قالت دار الإفتاء المصرية، إن وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه (كاشف الغمة): هو من أوصافه الشرعية الصحيحة الثابتة لجنابه الشريف، ولا يعترض على ذلك بأن كاشف الغمة هو الله تعالى، لأن الله كاشفها خلقا وإيجادا، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كاشفها تسببا واكتسابا، ونسبة الشيء إلى سببه جائز في العقل واللغة والشرع، وقد جمع الله ذلك في قوله تعالى: ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾ [الأنفال: 17]؛ فأثبت الرمي لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم سببا وكسبا، ونفاه عنه خلقا وتأثيرا، وأثبت ذلك لنفسه سبحانه وتعالى. اقرأ أيضًا.. إطلاق لفظ السلام على آل بيت النبي وأصحابه أضافت الدار، أن هناك فارق بين اعتقاد الشيء سببا، واعتقاده خالقا ومؤثرا بنفسه؛ فإنه لا خالق ولا مؤثر في الكون على الحقيقة إلا الله سبحانه، والأسباب لا تثمر المسبباب بنفسها وإنما بخلق الله لها، وإضافة الأفعال إلى أسبابها صحيحة لغة وشرعا وعقلا، وما كان لله تعالى على جهة الخلق والتأثير جازت إضافته للمتسبب فيه على جهة السببية. أوضحت الدار، أنه قد نسب الله التوفي لنفسه فقال: ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾ [الزمر: 42]، ونسبه لرسله فقال: ﴿حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون﴾ [الأنعام: 61]، ونسب لنفسه الخلق والشفاء والإحياء والإنباء بالمغيبات، ونسب ذلك لعيسى عليه السلام؛ فقال على لسانه: ﴿أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين﴾ [آل عمران: 49]، ونسب الرزق لنفسه فقال: ﴿وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم﴾ [العنكبوت: 60]، ونسبه لعباده تسببا فقال: ﴿وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه﴾ [النساء: 8]. وتابعت الدار: ونسب لنفسه تفريج الكروب فقال: ﴿قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون﴾ [الأنعام: 64]، ونسبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمخلوقين؛ فقال: «من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة» متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.وتستوي في ذلك حياته الدنيوية وحياته البرزخية والأخروية صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باستغفاره لأمته في برزخه الشريف، فهو "كاشف الغمة" في حياته وبعد مماته؛ فقال: «حياتي خير لكم؛ تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم؛ تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم» أخرجه إسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم"، والحارث بن أبي أسامة والبزار في "مسنديهما"، والديلمي في "مسند الفردوس"، وصححه جمع غفير من الحفاظ؛ كالإمام النووي، وابن التين، والقرطبي، والقاضي عياض، والحافظ ابن حجر، والسيوطي في "الخصائص الكبرى"، والعلامة المناوي في "فيض القدير"، والملا القاري والعلامة الخفاجي في "شرح الشفا"، والعلامة الزرقاني في "شرح المواهب"، وقال الحافظ العراقي في "طرح التثريب": "إسناده جيد"، وقال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد": "ورجاله رجال الصحيح"، وألف السيد الحافظ عبد الله الغماري في تصحيحه رسالته "نهاية الآمال في شرح وتصحيح حديث عرض الأعمال". لمزيد من أخبار قسم دنيا ودين تابع alwafd.news