سقوط مدو وضياع لهيبة وكرامة مصر حققتها بسبب جهل مرسي بالقواعد البروتوكولية في الزيارات الخارجية ومن ثم استقبال غير لائق ومتكرر لرئيس أكبر دولة في المنطقة قبل حكم الجماعة، فاستقباله في القمة الأفريقية بأديس أبابا، كان من قبل وزيرة التعدين الإثيوبية وفي زيارته ل «ماما قطر» خلال المشاركة في أعمال الدورة العادية الرابعة والعشرين للقمة العربية، استقبله نائب الأمير ولي العهد الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، وفي روسيا استقبله عمدة مدينة «سوتشي»، ثم قابله بوتين رئيس روسيا بعد ثلاثة أيام من الزيارة في نادٍ رياضي مرتدياً الملابس الرياضية، وكذلك في البرازيل استقبله مدير المراسم ووكيل وزارة الخارجية.. وقد وصلت الاستهانة إلي مطالبات غريبة وعجيبة بعد هذه الزيارات.. فالسودان طالب بتنازل مصر عن حلايب وشلاتين، وأكد تعهد «مرسي» بذلك لتنضم لقائمة مطالبات وتنازلات مصر عن سيناء لحماس ومدن القنال لقطر وتركيا ومياه النيل لإثيوبيا، ومؤخراً فتح باب الجهاد وقطع العلاقات مع سوريا تنفيذاً لأجندة أمريكا لصالح الأمن القومي الإسرائيلي.. وهكذا أضاع مرسي هيبة وكرامة مصر خلال عام واحد! يري الدكتور محمد صلاح أبورجب، أستاذ القانون الجنائي الدولي، أن ضياع هيبة مصر عالمياً وسقوطها المدوي طبيعي، بعدما اعتدي الرئيس وجماعته علي القانون والسلطة القضائية، وسمح بحصار ثالث محكمة دستورية علي مستوي العالم وضرب بأحكام القضاء عرض الحائط وأعاد مجلس الشعب للحياة بعد حكم القضاء ببطلانه في تعد صارخ للقانون، ساهم في ضياع الأموال المنهوبة في الخارج وأعطي للعالم صكاً علي بياض بأن الأحكام القضائية لا تحترم وأنها في الفترة الأخيرة أحكام مسيسة، خاصة مع استمرار اعتداء السلطتين التنفيذية والتشريعية علي القضاء، وأصبح ما يحدث في مصر لا يليق ولا يمت للقانون بصلة، وبالتالي انهيارات متتالية لانعدام الثقة في مصر وضياع هيبتها سواء انهيار اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي، ومن ثم سقوط دولي في جميع المجالات، خاصة سقوط الخارجية المصرية في مناسبات عديدة. ترجع الدكتورة وفاء الزيد، أستاذ السلوكيات، الاستهانة في استقبال «مرسي» خارجياً إلي جهل الرئيس بالقواعد البروتوكولية في تلك الزيارات المتبادلة بين الدول، وما بين المسئولين الرسميين لهذه الدول، ولذلك تأتي تلك الزيارات ضمن مسلسل الاستهانة والتجرؤ علي مصر، وهو دليل علي تراجع مكانة مصر دولياً وعالمياً، والسبب أن هذا الرئيس غير مؤثر طالما أنه لا يستطيع إدارة البلاد. ويؤكد الدكتور سمير غطاس، رئيس منتدي الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن مصر خسرت محلياً ودولياً منذ تولي الرئيس مرسي مهام منصبه، خاصة مع التناقض الواضح والمستمر لكل قراراته، التي جعلت منه مندوباً للولايات المتحدةالأمريكية، التي آخرها قرار قطع العلاقات مع سوريا في رسالة واضحة لأمريكا بأنه يفعل ما في وسعه لتسعي أمريكا للعمل علي إطالة عمر نظامه والحفاظ عليه، لتناقض دعوته للجهاد في سوريا في أقل من شهرين، بعد أن سبق وأعلن موقفه المتطابق مع الموقف الروسي وضرورة الحل السياسي وليتغير موقفه بعد إعلان أمريكا لدعم المعارضة السورية بالسلاح، ولتصبح دعوة الإخوان ومرسي المشبوهة للجهاد دعوة للاقتتال بين السنة والشيعة في المنطقة العربية وتخسر مصر أكثر وأكثر دورها الوسطي والقيادي في المنطقة وفي أقل من عام! ويري اللواء ثروت جودة، وكيل جهاز المخابرات السابق، أن مصر دولة مركزية كبري ولها وضعها في الساحة الأفريقية والدولية ولكنها مكانة أصبحت علي المحك، بعد زيارات مؤسسة الرئاسة للخارج، والاستقبال السيئ غير اللائق للرئيس والتهميش المتعمد لمحمد مرسي، علي عكس ما كان يحدث مع رؤساء مصر، وبالتالي مع تدهور مكانة مصر كانت نتائج الزيارات معدومة لاعتمادها علي مساعد الرئيس للشئون الخارجية، الذي يجهل العديد من الأمور، ومنها الاعتماد علي تنسيق جميع الأجهزة الاستخباراتية بالدولة، الذي جعل بلداً كأوغندا تتحدث عن بناء أكبر سد بأفريقيا علي بحيرة فيكتوريا لمجرد تخويف الشعب المصري وقيادته التي استخف بها جميع دول العالم بعد فضيحة أزمة إثيوبيا التي من الممكن حلها من خلال أجهزة المخابرات بالدولة، فجهاز المخابرات يعمل وفق سياسة دولة المؤسسات ولا يتأثر بمن هو رئيس الجمهورية، فهو يعمل لصالح وطن وليس لحساب رئيس، فالمخابرات لا تقطع علاقاتها مع جميع الدول وتتمتع باتصالات ومصالح مع دول الحوض وغيره. ويؤكد اللواء محمد علي بلال، نائب رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق وقائد العمليات العسكرية بحرب الخليج، أن ضياع هيبة مصر وسقوطها خارجياً بالذات يرجع لعشوائية السياسة وقرارات المصطبة للنظام الحالي، فالرئيس مرسي وجماعته دائماً ما يصدرون قرارات غير مدروسة وآخرها تصريحات عصام العريان وهو نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الحزب الحاكم بشأن دولة الإمارات ثم يخرج علينا الحزب الحاكم بأن تصريحاته شخصية ولا تعبر عن الحزب أو الرئيس، ثم كيف لرئيس الجمهورية، أن يصدر قراراً بقطع العلاقات مع سوريا والزج بالجيش في حرب دون استشارة لمجلس الأمن الوطني أو مجلس الدفاع القومي، بالضبط كما سبق وصرح للسودانيين ووعدهم بحلايب وشلاتين وبإعطائه الغطاء السياسي للإرهابيين في سيناء والتلويح لحماس وإسرائيل بأن سيناء الوطن البديل للفلسطينيين، خاصة بعدما أصبحت السيادة المصرية علي سيناء ناقصة وغير مكتملة وأيضاً إعطاؤه الفرصة بمؤتمره الفضيحة مع قوي الإسلام السياسي بشأن سد النهضة لأن تتجرأ إثيوبيا علي مصر وتعلن بناء السد رغم أنف الجميع، ومهما كانت المخاطر التي تحيط بمصر، لدرجة مطالبة الاتحاد الأفريقي بتجميد عضوية مصر لديه، وكذلك التوقيع علي اتفاقية عنتيبي بالإجماع وعدم ممانعة السودان في إقامة السد بل وتأكيدها أنه سيعود بالنفع عليها أيضاً، ومن ثم سقطت هيبة مصر بسبب حالها المتردي وسياستها الغوغاء التي تتبعها التي شجعت بقية دول حوض النيل علي إعلانهم لبناء السدود علي نهر النيل لأنهم أصبحوا يعلمون علم اليقين بأن التهديدات المصرية لن يكون لها أي أثر علي الدول الأفريقية. وأضاف أن هيبة مصر سقطت أيضاً بسبب الصراع الحالي بين دولتي جنوب أفريقيا وإثيوبيا لتولي زعامة القارة السمراء بعدما أهملها الجانب المصري، كذلك ضياع هيبة مصر لأننا لم نلاحظ أو نهتم بالمخططات الإسرائيلية، التي دارت ولا تزال في أفريقيا وإنما اهتمام مصر الأكبر بعد تولي مرسي أصبح التمكين والسيطرة وإعلاء مصلحة الجماعة والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين علي حساب مصلحة مصر، وضياع معني الوطن وهو خارج قاموس الرئيس وجماعته المحظورة. ويري ثروت الخرباوي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، أن محمد مرسي لم يضيع هيبة مصر فقط بل أصبح يهدد الأمن القومي لمصر، ويدلل علي ذلك بأول لقاء له مع إحدي القنوات العربية بعد عودته من إثيوبيا عندما سأله المذيع: هل سد إثيوبيا يهدد مصر ويسبب لها ضرراً، فأجابه بأنه لا يسبب أي ضرر علي الإطلاق، وهو ما يتواءم مع التصريحات التي أوردتها الصحف الإثيوبية علي لسان الحكومة الإثيوبية التي أكدت فيها تقاضي مرسي مليار دولار رشوة للموافقة علي بناء سد النهضة وتحدث الصحف تكذيب مرسي لها، وبالفعل لم يكذبها مرسي للآن، ولم يتم التحقيق والمساءلة مع مرسي واتخاذ الإجراءات المنوط بها حماية أمن مصر القومي. يدلل «الخرباوي» علي تهديد مرسي للأمن القومي لمصر، بتعمد مرسي بإذاعة اجتماع القوي السياسية والكلام عن أمور تخص الأمن القومي المصري علي الهواء مباشرة، وهي جريمة كان يفترض التحقيق فيها ومحاكمته وباكينام الشرقاوي، وهناك أيضاً عندما تم اختطاف الضباط الثلاثة وأمين الشرطة بمعرفة حماس ومؤامرة قتل ال 16 جندياً في رفح علي يد حماس والسلفية الجهادية، وبمؤامرة إخوانية، وقبل ذلك العفو عن جميع الإرهابيين والقتلة بمجرد توليه منصب الرئاسة، ومساعدتهم في الذهاب إلي سيناء وتحويلها إلي وكر من أوكار التطرف والإرهاب، كذلك سماحه ووقوفه أمام الجيش لمنع استكمال هدم الأنفاق ووأده للمقاومة الفلسطينية بوثيقة العار بين إسرائيل وحماس، وليبدأ ويستمر مسلسل بيع الدين والأرض وبثمن بخس بعدما باعت حماس والإخوان أنفسهم في الأول للشيطان!