" دولة العقرب" رواية جديدة لفؤاد قنديل، صدرت حديثاً عن الدار المصرية اللبنانية، فى 420 صفحة من القطع المتوسط.. وهى الرواية التاسعة عشر في مسيرة فؤاد قنديل الإبداعية والتي بدأت في منتصف الستينات ولا يزال عطاؤها يتواصل حتى هذه اللحظة، غلاف الرواية يعد أيقونة تشكيلية تنبئ بأجواء الرواية الكابوسية عما يجري فى سجن العقرب الشهير. حيث تدور أغلب أحداث الرواية، وحيث يكابد بطلها ناجي الورداني أنواع العذاب، وهو الكاتب الذي يقبض عليه قبل الثورة، ويخرج من السجن مع أحداث فتح السجون التي رافقت جمعة الغضب، وعندما يخرج يبحث عن حبيبته " ريم " العاملة في مجال المسرح وصاحبة المواقف الوطنية المستقلة. ولكنه يفاجأ باختفائها، ويدخل مرحلة جديدة من العذاب، حتى يعثر عليها فاقدة الوعى لاتشعر بالعالم من حولها، بعد أن تعرضت لحادث مدبر، وكان ناجي الورداني يعتقد أنها فى " التحرير" وسط الثوار، ويشهد فى بحثه عنها ومشاركته في بقية أحداث الثورة موقعة الجمل وما جرى فيها، وبعد أن عاين عملية فتح السجون من قبل مجهولين ركزوا فى عمليتهم على إخراج المسجونين الإسلاميين وهم يهتفون " الله أكبر" وبعضهم يتحدث بلهجة شامية. ناجي الورداني وريم، شهدا كل فعاليات الاحتجاج التى سبقت الثورة وشاركا فيها، وتختلف مصائرهما وتتناقض، وكل يحكى بتجربته جزءً مما مرت به مصر وأدى إلى الانفجار الكبير الذى حدث فى 25 يناير قبل أن يتم استغلاله من قبل فصيل إسلامى حاول مبكراً تجنيد كل الأحداث لصالحه، ولفترة طويلة بعد الثورة التى يرصد فؤاد قنديل تطوحات الحياة السياسية ووهجها ولحظات انطفائها، ويشكل الفصل الأخير الذي يحاول فيه ناجي الورداني إنقاذ ريم محاولة رمزية لما تمر به مصر عبر البطلة ريم حين تدخل سيارة إنقاذها نفقاً مظلماً تتكاثر فيه العقارب على سيارة الإسعاف، وتوشك ريم على الموت حين يظهر ضوء شحيح آخر النفق : ماذا أنت قائل لها إذا سألتك عما جرى للثورة؟ سأسألها وهل قامت فى مصر ثورة ؟!! منذ البداية، أى الإهداء يدخل فؤاد قنديل إلى ذلك العالم مباشرة، فالجملة الأولى في الإهداء تقول " إليها فقط وليس إلى سواها : الحرية " والإهداء يأتى على لسان بطل الرواية، ناجي الورداني، نزيل سجن العقرب، ويكمل في الإهداء نفسه محدداً نقطة ارتكاز العمل وغاية منتهاه وهدفه " إذا لم أكن حرًّا فكل نقطة دمٍ أوعَرَقٍ تراق من أجل أي عمل هباء.. وكل دقيقة أقضيها لإنجاز أي شيء بلا أية قيمة.. وكل حلم أحلمه, وأمل أرجوه ويتحقق لا جدوى من ورائه.. وكل مُنتج أيًّا كان نوعه سراب إلا إذا كان في سبيل الحرية.. الحرية.. السر الأول والمجهول للكون.. كثيرون لا يدركون أن كل حركة على الأرض كانت في الأصل سعيًا للحرية، حتى الرسالات السماوية والأرضية. لو لم أكن حرًّا فالحياة بلا أي معنى.. وكل من يستعبدني يومًا إلى زوال حتى لو كان أعتى الجبابرة.. كل الكائنات تسعى إلى الحرية حتى الديدان والبكتريا، إلا الآلاف من البشر الذين أرجو أن يتقبلوا ازدرائي.. أنا موجود فقط.. فقط... عندما أكون حرًّا "