3 أخبار وقعت على رؤوسنا يوم السبت الماضي دون أن ننتبه إلى عواقبها ، واندفعنا فقط وراء الاعتذار الإسرائيلي للشعب التركي عن حادث مقتل نشطاء السفينة مرمرة الذي وقع قبل ثلاث سنوات، دون أن نتوقف أمام المعلومة الخطيرة التي صدرت بالتزامن مع هذا الاعتذار والتي تفيد بأننا أمام «فخ» إسرائيلي أمريكي جديد يجر المنطقة إلى حرب جديدة وليس إلى مصالحة شرق أوسطية. المعلومة تقول إن رئيس اركان جيش الاحتلال الاسرائيلى بيني غانتس طالب حكومة بلاده بسرعة رفع درجة التأهب بالجيش، استعدادا لما وصفه بالخطر الكبير المحدق، وقال ان الوضع الان اختلف عن السابق فهناك عدة ألغام مزروعة تستوجب الحذر والاستعداد، وأن «المخاطر متزايدة وباتت اكبر من أي وقت مضى، ما ينذر بخطر تدهور سريع للاوضاع الامنية في منطقة الشرق الاوسط، وهو ما يتطلب معه رفع حالة التأهب القصوى أمام هذا الواقع الجديد». وتأتى دعوة غانتس برفع حالة التأهب العسكرى ، فى وقت تمر فيه العلاقات الاسرائيلية المصرية بتدهور كبير، بسبب ما تؤكده اسرائيل من وجود تهديدات ارهابية قادمة اليها من سيناء، وبعد ساعات أيضا من تعرض أحد عرب اسرائيل للاختطاف فى سيناء، وكان غانتس قد مهد من قبل لهذه التحركات عندما أعرب عن قلقه من تعاظم القوة العسكرية للدول المجاورة، وزعم أن منطقة الشرق الأوسط هي الأكثر تسلحا في العالم، وان اسرائيل هى المستهدفة من هذا التسلح، وأن اعداء اسرائيل يوجهون صواريخهم إلى أية نقطة في إسرائيل، بما في ذلك الأماكن الاستراتيجية التي تقوم بإمداد إسرائيل بالماء والكهرباء، وإن الحرب القادمة ستكون قصيرة الأجل، كما توقعت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي حدوث أزمة دولية هذا العام ستضرب بجذورها في المنطقة وستضع إسرائيل في مهب الريح وأمام امتحان صعب للغاية، وان سقوط النظام السورى الحالى سيكون احد اسباب تهديد اسرائيل. أعود وأقول: إذا ربطنا هذا التحرك الاسرائيلي الامريكي بما يجري في سوريا وانتقال الصراع إلى هضبة الجولان، وإذا ربطناه كذلك بالموقف الغربي من أحداث ليبيا واليمن ومالي وبما صدره موقع الخارجية الاسرائيلي مؤخرا من تصنيف دول المنطقة في حالة توجيه ضربة عسكرية لإيران، إذا وضعنا كل هذا أمامنا يتبين لنا مغزى المصالحة الاسرائيلية التركية برعاية أمريكية في هذا التوقيت. بالطبع مصر غارقة في مشاكلها الداخلية وعليها أن تختار في حالة نشوب حرب بالمنطقة ، ومع من ستقف أو «تصطف» حسب تعبير الخارجية الاسرائيلية، مع تل أبيب إرضاء للحليف الأمريكي أم مع طهران بحكم التوجهات الثورية الاسلامية؟ حقا إنها ورطة لنظام الإخوان الذي لن يقبل منه أن يقف موقف المتفرج وسط أجواء ملتهبة تعصف بالمنطقة. وتزداد أهمية هذا الحديث في ظل الحرب الخفية الدائرة الآن بين تل أبيب وواشنطن وطهران ، والمعروفة باسم «حرب السايبر»، وهى حرب تروج لها إسرائيل استنادا إلى أن الاونة الاخيرة شهدت توجيه ضربة سايبر ايرانية ضد أهداف امريكية، وأن عدد الاحداث التي تم رصدها تبين ضلوع ايران في هذا المجال، ففي العام 2011 نفذ هجومان على شركات موردة لبرامج حماية. وكانت أبرزها شركة (DigiNotar) من هولندا، حيث سرقت شهادات توثيق المواقع بما فيها في مجال (google.com) الذي يسمح باعادة توجيه خدمة البريد (gmail). واضر الهجوم بنحو 300 ألف حساب في ايران، وهناك هجومان آخران على مؤسسات مالية كبيرة في الولاياتالمتحدة وعلى حواسيب شركة النفط السعودية أرامكو والذي كان هجوما فتاكا على نحو خاص، حيث تضررت المعلومات التي كانت في 30 ألف حاسوب. وتطوير قدرات السايبر الايرانية والهجمات الاخيرة يشكل مصدر قلق للولايات المتحدة ، وبالطبع لاسرائيل أيضا. فنجاح الهجوم على حواسيب أرامكو يجب أن يكون باعثا على القلق، لان منظومات الدفاع العادية لا توفر حماية ضد التهديدات المركزة وغير المعروفة. والنشاط الايراني في مجال السايبر يستدعي من وجهة نظر اسرائيل وأمريكا تنظيما دفاعياً مناسبا. فالى جانب الدفاعات العمومية، مطلوب ايضا نشاط دفاعي يستند الى الاستخبارات. ومطالبة إسرائيل بأن تضع مجال السايبر الايراني في مكان عال في اهتمامها الاستخباري ونشاطها الاحباطي. ويبقى السؤال: إلى متي ستظل مصر غارقة في مشاكلها الداخلية وغافلة عن المؤامرات التي تحاك على حدودها؟ ألم يحن الوقت لمصالحة وطنية تعيد لمصر ثورتها وهيبتها في المنطقة؟ أتمنى أن نفيق قبل فوات الأوان.