«النهضة إبادة للبورصة» هذا هو أدق وصف لسوق المال منذ سيطرت الإخوان علي مقاليد الحكم، ومن وقت تولي إدارة البلاد والبورصة لم تر خيراً، وباتت صناعة سوق المال مهددة بالانهيار تماماً في ظل تعرض العديد من شركات السمسرة إلي الإفلاس وفقدان المتعاملين بالسوق إلي 90% من محافظهم الاستثمارية. بصورة عامة المشهد صار ملبداً بالضباب ولا يدعو إلي التفاؤل في ظل الإدارة العشوائية للحكومة بالنسبة للملف الاقتصادي، بالامس القريب بدأ مخطط تطفيش كبار رجال الأعمال والشركات الكبري وفي مقدمتها شركة أوراسكوم للإنشاء وإحالتها إلي النيابة بتهمة التهرب الضريبي في صفقة «لافارج».. واليوم اكتمل المشهد بمسلسل تطفيش كبار المتعاملين بالبورصة، والذين يمتلكون حصصاً في العديد من الشركات المقيدة بالسوق عقب قرار النائب العام بالتحفظ علي أموال 23 مستثمراً عربياً ومصرياً للتربح والكسب غير المشروع في صفقة البنك الوطني والتلاعب بالبورصة، خاصة أن القائمة تضم رجال أعمال سعوديين وعرب من العيار الثقيل ومنهم عبدالرحمن الشربتلي وحسن الشربتلي ملاك سيتي ستارز وأصحاب وسلمان أبانمي ويحملون الجنسية السعودية. المراقب لقائمة الاسماء يتبين أن مجموعة كبيرة تعد من العيار الثقيل الذين يمتلكون حصصاً وأسهماً تتجاوز 20 مليار جنيه وكذلك محافظ استثمارية تتجاوز المليارين ونصف المليار جنيه، وفي مقدمتهم الشربتلي والسويدي وأبانمي بخلاف الاستثمارات المباشرة لهم في السوق المحلي.. ومن المساهمات الشربتلي في كل من شركتي جولدن بيراميدز وجنوب الوادي للأسمنت، وعيسي حماد عليش رئيس مجلس إدارة الخدمات الملاحية والبترولية «ماريدايف»، وهاشم حسين عطا غنيم النعيم القابضة للاستثمارات وبيراميدز كابيتال لتداول الأوراق المالية وسليمان عبدالمحسن في شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار «سوديك». سألت عوني عبدالعزيز رئيس شعبة الأوراق المالية بالغرف التجارية عن موقف السوق في ظل التصعيد المستمر ضد رجال الأعمال والمستثمرين بالبورصة؟.. أجابني قائلاً: «إن المشهد في سوق المال والاستثمار بصورة عامة لا يسر عدواً ولا حبيباً، ومنذ اندلاع الثورة والسوق والمستثمريون يدفعون الثمن». صناعة السمسرة التي تضم أكثر من 30 ألف عامل وموظف سيكون مصيرهم طابور البطالة وبالتالي زيادة أعباء جديدة علي الدولة «وفقاً لعبدالعزيز». «سيكون تأثيراً علي الشركات المدرجة أقل من تداعياتها علي الاقتصاد والاستثمار إذ يعطي انطباعاً سلبياً للاستثمارات الجديدة وتطفيشاً للاستثمار الحالي سواء العربي أو الأجنبي».. يقول عمرو صابر المتخصص في مجال الاستثمار إنه يجب دراسة المحاكمات والهدف منها، ففي ملف أوراسكوم للإنشاء فقدت الأسهم من قيمتها السوقية أكثر من 14 مليار جنيه وهي القيمة التي تريد الحكومة تحصليها من أوراسكوم. ربما القرار يعد إيجابياً للاستثمار، إذ إن العديد من الأسواق الكبري مثل السوق الأمريكي يذخر بمثل هذه المواقف والمخالفات - علي حد تعبير هاني حلمي خبير أسواق المال - إذ إن التأثير سيكون لاحظياً علي السوق وإنما علي المدي البعيد يعطي المستثمرين انطباعاً جيداً بعدم تعرض أموالهم للخطر أو الضياع. المخاوف تزيد يوماً عن الآخر بالنسبة من حملة أسهم الشركات المدرجة بالسوق - علي حد تعبير وائل أمين خبير أسواق المال - إذ إن مثل هذه تسبب عدم ثقة في الاستثمارات الوطنية، كما أن إرساء القواعد والقوانين يعمل علي توفير عناصر المناخ الاقتصادي والاستثماري الجاذب للاستثمار الأجنبي، ويشجع المستثمر الوطني علي تعزيز استثماراته في الداخل، لتوفير مزيد من فرص العمل والحد من معدلات الفقر والبطالة. «لابد أن نفرق أولاً بين القضايا الجنائية التي لا يمكن التصالح فيها، وغيرها من القضايا المالية التي من الممكن إيجاد حلولا لها للتصالح».. هكذا عبر صلاح حيدر - المحلل المالي - فإذا كانت تتوافر فيها عدم التعمد، يمكن وضع خريطة واضحة للتصالح مع رجال معتمداً علي عدة معايير، ومنها أن يكون مبدأ التصالح متاحاً أمام رجال الأعمال ممن لم تثبت عليهم تهمة الفساد المالي أو الجنائي، وهو ما يترتب عليه خلق بيئة استثمارية جيدة قوامها إعمال القانون وتطبيقه علي الجميع.