبون سلطة أو زعامة ، ولا يكرهون أحداً ، لأنهم يحبون وطنهم ، ومن لا يحب الوطن لا يعيش تحت رايته ، مدعياً وغاصباً. مخدوعون ، غائبون عن الوعي ، أصابتهم لوثة في عقولهم ، فمازالوا يكذبون ، ويزيفون ما عجزت عن وصفه العيون ، فهذا التاريخ يصنع من جديد ، هنا ، في أرض الكنانة ، في مركز افئدة العرب والمسلمين ، في القاهرة والإسكندرية والمنصورة وكفر الشيخ وبورسعيد ودمياط وقنا وسوهاج وأسيوط والمحلة ، في كل شارع وسكة ، يكتب في أنصع الصفحات "ان أكبر حشد حشده الإنسان في تاريخه ، قديمه وجديدة ، يسجله أبناء مصر التي لا تعييها الأزمات والصدمات" ، فهنيئاً لنا جميعاً هذا الانتصار لكلمة الرجال ، وعهد الرجال ، وفعل الرجال ، وحفظ الله مصر وشعبها وجيشها . كم أنتم أغبياء أيها المدعون ، أنتم لا ترون ، ولا تسمعون ، ولا تتعلمون ، فانظروا إلى أي هاوية أنتم ذاهبون .