خمسون عاماً بالتمام و»محبوبة« تبيع الصحف.. تحمل فوق رأسها صبيحة كل نهار مقالات لكتاب بعضهم احترف نفاق الأنظمة وراهنوا علي السلطة وآخرون اختاروا أن يحرسوا الأحلام ويقفوا في صف واحد مع الشعب.. باعت محبوبة صحفاً جادة وأخري صفراء علي مدار سنوات عمرها وكان مكسبها الحقيقي هم القراء الذين ارتبطت بهم وكان بعضهم يبوحون لها بمشاكلهم كان من الطبيعي مع الأيام ان تحصل محبوبة علي المال من القدر مقابل العمر الذي أهدرته وهي تبيع سلعتها لكن الأمر كان علي العكس فحينما أصبحت علي أعتاب الخامسة والثمانين من العمر اكتشفت انها بالكاد تملك ان تدفع عن نفسها مفاجآت الأيام وقد اضطرت بعد أيام من زواج ابنها في نفس الغرفة الوحيدة التي تقيم فيها ان ترحل بعد ان رأت نظرة الخجل في عيني العروسين وواجهت العديد من المفاجآت غير السعيدة فقد اختفت ابنتها منذ سنوات وباتت تفتش عنها حتي في الجرائد التي تبيعها لعلها تعثر علي أثر ولو في صفحات الحوادث.. انتقلت محبوبة للإقامة في كشك الجرائد الذي تمتلكه تستيقظ مبكراً لبيع البضاعة وحينما تغرب الشمس تنسحب الي الداخل حيث ما تبقي من صحف ومجلات تؤنس وحشتها بصور نجوم الأغلفة ومقالات الكتاب المشاهير الذين عاصرت سنوات عمرهم الأولي حينما كانوا كتاباً مغمورين قبل ان يصحوا كتاباً كباراً.. محبوبة مصابة الآن بعدد من أمراض أبرزها هشاشة في العظام وتراجعت عافيتها ولا مأوي سوي كشك قديم لا يقوي علي أن يحميها من حرارة الشمس وان كان هو ما يربطها بالوطن.