مشروعات الطاقة المتجددة تحقق الاستدامة التنموية فى عمان إذا كان لكل تاج درته الثمينة، فإن درة تاج الاقتصاد العمانى هى منطقة الدقم التى يمكن أن نشبهها فى هذا السياق بالدرة الضخمة والثمينة الخارجة من بحر العرب، وليس فى هذا القول أى مبالغة إذا ما أحسنا النظر إلى المستقبل وتجلياته السياسية والاقتصادية والتحولات التى تشهدها المنطقة والعالم. وتدرك القيادة العمانية حجم هذا المستقبل وأهميته، لذلك تعتنى بهذه المنطقة وتوفر لها كل الإمكانيات التى تحتاج لها من أجل أن تسهم فى النهوض بالاقتصاد العمانى، ومن أجل أن تكون منطقة اقتصادية مختلفة تأخذ بأسباب المشاريع الذكية التى تتجاوز الاستثمار التقليدى إلى الاستثمار الذكى، وإلى مشاريع فى مجال الطاقة الخضراء التى يقبل عليها العالم لبعدها عن أى مخاطر فى مجال التلوث أو إيذاء البيئة. ومؤخراً عقدت اللجنة الرئيسية لمنتدى الدقم الاقتصادى اجتماعها الأول برئاسة ذى يزن بن هيثم آل سعيد. ويهدف منتدى الدقم الاقتصادى إلى تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية والمقومات التى تتمتع بها منطقة الدقم وأهميتها من الناحية الاقتصادية. وهذا توقيت مهم للبدء فى التحضير لمنتدى عالمى يتم فيه التعريف أكثر بالدقم، وتكمن أهمية التوقيت بالنظر إلى التحولات التى تحدث فى العالم اليوم خاصة فى أوروبا، ليس فى شرقها فقط، ولكن فى غربها أيضاً، حيث تفكر الكثير من المشاريع العالمية فى البحث عن مناطق أكثر هدوءاً وأكثر استقراراً سياسياً وقادرة على الحصول على الطاقة دون الدخول فى دوامة التقلبات السياسية والعسكرية. وتسعى منطقة الدقم إلى جذب استثمارات كبرى ورؤوس أموال خارجية من أجل أن يتم استثمارها فى السلطنة بعد أن توفرت البنية التشريعية والبنية الأساسية والموانئ واللوجستيات التى تحتاج لها المشاريع، إضافة إلى ما يعرفه العالم عن الاستقرار السياسى فى سلطنة عمان، وهو أحد أهم متطلبات الاستثمار فى العالم. أما أهمية الدقم الاقتصادية فليست سردية عمانية فقط، إنما يدرك الإقليم والعالم أهميتها التى تنطلق من الموقع الجيوستراتيجى حيث تتوسط خطوط التجارة العالمية وبعيدة كثيراً عن المناطق الساخنة سياسياً فى الخليج العربى. ومثل هذا المنتدى عندما يظهر برؤية عالمية متقدمة يمكن أن يقدم الدقم للعالم بشكل مختلف وجديد ويسهم فى جذب استثمارات عالمية يمكن أن تكون فى هذه اللحظة التاريخية تبحث لها عن مكان أكثر استقراراً وعن مكان يقدم تسهيلات ويستطيع حماية المستثمرين من تحولات السياسة وتقلباتها. مشروع مصفاة الدقم يقترب من الانتهاء بنسبة 90,2% وفى سياق متصل، بلغت نسبة التقدم فى مشروع مصفاة الدقم والصناعات البترولية 90,2% حتى مارس الماضى، وهى نسبة كبيرة تنبئ بقرب انتهاء أحد أكبر المشاريع الاستثمارية بين دول مجلس التعاون الخليجى فى قطاع المصافى وقطاع البتروكيماويات. وقد صممت المصفاة لمعالجة النفط الخام لإنتاج شريحة واسعة من المشتقات النفطية، بوحدات تكسير وتفحيم هيدروكربونية تستخدم تقنيات متطورة، وذات جدوى اقتصادية عالية، مدعومة بتقنيات متقدمة ومرخصة من مؤسسات عالمية. وعند بدء عمليات تشغيل المصفاة ستبلغ الطاقة التكريرية 230 ألف برميل يومياً، وستعمل على إنتاج الديزل ووقود الطائرات، بالإضافة إلى النافثا وغاز البترول المسال بوصفها المنتجات الرئيسية للمصفاة. مشروعات تعزز استدامة مصادر الطاقة بسلطنة عمان تسعى سلطنة عمان إلى تحقيق الاستدامة التنموية عبر العديد من مشروعات الطاقة المتجددة، التى سيكون لها دور مهم وكبير فى دعم خطط التنويع الاقتصادى المنشود، فرؤية «عمان 2040» تستهدف توفير 20% من احتياجات البلاد من الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة، وذلك بحلول عام 2030، على أن ترتفع هذه النسبة إلى ما بين 35 و39% بحلول العام 2040، وهى رؤية طموحة تسعى إلى تنويع مصادر الطاقة والحفاظ على البيئة والحد من الانبعاثات الضارة، وذلك عبر الاهتمام بتنمية مشروعات الطاقة المتجددة فى مختلف محافظات السلطنة، وتعزيز إسهاماتها. ووفقاً لذلك، فإن السياسات العمانية الحديثة فى إنتاج الطاقة تعتمد على برامج تحقق الأهداف المعتمدة لتنويع مصادر الطاقة وزيادة حصة الطاقة المتجددة بما يتناسب مع خطط التنمية المستدامة لاستغلال مصادرها المتوافرة فى السلطنة. وتحظى محافظة ظفار بالعديد من هذه المشاريع، وعلى رأسها محطة ظفار لطاقة الرياح بمنطقة فتخيت بولاية شليم وجزر الحلانيات، التى تعد المحطة الأكبر لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح فى منطقة الخليج العربى بقدرة إنتاجية قدرها 50 ميجاواط على مساحة إجمالية قدرها 1900 هكتار بتكلفة بلغت 100 مليون دولار أمريكى، وهو المشروع الذى جاء نتيجة اتفاقية التطوير المشتركة بين حكومة السلطنة ممثلةً فى شركة كهرباء المناطق الريفية «تنوير» وحكومة أبوظبى ممثلة فى شركة أبوظبى لطاقة المستقبل «مصدر»، وهو مشروع واعد يتلاءم مع المحيط البيئى، ورعى عند تنفيذه جميع الجوانب الفنية والتوسعات المستقبلية، ما يجعله قفزة نوعية كبرى تحقق أهداف السلطنة ومساعيها لتوفير مصادر مستدامة من الطاقة. وهو ما يتوافق مع جهود السلطنة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، التى أقرتها مع باقى دول العالم، وسعت لإدماجها ضمن المرتكزات الرئيسية والأهداف لجميع خططها الخمسية التنموية ورؤيتها 2040، التى تعول عليها فى إحداث الفارق التنموى على المدى البعيد، وتعتمد البلاد فى سبيل تحقيقها تلك الغايات والأهداف على ما تملكه من قدرات طبيعية؛ كونها كثافة عالية للطاقة الشمسية، بجانب ما تملكه من شواطئ واسعة تمتلك القدرة على توليد الطاقة من الرياح، وهى قدرات نقطة تحول لتمكين الطاقة النظيفة المستدامة والتقليل من الانبعاثات الكربونية. فمحطة ظفار وغيرها من المشاريع التى أقامتها السلطنة أو تسعى إلى إقامتها تجسد مثالاً لإمكانات السلطنة فى مجال الطاقة المتجددة، وترفع الطموح الساعى لزيادة الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة فى أنشطتها، وتدعم خطط التنويع الاقتصادى. ارتفاع الاستثمار الأجنبى المباشر فى سلطنة عمان بنسبة 7,7% ارتفع حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى سلطنة عمان بنسبة 7,7 فى المائة ليصل حتى نهاية الربع الرابع من عام 2021م إلى 17 ملياراً و80 مليون ريال عمانى مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020م التى بلغ حجم الاستثمار الأجنبى فيها 15 ملياراً و860 مليون ريال عمانى. وأشارت الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطنى للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التدفقات فى الاستثمار الأجنبى المباشر بلغ حتى نهاية الربع الرابع من العام الماضى ملياراً و220 مليون ريال عمانى. وجاءت المملكة المتحدة فى صدارة الاستثمار الأجنبى المباشر فى سلطنة عمان حتى نهاية الربع الرابع من عام 2021م باستثمارات إجمالية بلغت قيمتها 7 مليارات و873 مليوناً و400 ألف ريال عمانى، تليها الولاياتالمتحدةالأمريكية بقيمة مليارين و220 مليوناً و900 ألف ريال عمانى، فى حين جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة فى المرتبة الثالثة بقيمة مليار و48 مليوناً و600 ألف ريال عمانى، تليها كل من دولة الكويت بقيمة 937 مليوناً و600 ألف ريال عمانى، والصين بقيمة 862 مليون ريال عمانى، ومملكة البحرين بقيمة 375 مليون ريال عمانى، ودولة قطر بقيمة 313 مليون ريال عمانى. وقد استحوذ قطاع نشاط استخراج النفط والغاز على النسبة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بقيمة 11 ملياراً و833 مليوناً و900 ألف ريال عمانى خلال عام 2021م محققاً نمواً بنسبة 15٫08 فى المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020م، وجاء قطاع الوساطة المالية فى المرتبة الثانية فى حجم الاستثمارات بقيمة بلغت ملياراً و446 مليوناً و500 ألف ريال عمانى مسجلاً انخفاضاً بنحو 1,81 فى المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020م. أما قطاع الصناعات التحويلية فقد جاء فى المرتبة الثالثة بقيمة مليار و395 مليوناً و900 ألف ريال عمانى، وقطاع الأنشطة العقارية بقيمة مليار و147 مليوناً و300 ألف ريال عمانى، والقطاعات الأخرى بقيمة مليار و256 مليوناً و900 ألف ريال عمانى، التى انخفض حجم الاستثمار الخارجى المباشر بها بنسبة 4,71 فى المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020م.
