نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    بحضور السيسي، الداخلية تحتفل بتخريج دفعة من كلية الشرطة، اليوم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 29 سبتمبر    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 29 سبتمبر    قفزة في سعر الكتكوت.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    جيش الاحتلال: دمرنا قاذفات صواريخ لحزب الله كانت موجهة نحو إسرائيل    إسرائيل تمهد لعمل بري في لبنان، وإيران تطالب بإدانة "العدوان الإرهابي"    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    كتابة الاسم العلمي للدواء يقلل المشكلات الطبية.. تفاصيل    مسؤول أمريكي: إسرائيل على وشك تنفيذ عمليات صغيرة النطاق في لبنان    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 29-9-2024    مصرع شخص صدمته سيارة نقل في سوهاج    بعد اعتذارها.. شقيق شيرين عبد الوهاب يرد عليها: «إنتي أمي وتاج رأسي»    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    وزير الخارجية يوجه بسرعة إنهاء الإجراءات لاسترداد القطع الآثرية من الخارج    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 29-9-2024 مع بداية التعاملات الصباحية    أحدث استطلاعات الرأي: ترامب وهاريس متعادلان    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    لصحة أفراد أسرتك، وصفات طبيعية لتعطير البيت    أصالة ل ريهام عبدالغور: انتي وفيّه بزمن فيه الوفا وين نلاقيه.. ما القصة؟    شريف عبد الفضيل: «الغرور والاستهتار» وراء خسارة الأهلي السوبر الإفريقي    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    «الأهلاوية قاعدين مستنينك دلوقتي».. عمرو أديب يوجه رسالة ل ناصر منسي (فيديو)    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    رئيس موازنة النواب: نسب الفقر لم تنخفض رغم ضخ المليارات!    الفيفا يعلن عن المدن التي ستستضيف نهائيات كأس العالم للأندية    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    أحدث ظهور ل يوسف الشريف في مباراة الأهلي والزمالك (صورة)    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    الجيش السوداني يواصل عملياته لليوم الثالث.. ومصدر عسكري ل«الشروق»: تقدم كبير في العاصمة المثلثة واستمرار معارك مصفاه الجيلي    سحر مؤمن زكريا يصل إلي النائب العام.. القصة الكاملة من «تُرب البساتين» للأزهر    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    في عطلة الصاغة.. تعرف على أسعار الذهب الآن وعيار 21 اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    قفزة كبيرة في سعر طن الحديد الاستثمارى وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد فرحات: الشاعر يبتعد من خلال التباسه بالراوى عن السكونية المعتادة فى النص التقليدي
ملامح ظل محمد الشحات فى ندوة نقدية بالمركز الدولى للكتاب
نشر في الوفد يوم 26 - 02 - 2022

مصطفى عطية: شعرية الشاعر على قدر انغماسها فى الذات ولكنه انغماس متوحد مع آلام الوطن والأمة
صبرى أبوحسين: الملامح فى هذا الديوان تشمل كل حياة الشاعر
عصام محمود الديوان تجسيد لشعرية الذات والآخر
رضا عطية: إحدى التجارب فى شعر التفعيلة تعمل توازنًا ما بين آليات النوع الشعرى والتعبير عن هموم الذات
التف خمسة من نقاد الأدب حول ظل الشاعر محمد الشحات فى ندوة نقدية بالمركز الدولى للكتاب بالهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة د. هيثم الحاج لمناقشة ديوان «ملامح ظلي» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب مؤخرًا، والنقاد الخمسة هم د. أحمد فرحات الناقد الأدبى وأستاذ الأدب والنقد بكلية الفارابى بجدة، د. مصطفى عطية جمعة أستاذ محاضر بكلية التربية الأساسية قسم اللغة العربية، بالهيئة العامة للتعليم التطبيقى والتدريب، بدولة الكويت، د. صبرى أبو حسين أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالزقازيق، د. عصام محمود أستاذ الأدب والنقد كلية الآداب جامعة حلوان وقام بإدارة المناقشة وشارك فيها الناقد الأدبى د. رضا عطية.
قدم الندوة الناقد الأدبى د. رضا عطية فقال: فى ديوان ملامح ظلى للشاعر محمد الشحات تتبدى حضورات الظل باعتباره تمثيلًا للذات تمثلًا متنوعًا للشخصية، ويتبدى فى خطاب محمد الشحات الشعرى هذ الانشطار الذاتى أو هذه الحضورات المتعددة والمتمايزة للذات ومراوحة الشخصية بين تماصرات الذات المتعددة الممثلة فى حضورات الظل وتجليات الظل وهو إحدى التجارب فى شعر التفعيلة التى تحاول أن تعمل توازنًا ما بين آليات النوع الشعرى من حيث استثمار متاحات النوع التفعيلى وما بين التعبير عن هموم الذات عبر الخطاب الشعرى
البنية السردية فى ملامح ظلي.
كان د. أحمد فرحات هو أول من بدأ الحديث بدراسته عن الديوان فقال تتشكل نواة البنية السردية فى ديوان ملامح ظلى لمحمد الشحات من خلال تبنى خاصية التجريب الذى ينفى الحدود الفاصلة بين الأنواع، التجريب فى اللغة والتركيز على مستوى الدلالات اللغوية والتجريب المعتمد على العمل الواحد بوصفه سياقًا متحدًا، وإن تعددت تقسيماته الموضوعية وغيرها. والمتأمل فى شعر محمد الشحات من خلال ديوانه عبر متوالية قصائد «ملامح ظلي» يمكن أن يلمح الموقف السردى فى النص الشعرى وتأثيره بصفة لافتة بموقف الشاعر من لغته وتراثه ومحيطه الحضارى وإرثه الثقافى العام والخاص، وأدواته الفنية واستيعابه تقنيات الفنون المعاصرة والقديمة فى آن واحد من مسرح وسينما وفنون قولية وأخرى غير قولية، تعين الشاعر ليستوعب السرد الشعرى. فيقول: أعلن ظلى رغبته/فى أن يخرج منفردًا/ كنت أحاول أن أثنيه/ وحين تمسك/غادرت/ تركت له خارطة طريق/ وبقايا ضوء/ وجلست على مقربة كى أرقبه/ أوقفه الشرطي/ وأجلسه/ كى يتفحص أوراق هويته.
ففى المقطع الشعرى السابق نلحظ ترديد المكون السردى فى الأسطر الشعرية عبر جديلة الراوى الداخلى والراوى الأصلى، فالراوى الأصلي/الذات الشاعرة ينسلخ منها راو داخلى آخر يتجاذب معه أطراف الحديث ويعلن عبر محاورة الظل أو الذات لنكتشف عالم الشاعر الرحب. وأن الظل يخالف الأصل ولا يشبهه، فهما على النقيض، يرى الأصل ما لا يراه الظل، ودائمًا يختفى الظل مع السحب، وضوء الشمس، وفوق الموج... فالأصل قانع راض مستقر أما الظل فمنطلق حر يهوى الحركة والانطلاق فى الفضاء.
الشاعر يبتعد عن السكونية المعتادة
يتسم ديوان «ملامح ظلي» بوجود الراوى الداخلى دائمًا فى النص الشعرى وهذه حالة تبدو ذات حركة فاعلة فى دلالة النص، والتراكيب السردية التى تسهم بقدر كبير فى صوغ هذه الحركة. الشاعر يبتعد من خلال التباسه بالراوى عن السكونية المعتادة فى النص التقليدى ويحرك النص بصورة جادة تبدو من خلال حركة الراوى المتجهة إلى الانطلاق والحرية والتعبير عن الحال.
أوقفنى مصباح الشارع/ كيما أعبر وحدي/رفض مرور الظل/ ورفع لوجهى قائمة/ تجبره كى يوقفه/فلقد خرج الظل/ عن المألوف/ افتعل الظل مشاكسة/ وحاول أن يخنقه/لاحت فى الأفق هزيمته/ فأعلن ظلي/ رغبته كى يستسلم/ ويعود/ من حيث أتى.
ويبدو بجلاء أن المكون السردى فى النص الشعري- وهو سلسلة من التحولات والأحداث والمواقف- ليس سوى تدعيم يرسخ به الشاعر بنية نصه الشعرى التركيبية والدلالية وهذا ما يسمح بتخصيص الخطاب وتحديده.
أما المرتكز الذى تعتمد عليه البنية السردية فى النص فتتمثل فى البنية الحكائية وتقنيات السرد، مع الحوار القائم بين الشخصيات، وهو حوار يستفاد منه فى تلوين الخطاب، واستثماره اختلاف الضمائر فى التعبير عن تجربته الشعورية، كذلك تضخيم بعض الأمور والأحداث، والتفاصيل التى تخدم موضوع النص لخلق التأزم الدرامى. ومن هذه الأمور السردية أيضًا التساؤل والاستفهام، القلق الروحى، والكبت، الشعور بالظلم والضياع والقهر، الثورة والرفض، الأمل والحرية. وتبدو هذه السمات فى قوله عن الظل: أوقفه الشرطى وأجلسه/ كى يتفحص أوراق هويته/ من أين أتيت؟/وكيف خرجت؟/ لا يمكنك التجوال بمفردك/وكبله/ أدخله فى قلب الظلمة/كى يحبسه.
رؤية غاية فى الفرادة
وقال د. مصطفى عطية جمعة من عنوان الديوان ومن خلال القصيدة الأولى فيه، نجد رؤية غاية فى الفرادة، وتمثل إضافة إبداعية نوعية، حيث سعى الشاعر إلى أنسنة الظل، ومن ثم فصله عن ذاته، وبدلًا من أن يكون الظل تابعًا للذات الشاعرة فى تنقلاتها، ويبدو فى عينيها عندما يكون الجسد تحت ضوء الشمس، أو فى معية أضواء المصابيح، فإن الظل صار ذاتا مستقلة، يحاورها الشاعر، ويجاورها، ويصارعها، ويتلقى الصفعات منها، بل إن الظل بات رقيبًا على الذات الشاعرة، يحاسبها على تصرفاتها، بل ويسابقها أينما ذهبت، لندرك أنها حوارية الذات مع نفسها، فما الظل إلا صورة أخرى للذات، ولكنها باهتة نوعًا ما، إلا أنها فى القصيدة ساطعة بقوة.
وتستمر هذه الثنائية، فالذات فى قصيدة «مصالحة» منشطرة، لتكون ذاتين، كاملتى الجسم، والروح والإرادة، فى دلالة على رغبة الذات الشاعرة فى حوار نفسها، وهى الثنائية التى نراها فى قصيدة «هل مررت من هنا»، حيث تنفصل الذات، وتعيد محاورة نفسها، وربما هذا ما دفع الذات الشاعرة إلى التماس الحقيقة، من خلال رحلة صوفية، تتردد صداها فى قصيدة «لن تفروا منه»، وقصيدة «ملجأ يحتوينا»، التى تلجأ فيها الذات إلى المسجد، تناجى الرب، بدعاء وصفاء.
وأضاف د. مصطفى ومن الملامح الفنية البديعة، ما نراه فى توظيف الشاعر بنية السيناريو ببراعة فى قصيدة «مشاهد من رحلة لم تنته»، واستخدام ضمائر المتكلم ليعود بنا فى الطفولة كما فى قصيدة «مرح طفولي»، وضمير الخطاب مخاطبًا به النهر، وأيضًا ذاته المتأملة فى قصيدة «وصية للنهر»، التى تتحول إلى علاقة حميمة مع النهر ذاته تبدو جلية فى قصيدة «حزن للنهر»، فالنهر يتأنسن، وينظر لوجه الذات الشاعرة حزينًا، ويواصل تدفقه فى صمت، إنه حزين حزن البلاد والتراب والناس.
واختتم حديثه بقوله إن شعرية محمد الشحات على قدر انغماسها فى الذات، ولكنه انغماس متوحد مع آلام الوطن والأمة، وأحوال النهر والعباد، وهو شاعر راسخ القدم، يجيد توظيف عشرات التقنيات الشعرية، ما بين دراما وسرد، وصورة ورمز، ومفردة وتركيب، فى خطاب شعرى، واضح غير ملغز، جمالى غير مباشر، شفاف غير غامض.
تفكيك العنوان الرئيس فى الديوان
فيما تناولت ورقة د. صبرى فوزى أبوحسين أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات، بجامعة الأزهر حول تفكيك العنوان الرئيس فى ديوان (ملامح ظلي)، حيث أشار إلى أنه بات معروفًا نقديًّا أن العنوان الرئيس عتبة رئيسة فى قراءة أى عمل أدبى حداثى، وأن المبدع المعاصر يَقصِد إلى إبداعه قصدًا، وأنه يتأنَّق فى إخراجه، ويجعله ذا حُمولات عاطفية ومعرفية وفنية مكثفة، وأنه يكاد يكون العبارة المفتاح إلى الديوان، وأحيانًا لا نستطيع قراءة تجارب من الديوان وتأويلها إلا عبر المرور من محطة العنوان الرئيس!، وهذا ما أحسست به عند مطالعتى ديوان(ملامح ظلي) للشاعر المخضرم محمد الشحات ومفاتشتى إياه. ذلكم الشاعر السبعينى العمر، السبعينى الإبداع، و(ملامح ظلي) يمثل ديوانه الطازج، الصادر عن (الهيئة المصرية العامة للكتاب) سنة 2022م، وهو الديوان الثانى والعشرون!
ويضف د. صبرى وهو ديوان يرى مَنْ عَرَّفُوا به أن قصائده تنتمى إلى مرحلة (ما بعد الحداثة)! وفيه اثنتان وأربعون تجربة تفعيلية النسق العروضى، ومتنوعة المضمون، وتكاد تكون مقاطع من سيرة مبدعنا الذاتية، وتسجل مشاهد من واقعه المُعاش والمُتَخيَّل، وفى بعضها تناص مع ثقافته الدينية والشعرية!
وأرى أنه إذا كان الشاعر قد أبدع قصيدة بعنوان (خماسية للحياة) فإننى بعد قراءة أولى عجلى أحس بحضور خماسية فنية مهيمنة فى إبداع تجاربه، وهي: (التفعيل، والسرد، والترميز، والانفعالية، والتخييل)، التى تمثل- فى نظري- مخططًا أمثل لمقاربة هذا الديوان، وهى خماسية تحتاج مجهودًا عقليًا كبيرًا: قرائيًّا، وتنظيريًّا وتحليليًّا، وتأويليًّا، ولكننى هنا فى هذا المقالة سأقتصر على تفكيك التقنية الفنية الأولى فيه، وهى (العنوان الرئيس) عن طريق تحليل علاماتى ذاتى حر!
جاء عنوان الديوان (ملامح ظلي) تركيبًا إضافيًّا، مكونًا من كلمتين، هاك تفكيكًا لهما مفردتين، ثم تفكيكًا لهما مضافتين، عبر متابعة لفظتى العنوان {ملامح/ ظل، والتحاور معهما، وتتبع حركتهما فى المتن الشعرى لتجارب الديوان}.
لفظ الملامح والدلالة الحسية
ويكمل حديثة بقولة فلفظة (ملامح) فى
الديوان، (الملامح) دالًاّ حِسِّيًّا ففى قصيدة (مشاكسات لا تنتهي) نجد لفظة (الملامح) ما زالت فى معناها الحسى، وهو ما يظهر من أوصاف الوجه ومن مظهر الإنسان، سواءً أكانت محاسن أو مساوئ، لكنها أسندت إلى الشاعر، حيث يوصى النادل الشاعر: {ألا يخفى فيضَ مشاعرهِ/ إذ ما طفحَ بداخله الشوقُ/ وأخبرهُ/ بأن تجاعيدَ الزمنِ/ قد امتلكت كلَّ ملامحهِ/ وأن مداومةَ العشقِ ستنجيه ومن القصيدة نفسها: رفع لواءَ الغضبِ/ اشتاط وزمجرَ/ حين انعكسَتْ صورتهُ فى المرآةِ/ وكان الشيبُ يُغطى كلَّ الرأسِ/ وفوق ملامحهِ/ خطوطٌ لم يعهدْها}.
وأضاف د. صبرى الملامح دالًّا فاعلًا ثمينًا فى الديوان المبحوث قصيدة كورونية بعنوان (اقتلع الطاعون)، ونجد فيها للَّفظة بعدًا آخر خاصًّا بالحالة الوبائية التى يعيشها إنسان الفترة الحالية، حيث يحتاج أن يتذكر الأحباب ويتصل بهم قبل أن يفارقهم أو يفارقوه، يتذكر (ملامحهم)، لما لها من قيمة، ولما لها من مكانة! يقول: {فلتحبسْ فى رئتيكَ/ هواءً/ لن تعهدَه حين تغادرُ/ دعْ كلَّ معارفِك/ وحاول/ أن تحملَ فى عينيكَ/ ملامحَ طفليكَ/ ووجهَ أبيكَ/ استعطافَ أخيكَ/ لإخفاءِ شقاوتهِ/ ومنازلةِ الأصحابِ/ لكى تبهرها}.
ويشير إلى أن (الملامح) هويةً وطنيةً وحضاريةً: ومن قصيدة (البحث عن صفقتين) تأخذ (الملامح) بعدًا حضاريًّا، فتكون رمزًا للهوية، ومعادلًا موضوعيًا لثوابت الوطن والأمة! و(الملامح) دالًاّ عامًّا وفى قصيدة (الخروج من جلباب أبي) نجد (الملامح)- بمفهوم عام: حسى ومعنوى، وهوالمعبر عنه مُعجَميًّا ب(المَشابِه)، وذلك بفعل صراع الأجيال: الأب والابن- حاضرة فى هذا النص، حيث يقول: {ولا أعرفُ كيف أفرقُ أنفاسى عن أنفاسكَ/ رجرجنى خوفى حين نظرتُ إليكَ/ ملامحك أراها تحلِّقُ فوقَ ملامحِ وجهي/ حين أراني/ تبهجك إشارات الأصحابِ بأنى جزء منكَ/ أوقفنى صوتُكَ/ فض الأحرازَ/ ودقق فى كل ملامحِ وجهي/ أربكنى}.
ويختتم ورقته البحثية بقولة وأرى أن (الملامح) فى هذا الديوان تشمل ذات الشاعر، وحياة الشاعر، وعلاقات الشاعر، وحركات الشاعر، ومواقف للشاعر، وروحانيات للشاعر، وعشيقات للشاعر، وتساؤلات الشاعر، وقرارات الشاعر، ومراجعات الشاعر، رؤى جاءت فى شكل مشاهد ومرئيات، ومن ثم غلب على التجارب السردية والمشهدية.
شعرية الذات والآخر فى ديوان ملامح ظلي
وعنون د. عصام محمود ورقته البحثية بعنوان شعرية الذات والآخر فى ديوان ملامح ظلى، حيث قال يمثل ديوان ملامح ظلى مرحلة مهمة من مراحل الإبداع الشعرى فى مشروع الشاعر محمد الشحات الذى يسعى من خلاله إلى إبراز سماته الفنية وملامح إبداعه الشعرى عبر مجموعة من الدواوين الشعرية المتنوعة التى طرحها والتى تم نشر بعضها وتجميع مجموعة منها فى سلسلة العمال الكاملة المكونة من أربعة أجزاء، ثم يأتى ديوان ملامح ظلى ليضع لبنة مهمة فى هذه السلسلة، وتقوم عملية قراءة هذا النص عبر عدة خطوات نقدية أولها العنوان ثم الإهداء، وتنطلق القراءة النقدية بعد ذلك نحو اكتشاف عالم الشحات الشعرى من خلال دراسة الصورة الفنية وتجلياتها عبر النصوص المختلفة فى الديوان الذى يحوى 43 قصيدة مختلفة
ملامح ظلى هو العنوان والعتبة الأولى التى يتجاوزها المتلقى، فهو أول ما يقابل المتلقى، والعنوان هو الواجهة الأولى التى يلقى المتلقى القارئ بها، فالعنوان كما يقول «لوى هويك» فى كتابه «سمة العنوان» هو: «مجموعة العلامات اللسانية، من كلمات وجمل، وحتى نصوص، قد تظهر على رأس النص لتدل عليه وتعينه، تشير لمحتواه الكلى، ولتجذب جمهوره المستهدف»، وله هدف واضح أنه «يخاطب به بصريًا وإشهاريًا الكثير من الناس، فيتلقونه؛ لينقلوه بدورهم إلى الآخرين، وبهذا فهم يسهمون فى دورته التواصلية والتداولية»، فالعنوان قناة تواصلية رئيسة بين الباث والمتلقى، كما يشير جيرار جينيت فى وظائف العنوان:، تسمية النص/ الكتاب تعيين مضمونه وضعه فى القيمة أو الاعتبار.
فتقع تسمية الديوان (ملامح ظلي) لتتم الوظيفة الأولى، وتحدد ولكن من بعيد الوظيفة الثانية والثالثة فلا يمكن تعيين مضمونه بدقة ومن ثم وضعه فى القيمة أو الاعتبار، وتكون مهمة المتلقى هنا محاولة استكناه الوظيفتين، والملاحظ على هذا الديوان (ملامح ظلي) أنه ديوان مكون من 44 قصيدة ليس فيها قصيدة واحدة تحمل عنوان الديوان (ملامح ظلي) بيد أن هناك قصيدتين محاوراتى مع ظلى، ملامح من الحياة اليومية.
ويضيف د. عصام وتشكل هاتان القصيدتان ملامح الديوان فتشكل العنوان من مفردتين مأخوذة من كل عنوان تلك القصيدين ظلى عنوان مكون من كلمتين معبرة عن شيئين الأول الظل، ومن ثم يكون العنوان (ظل- ي) فأضاف ياء النسب، تبدو فيه المخاتلة واضحة فهو لم يحدد فيه سوى الملامح وليس الصورة الكاملة والملمح يعطى إشارة عن المكان أو الشخص المعنى، «إن المرسل غالبًا ما يضع عنوان مرسلته بعد انتهائه منها وتشكلها عملًا مكتملًا، بمعنى أنه– إذ يضع العنوان/ يبدعه– واقع تحت تأثير العمل نفسه بشكل ما من الأشكال كأن المرسل يتلقى عمله ليتمكن من عنونته، غير أن هذا التلقى لا يستهدف إنتاج معنى العمل أو قواعد إنتاج هذا المعنى، كما هو الأمر فى تلقى المتلقى، إذ إن المرسل لا يتحرر– مطلقًا– من وظيفته كمرسل فى مواجهة عمله، ومن ثم لا يتمكن من الإفلات نهائيًا من مؤثرات عملية البث ومحفزاتها، بل ينضاف إليها العمل مؤثرًا ومحفزًا لإنتاج العنوان وهكذا يمتلك العنوان استقلاله الإبداعى من سيرورة مؤثرات عملية البث ومحفزاتها. ويمتلك كذلك علاقته بعمله بدخول هذا الأخير ضمن تلك المؤثرات والمحفزات».
ثم بضيف تأتى الوقفة الثانية مع الديوان من خلال الإهداء الذى يقول فيها الشاعر
إلى حروف الأبجدية التى تمر بقلوبنا فتخرج كلماتٍ متدفقة رقراقة كيما تصل إلى عقول وقلوب الآخرين.
لأن فيه لمحة رومانسية واضحة، فالربط بين الحروف/ رموز الكلمات والتعبيرات- والقلوب هو ربط رمزى جميل أكد ذلك باستخدامه للمجاز المرسل وعلاقته الكلية، وعاود ليؤكد ذلك فى ذكره (كلمات) ووصفها بالرقراقة فجعلها وكأنها كلمات تسيل منسابة تتساقط الحروف حرفًا حرفًا فى القلوب، وهنا نلاحظ تأكد الشاعر من أدواته اللغوية بحيث تبدو فيها القدرة على التعبير البلاغى الذى يتجلى فى صور المجاز دون أن يبدو عليها الافتعال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.